حكمة الشباب وحماس الشيوخآخر
الصفحة
MR-YAHIA71DZ13

  • المشاركات:
    142288
مشرف مطبوعات وصحافة وإعلام
مشرف شؤون تعليمية
مشرف التنمية البشرية
مشرف السياسة العربية والعالمية
مشرف علوم ومعلومات عامة
افضل عضو لهدا الشهر في منتدى العلوم الهندسية
MR-YAHIA71DZ13

مشرف مطبوعات وصحافة وإعلام
مشرف شؤون تعليمية
مشرف التنمية البشرية
مشرف السياسة العربية والعالمية
مشرف علوم ومعلومات عامة
افضل عضو لهدا الشهر في منتدى العلوم الهندسية
المشاركات: 142288
معدل المشاركات يوميا: 22.2
الأيام منذ الإنضمام: 6420
  • 16:50 - 2025/01/31


حكمة الشباب وحماس الشيوخ
فادي عبداللطيف


الشباب هم أحداث السن، قليلو المعرفة، فاقدو الخبرة، يمتازون بصفاء النفوس وصدق النوايا، يملؤهم الأمل ويحفِّزهم اليقين، لا تُعيقهم الصِّعاب، ولا يُحبطهم الفشل، يقفزون إلى المستقبل وهم يصنعون الحاضر، لا يعرفون المستحيل ولا تُعجزهم العثرات، يَغْبِطهم الناس ويُلهمهم النجاح، أفعالهم صدق، قلوبهم غِرَّة، لا يستهويهم النفاق، ولا يستمرئون المصانعة، يَحْدُوهم الفداء ولا تتجزأ لديهم التضحية، يفعلون ما يقولون، إرادتهم عزيمة وقوتهم شَكِيمة، إن دُعُوا استجابوا، وإن استُنْفِروا نفَروا، لا تُخيفهم العواقب ولا تُفزعهم النوائب، صُلُبٌ عند اللقاء، جُلُد عند الشدائد، دماؤهم مَعِين لا ينضُب، وولاؤهم فيضٌ لا ينفَد، يصارعون القِمَمَ فلا يتعبون، ويغزُون فلا يفرُّون، من نال ولاءهم ظفِر، ومن قادهم انتصر، وهؤلاء هم الذين وصفهم النبي عليه السلام، فيما رُوِيَ عنه حيث قال: ((أوصيكم بالشُّبَّان خيرًا؛ فإنهم أرقُّ أفئدة، إن الله بعثني بشيرًا ونذيرًا، فحالفني الشبان، وخالفني الشيوخ))[1].

هكذا هم الشباب، أو هكذا ينبغي أن يكونوا!

ولكبح جِماح الحماس لدى الشباب، وتحفيز التفكير لديهم، ينبغي أن يدرُسوا في العقائد والأفكار، ويروَّضوا على معالي الأمور والقيم، ويُثقَّفوا في حقائق التاريخ، وقواعد التغيير، وسنن المجتمعات؛ وذلك بغرض تحصيل النضج الفكري والنفسي، واكتساب المعارف والسجايا التي يحتاجونها لخَوضِ غمار الحياة، وليدركوا أن لا تناقضَ بين التضحية والتخطيط، وبين العنفوان والدَّهاء، وبين التوكل على الله والأخذ بالأسباب المادية، ولا تنافر بين الولاء والمساءلة، فالولاء للعقيدة، والمساءلة للأشخاص والكيانات، فلا قداسةَ إلا لنصوص الوحي، ولا عصمةَ إلا للنبي صلى الله عليه وسلم، وليتمكنوا كذلك من معالجة الأزمات، والتغلب على الصعاب بوصفهم الفردي والجماعي، كجزء من أُمَّةٍ يقع على عاتقهم إنهاضها، وتحريرها، وتوحيدها، والسير بها ومعها لاحتلال مركز القيادة والمكانة التي ارتضاها الله سبحانه وتعالى لها ولهم؛ حيث قال سبحانه: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾ [آل عمران: 110]، وبذلك يقومون بواجبهم تجاه أُمَّتِهم، لتتمكن بعدئذٍ من النهوض بواجبها تجاه البشرية جمعاءَ.

