نجاحك قصتك أنت.. كيف تصنع معاييرك الخاصة بعيداً عن قيود المجتمع؟
تطوير وتنمية
مزن السفاريني
خطوات لبناء معاييرك الشخصية في النجاح
تخيّل أنك في سباق، لكن المسار الذي تسير عليه لم تختره بنفسك. العلامات حولك تخبرك بالاتجاه، والجمهور يشجعك، لكن في داخلك شيء يتساءل: "هل هذا حقاً طريقي؟" في عالم مليء بالقوالب الجاهزة للنجاح، كيف يمكنك أن تبتكر معاييرك الخاصة وتحدد خط النهاية الذي يشبهك؟ هذا المقال ليس مجرد كلمات، بل بوابة لفهم أعماقك، لتكتشف كيف تصنع نجاحاً يروي قصتك أنت، وليس قصة أحد آخر. فإن شعرت يوماً أنك تسير وفق قواعد وضعها الآخرون، وكأن نجاحك مرهون بمعايير لا تشبهك، اكتشف من خلال حديثنا مع الدكتورة آثار عثمان، الخبيرة في مجال التربية الذاتية وعلوم النفس بجامعة فيينا، كيف تصنع نجاحك الخاص وفقاً لمعاييرك الشخصية.
تحديد القيم التي يعتبرها الموظف جوهر حياته:
البوصلة الداخلية
القيم تعمل كبوصلة داخلية توجه الموظف نحو القرارات التي تعكس شخصيته وتحدد طريقة تعامله مع المواقف المهنية، مما يخلق وضوحاً في مساره. لتحديد هذه القيم، على الموظف أن يسأل نفسه: ما هي المبادئ التي لا أساوم عليها؟ قد تكون النزاهة، الإبداع، أو العمل الجماعي. كتابة قائمة بالقيم الأساسية تساعد في تحديد الأولويات وترسيخ أهداف مهنية تنسجم مع الذات.
تجربة واستكشاف
من خلال التجارب المتنوعة، يكتشف الموظف ما يلهمه ويشعره بالإنجاز، مما يساعده في تحديد القيم التي تمثل جوهره. القيم ليست ثابتة، بل قد تتطور مع الزمن والخبرات. على الموظف أن يخوض تجارب مختلفة ليتعرف إلى ما يثير شغفه وما يشعره بالرضا. هذه الرحلة قد تشمل العمل في مجالات متنوعة، التطوع، أو التعلم المستمر، حيث تسهم هذه الأنشطة في بلورة القيم التي تعتبر جزءاً جوهرياً من هويته المهنية.
التوازن الشخصي
القيم تظهر في السعي لتحقيق توازن صحي بين العمل والحياة، مما يعكس أهمية ما يعتبره الموظف ضرورياً لراحته وسعادته. فالقيم تتجلى بوضوح عندما نحاول تحقيق التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية. على سبيل المثال، إذا كانت العائلة أولوية قصوى، فإن القيمة الجوهرية قد تكون "الوقت مع الأسرة". من خلال مراقبة القرارات اليومية والتنازلات التي تُقدّم، يستطيع الموظف أن يحدد القيم التي تحتل مكانة مركزية في حياته.
مواجهة التحديات
التحديات تُظهر القيم بوضوح، حيث يجد الموظف نفسه متمسكاً بما يؤمن به حتى في أصعب المواقف. أحياناً تظهر القيم بوضوح أكبر في المواقف الصعبة. عندما يواجه الموظف ضغطاً لاتخاذ قرار يخالف مبادئه، تبرز القيم الحقيقية التي يؤمن بها. لهذا، من المهم أن يتأمل في هذه اللحظات ويتعلم منها لتحديد ما يعتبره أساساً لا يمكن التخلي عنه مهما كانت الظروف.