ولتقريب الصورة في هيئتها البشرية المؤيَّدة بالهَدْيِ النبوي، سنضرب مثلًا باختيار النبي عليه السلام لأول سفير للإسلام، حينما بايع سادة الأوس والخزرج بيعةَ العقبة الأولى، طلبوا من النبي عليه السلام أن يرسل معهم مَن يُعلِّمهم القرآن ويُفقِّههم في الدين، فأرسل معهم مصعبَ بن عمير رضي الله عنه.

روى ابن هشام في سيرته أن "أسعد بن زُرارة خرج به يومًا يريد دار بني عبدالأشهل ودار بني ظفر، فدخلا في حائط (بستان) من حوائط بني ظفر، وجلسا على بئر يُقال لها: بئر مرق، واجتمع إليهما رجال من المسلمين - وسعد بن معاذ وأسيد بن حضير سيدا قومهما من بني عبدالأشهل يومئذٍ على الشرك - فلما سمِعا بذلك قال سعد لأسيد: اذهب إلى هذين اللذين قد أتيا ليُسفِّها ضعفاءنا فازجُرهما، وانْهَهُما عن أن يأتيا دارَينا؛ فإن أسعد بن زرارة ابن خالتي، ولولا ذلك لَكفيتُك هذا، فأخذ أسيدٌ حربته وأقبل إليهما، فلما رآه أسعدُ، قال لمصعب: هذا سيد قومه، قد جاءك فاصدُقِ الله فيه، قال مصعب: إن يجلِسْ أُكلِّمه، وجاء أسيد فوقف عليهما مُتشتِّمًا، وقال: ما جاء بكما إلينا؟ تسفِّهان ضعفاءنا؟ اعتزلانا إن كانت لكما بأنفسكما حاجة، فقال له مصعب: أو تجلس فتسمع؟ فإن رضيت أمرًا قبِلته، وإن كرهته كُفَّ عنك ما تكره، فقال: أنصفت، ثم ركَز حربته وجلس، فكلمه مصعب بالإسلام، وتلا عليه القرآن، قال: فوالله لعرَفنا في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم، وفي إشراقه وتهلُّله، ثم قال: ما أحسن هذا وأجمله! كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدين؟ قالا له: تغتسل، وتطهر ثوبك، ثم تشهد شهادةَ الحق، ثم تصلي ركعتين، فقام واغتسل، وطهر ثوبه، وتشهَّد وصلى ركعتين، ثم قال: إن ورائي رجلًا إن تبِعكما لم يتخلف عنه أحد من قومه، وسأرشده إليكما الآن - سعد بن معاذ - ثم أخذ حربته، وانصرف إلى سعد في قومه، وهم جلوس في ناديهم، فقال سعد: أحلِف بالله لقد جاءكم بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم... ثم خرج إليهما... وقد قال أسعد بن زرارة لمصعب بن عمير: جاءك والله سيد من ورائه قومه، إن يتبعك لم يتخلف عنك منهم أحد، فقال مصعب لسعد بن معاذ: أو تقعد فتسمع؟ فإن رضيت أمرًا قبِلته، وإن كرِهته عزلنا عنك ما تكره، قال: قد أنصفت، ثم ركز حربته فجلس، فعرض عليه الإسلام، وقرأ عليه القرآن، قال: فعرفنا والله في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم، في إشراقه وتهلله، ثم قال: كيف تصنعون إذا أسلمتم؟ قالا: تغتسل، وتطهر ثوبك، ثم تشهد شهادة الحق، ثم تصلي ركعتين، ففعل ذلك، ثم أخذ حربته، فأقبل إلى نادي قومه، فلما رأوه قالوا: نحلف بالله لقد رجع بغير الوجه الذي ذهب به، فلما وقف عليهم قال: يا بني عبدالأشهل، كيف تعلمون أمري فيكم؟ قالوا: سيدنا وأفضلنا رأيًا، وأيمننا نقيبةً، قال: فإن كلام رجالكم ونسائكم عليَّ حرام حتى تؤمنوا بالله ورسوله، قالا: فوالله ما أمسى في دار بني عبدالأشهل رجل ولا امرأة إلا مسلمًا ومسلمة، ورجع أسعدُ ومصعبٌ إلى منزل أسعد بن زرارة، فأقام عنده يدعو الناس إلى الإسلام، حتى لم تبقَ دار من دور الأنصار إلا وفيها رجال ونساء مسلمون".[2]

وظاهرٌ في أداء مصعب وخطابه وضوحُ الهدف، وقوة الحُجَّة، والحِلْمُ والإنصاف، كما تتجلى في ردود فعله قوة الشخصية، والرَّوِيَّة، والبعد عن الانفعال والارتجال.

أما الشيوخ فكبيرو السن، فائضو المعرفة، متعددو الخبرة، عَرَكتهم الحياة وصَقَلتْهُم التجارِب، واستغرقتهم الهمومُ، وقلَّبتهم السنون، يقلِّبون الأمر على وجوه، ويُبصرون ما وراء الجدار، أحكمتهم دولة الأيام فعرَفوا بها الحال والمآل، صمتهم فِكْرٌ، وقولهم أمر، إن عاهدوا وفَّوا، وإن أشاروا صدقوا، أحلامهم نُهى، وعقولهم وضَّاءة، لا تُضِلُّهم العاطفة، ولا يُغريهم سحر الكلمات، دِرْعُهم الحَذَرُ، وسلاحهم الصبر، يترصَّدون الفرص ولا تُغريهم العَجَلَةُ، من فقدهم افتقر، ومن احتقرهم انقهر، هم بُغية كل عاقل، وملجأ كل حائر، إن حضروا أحكموا الأمر، وإن غابوا زاد الخطر، من مَلَكَ قلوبهم فاز، ومن شاركهم عقولهم امتاز، هم الذين أدناهم النبي عليه السلام ليعقِلوا عنه الوحي؛ حيث قال: ((لِيَلِني منكم أولو الأحلام والنُّهي، ثم الذين يلونهم))[3].

هكذا هم الشيوخ، أو هكذا ينبغي أن يكونوا!

ولإحياء الحماس وبعث الأمل لدى الشيوخ، والحد من إفراطهم في الفكر والجَزَعِ من ركوب الأخطار، وللتغلُّب على القلق والتردد لديهم، ينبغي أن يُنبَّهوا إلى متغيرات الحياة وأشكالها وقضاياها، وذلك بغرض وصل ما انقطع في حسِّهم من متابعة سير الحياة، وشؤون المجتمعات، وتناوب الأجيال، وما استجَدَّ من أوضاع محدَثة وتحديات ناشئة؛ لكي لا يقيسوا عليها مجريات الماضي، فيستحيل لديهم الممكن جدًّا محالًا أبدًا، وبذلك يُبعَث فيهم الأمل الواقعي بإمكانية التغيير مع الأخذ بأسبابه، لا سيما المتغير منها، فإنَّ بَعْثَ الأمل في وجدان من أحكمتهم الخبرة وعركتهم الحكمةُ، يسهِّل عندهم إحياء الهمة، وصناعة الرأي الرشيد والحكم السديد، وعندها يصطلح فيهم العقل والقلب؛ وتذكروا وصية نبي الله يعقوب عليه السلام لبَنِيه في قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87].

ولتقريب الصورة في هيئتها البشرية المتأسية بالهدي النبوي، سنضرب مثلًا بموقف أبي بكر الصديق رضي الله عنه، حين تصدى لأول وأعظم خطر واجهه الصحابة وحدهم بعد وفاة النبي عليه السلام.

يصوِّر لنا الموقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فيقول: "لما قُبِضَ النبي صلى الله عليه وسلم ارتدت العرب، وقالوا: لا نؤدي زكاة، فقال: لو منعوني عقالًا لجاهدتهم عليه، فقلت: يا خليفة رسول الله، تألَّفِ الناس، وارفُق بهم، فقال لي: أجبَّارٌ في الجاهلية وخوَّارٌ في الإسلام؟ إنه قد انقطع الوحي، وتم الدين، أينقُص وأنا حيٌّ؟[4] ويضيف عبدالله بن مسعود هذا الموقف جلاءً؛ حيث يصور حال الصحابة الكِرام حين خروج المرتدين والمتمردين، وموقف أبي بكر في هذا المقام العظيم، فيقول: "لقد قمنا بعد رسول الله مقامًا كِدنا نهلِك فيه، لولا أن منَّ الله علينا بأبي بكر، أجمعنا على ألَّا نقاتل... فعزم الله لأبي بكر على قتاله، فوالله ما رضِيَ منهم إلا بالخطة المخزية أو الحرب المحلية".[5]

هكذا يتجلى في موقف الصديق رضي الله عنه حماسُ الدين وصلابة الموقف، وقوة الحجة والنظر الثاقب، كما يتجلى في كلامه الحزم والعزم، وعدم الالتفات إلى آراء الرجال في أمر للدين فيه فصل المقال.

هكذا تكون حكمة الشباب وحماس الشيوخ اقتداءً بصناعة النبوة!

[1] أورده صاحب روح البيان في تفسيره، وأبو منصور الثعالبي في اللطائف والطرائف (ص250).

[2] الرواية ذكرها أيضًا ابن كثير والبيهقي.

[3] رواه مسلم.

[4] جامع الأصول لابن الأثير الجزري.

[5] فتوح البلدان للبلاذري.

0📊0👍0👏0👌
AINISSERIANO13

  • المشاركات:
    7941
مشرف مطبوعات وصحافة وإعلام
عضو فريق العمل
AINISSERIANO13

مشرف مطبوعات وصحافة وإعلام
عضو فريق العمل
المشاركات: 7941
معدل المشاركات يوميا: 1.3
الأيام منذ الإنضمام: 6229
  • 16:57 - 2025/01/31
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكر لك على المشاركة الرائعة والمميزة
♥ بارك الله فيك ♥
على كل ما تقدمه لهذا المنتدى
بانتظار القادم ان شاء الله
0📊0👍0👏0👌
الزير المغدور شخصيا

  • المشاركات: 70419
    نقاط التميز: 150378
أفضل عضو لشهر الماضي بمنتدى الشبكات الترفيهية
أفضل عضو بمنتدى سير الأنبياء وأعلام الامة
الزير المغدور شخصيا

أفضل عضو لشهر الماضي بمنتدى الشبكات الترفيهية
أفضل عضو بمنتدى سير الأنبياء وأعلام الامة
المشاركات: 70419
نقاط التميز: 150378
معدل المشاركات يوميا: 15.8
الأيام منذ الإنضمام: 4461
  • 18:07 - 2025/01/31
السلام عليكم ورحمه الله
موضوع في غايه الروعه ومميز
واصل تالقك في المنتدي ننتضر منك كل
جديد ومفيد لاتحرمنا من مواضيعك الجميله
بارك الله فيك وبجهودك
0📊0👍0👏0👌
أحساس غالي

  • المشاركات: 5913
    نقاط التميز: 7212
أفضل عضو بالمنتدى الإسلامي العام
أفضل عضو بمنتدى سير الأنبياء وأعلام الامة
عضو فريق العمل
أفضل عضو للشهر المنصرم بمنتدى اللغات واللهجات
أحساس غالي

أفضل عضو بالمنتدى الإسلامي العام
أفضل عضو بمنتدى سير الأنبياء وأعلام الامة
عضو فريق العمل
أفضل عضو للشهر المنصرم بمنتدى اللغات واللهجات
المشاركات: 5913
نقاط التميز: 7212
معدل المشاركات يوميا: 42.5
الأيام منذ الإنضمام: 139
  • 20:01 - 2025/01/31

إنَّ الحكمة التي ترافق الشيوخ بمثابة النور الذي يضيء دروب الحياة، بينما يبقى حماس الشباب هو وقود ذلك النور، مُمددًا الأمل لآفاقٍ لا نهاية لها. وبينما تتناثر صفحات الزمن بين الشباب والشيوخ، تُكتب فصولٌ من الحكمة المعقدة التي تُشكل الوجود الإنساني ذاته. ففي ثنايا كلمات الشيوخ تكمن الحِكم التي تهبُ الحياة طعماً مختلفًا، وفي عيون الشباب، تلمع شرارات الحماس التي قد تُغير مجرى التاريخ. ولكن، ماذا لو كانت هذه الفجوة بين الحكمة والحماس ليست سوى وهمٍ تفرضه أعيننا المحدودة؟ ماذا لو كانت الحكمة في الشباب والحماس في الشيوخ يكمنان في مكانٍ أعمق من مجرد العمر أو التجربة؟ في هذه المساحة، يُمكننا أن نلمس حقيقة الحياة التي تربط بين المتناقضات، تلك التي تقول لنا إنَّ الحكمة لا تأتي من طول العمر فحسب، وإنما من قدرة الإنسان على استيعاب العالم حوله، بينما يبقى الحماس سمة متجددة في كل مرحلة، يكمن سرُّه في قلب الإنسان الذي لا ينضب ولا يتوقف عن الغرق في آفاق جديدة.

قد يتساءل البعض، كيف للشباب الذين لم يتراكموا بعد في رحاب الزمن أن يمتلكوا حكمة؟ وهل يمكن أن نعتبر الحماس الذي يُنقش في أعمارهم المتجددة شابًا أم ربما يكمن في سطور من الماضي المستتر؟ إنَّ الحكمة في الشباب ليست إلا شجاعة الفكر، ورغبة التحدي، والقدرة على تكييف الواقع وفق معاييرهم، ما يدفعهم إلى التصدي لكل ما يعترض طريقهم، فيختبرون الحياة بطريقتهم الخاصة. هم الذين يملكون الشجاعة لتغيير ما اعتاد عليه غيرهم، هم من يسعون دائمًا وراء آفاقٍ جديدة وهم يحاولون أن يكونوا قادة في عالم قد يبدو للمُحبطين مستحيلاً. بينما تتجلى الحكمة في الشيوخ لا كمرجع نابع من امتلاك الحقيقة المثلى، وإنما كدليلٍ لمساراتهم التي شقّوها بأنفسهم، عندما عاشوا العثرات وفهموا من خلالها معنى القوة في الصبر، والطاقة في التواضع، وتلك القوة الساكنة التي تأتي من سعيهم المستمر نحو إكمال دورة الحياة.

لكن لعلَّ هذه الحكمة التي نتحدث عنها تكتسب جاذبيتها من تفاعلها مع حماس الشباب. فإنَّ الشيوخ لا يعارضون حماس الشباب، بل هم يشدون على أيديهم، ويدفعونهم إلى الأمام، لأنهم يدركون تماماً أنَّ هذا الحماس هو الذي يزرع الفروق في العالم. الحماس لا يأتي بمعزلٍ عن طموحٍ يسبق عقله، لكن الحكمة تُمثل تلك الفسحة التي تمنح هذا الطموح مساراته المستدامة. يتضافر كل منهما ليخلق في النهاية منظومة من الإبداع، حيث يستمد الشباب من حكمة الشيوخ أفقًا أوسع من الرؤية، فيستخدمونها كأساسٍ لبناء طموحاتهم التي تتحقق في واقع ملموس.

إذن، الفارق بين الحكمة والحماس ليس في الزمان، بل في توظيف الإنسان لطاقاته. وعندما تنصهر هاتان القوتان في نفس الفرد، تصبح الحياة ميدانًا رحبًا تتلاحق فيه التجارب، وتثريه رؤى الشباب وتلطفه تجارب الشيوخ. في النهاية، الحكمة لا تكون في عدد السنوات التي عاشها الإنسان، بل في قدرة الإنسان على امتلاك القوة الداخلية لرؤية الأمور بعين مختلفة؛ عين الشباب في حماستهم وعين الشيوخ في حكمتهم. كلاهما تكامل منسجم يجعل الحياة أكثر إشراقًا، وأكثر استعدادًا للأفق المجهول.

وفي الختام، أود أن أعبّر عن شكري العميق لهذا الكاتب المبدع الذي أضاء لنا هذه الفكرة اللامعة، التي دعونا نتأمل فيها بشكل أعمق. لقد استطاع بكلماته أن ينسج بين السطور أبعادًا من الحكمة والفهم الذي يفتح لنا آفاقًا جديدة للتفكير في العلاقة بين الأجيال. شكراً لك على هذا الطرح الرائع الذي يحمل من العبر والتأملات ما يستحق الإعجاب.

#حكمة_الشباب #حماس_الشيوخ #تفاعل_الأجيال

0📊0👍0👏0👌
ramiraji

  • المشاركات:
    412411
مشرف دردشة وفرفشة
مشرف التنمية البشرية
أفضل عضو لهذا الشهر في منتدى مجالس الأعضاء
أفضل عضو للشهر المنصرم بمنتدى مطبوعات وصحافة
ramiraji

مشرف دردشة وفرفشة
مشرف التنمية البشرية
أفضل عضو لهذا الشهر في منتدى مجالس الأعضاء
أفضل عضو للشهر المنصرم بمنتدى مطبوعات وصحافة
المشاركات: 412411
معدل المشاركات يوميا: 57.5
الأيام منذ الإنضمام: 7173
  • 00:56 - 2025/02/01
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موضوع رائع و هام يحتوي على معلومات قيمة و جميلة
بوركت يمينك التي نشرك و بيان فكرك الذي انتقى
بانتظار جديدك دوما
لك كل تحية و تقدير
0📊0👍0👏0👌
ILifeMyKaRaM

  • المشاركات:
    408010
مشرف المغتربون والهجرة
مشرف العلوم الهندسية
ILifeMyKaRaM

مشرف المغتربون والهجرة
مشرف العلوم الهندسية
المشاركات: 408010
معدل المشاركات يوميا: 254.8
الأيام منذ الإنضمام: 1601
  • 07:19 - 2025/02/01
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
معلومات رائع ومواضيع مميز وابداع التي قدمتها لنا
وتسلم الايادي التي ابداعت في هذا المشاركة
اتمنى لك التوفيق ولا تحرمنا من ابداعاتك وتميزك المتواصل
واتمنى ان تعم في كل ما هو جديد ومفيد للجميع ان شاء الله بانتظار جديدك الرائع والجميــــــل كوجـودك المتواصـل والجميـل معنا
تحياتـــي الحــار وجزاك الله خير وجعل عملك حسنة تانية لك بالتوفيق تسلم الايادي لتستفيد وتفيد اعاني الله مليون رد مشاركة
تسلم اليد لي رسمت مشاركاتك الرائعة
لك تقبل مروري المتواضع
0📊0👍0👏0👌
MIROU DTN

  • المشاركات: 567158
    نقاط التميز: 681264
عضو أساسي
MIROU DTN

عضو أساسي
المشاركات: 567158
نقاط التميز: 681264
معدل المشاركات يوميا: 522.2
الأيام منذ الإنضمام: 1086
  • 11:05 - 2025/02/01
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تسلــم الأيــــادي على الإنتقـــاء المميز والقيـــم
وبارك الله فيك على الطرح الرائـع وجزاك الله خيرا
لمـــا تقدمــــه من مجهــــودات طيبـــة .
واصل تميــــزك وتألقـــك ، في إنتظــــار جديـــدك
تحيـــــــاتي
0📊0👍0👏0👌

الرد على المواضيع متوفر للأعضاء فقط.

الرجاء الدخول بعضويتك أو التسجيل بعضوية جديدة.

  • إسم العضوية: 
  • الكلمة السرية: 

 حكمة الشباب وحماس الشيوخبداية
الصفحة