وضع أهداف ترتبط بالقيم:
وضوح الرؤية
الأهداف المستندة إلى القيم تمنح الموظف رؤية واضحة لمساره المهني، حيث يعكس كل هدف قيمة أساسية يؤمن بها، مما يخلق شعوراً بالاتجاه والمعنى في العمل. عندما تكون الأهداف مستوحاة من القيم، يصبح تحقيقها أكثر إشباعاً لأنها تعبر عن مبادئ الموظف وهويته الحقيقية. على سبيل المثال، إذا كانت النزاهة إحدى القيم، يمكن للموظف وضع هدف يتمثل في تعزيز الشفافية في عمله أو إنشاء آليات لضمان الامتثال الأخلاقي. هذه الأهداف لا تساعد فقط في بناء الثقة مع الزملاء، بل تضع الموظف على طريق احترافي يتماشى مع قناعاته الشخصية.
توجيه القرارات
عند تحديد أهداف متجذرة في القيم، تصبح القرارات المهنية أكثر انسجاماً مع الشخصية وتجنب التناقضات الداخلية. القيم مثل العمل الجماعي يمكن أن تقود إلى تحديد أهداف تشمل تحسين مهارات التواصل، أو بناء بيئة شاملة تعزز التعاون بين أعضاء الفريق. عندما تكون هذه القيم والأهداف جزءاً من يوميات العمل، يجد الموظف نفسه قادراً على اتخاذ قرارات أكثر حكمة وثباتاً، حيث إنه يعمل وفق إطار واضح ومتسق يعزز مكانته ويقوي علاقاته مع الآخرين.
تحفيز الأداء
الأهداف المستوحاة من القيم تكون مصدراً دائماً للتحفيز لأنها ترتبط مباشرة بما يجعل الموظف يشعر بالشغف والإنجاز. إذا كانت قيمة الإبداع محورية، فإن وضع أهداف مثل تطوير مشروع مبتكر أو تقديم حل جديد لتحدٍ قديم يمكن أن يحفز الموظف على تجاوز الحدود التقليدية لعمله. هذه الأهداف ليست مجرد مهام، بل هي خطوات لتجسيد القيم، مما يجعل العمل أكثر إمتاعاً ويعزز الأداء. عندما تتوافق الأهداف مع القيم، فإن تحقيقها يجلب شعوراً بالإنجاز الذي يغذي الدافع لمواصلة النمو والتقدم.
تحديد الأهداف الشخصية:
التأمل الذاتي
التعرف على أهدافك الشخصية يبدأ من رحلة داخلية لتحديد ما يهمك حقاً وما يجلب لك السعادة والرضا. اسأل نفسك: ما الذي يجعلك تشعر بالإنجاز؟ وما هي اللحظات التي شعرت فيها بأنك على الطريق الصحيح؟ يمكن أن يكون الهدف متعلقاً بتطوير الذات، مثل تعلم مهارة جديدة، أو السعي لتحقيق الاستقرار المالي، أو بناء علاقات قوية. التأمل في هذه الأسئلة يمنحك وضوحاً أكبر حول ما تريد تحقيقه في حياتك.
قد يهمك أيضاً الاطلاع على 6 أدوات وممارسات لمساعدتك في فهم شخصيتك
رسم صورة مستقبلية
لتحديد أهدافك الشخصية، تخيل الحياة التي ترغب في عيشها بعد 5 أو 10 سنوات. كيف ترى نفسك؟ ما هي الإنجازات التي تفخر بها؟ هذه الرؤية المستقبلية تساعد في رسم أهداف ملموسة مثل تأسيس مشروع، تحسين نمط الحياة، أو تحقيق توازن أفضل بين العمل والحياة. عندما تكون لديك صورة واضحة للمستقبل، يصبح من الأسهل تصميم أهداف تتماشى مع تلك الصورة وتحقق لك الرضا.
التوافق مع القيم
الأهداف الشخصية تكون أكثر قوة واستدامة عندما تتوافق مع قيمك الأساسية. إذا كانت القيم مثل الإبداع أو الاستقلالية محورية بالنسبة لك، فاجعل أهدافك تعكس ذلك. على سبيل المثال، إذا كنت تقدر الإبداع، فقد يكون هدفك إنشاء محتوى مبتكر أو تطوير فكرة جديدة. التوافق بين الأهداف والقيم يضمن أنك لن تشعر بالضغط لتحقيق شيء لا يعبر عن حقيقتك، بل ستشعر بالانسجام الداخلي والتحفيز لتحقيق تلك الأهداف.
كيفية التخلص من المقارنات الاجتماعية:
فهم الذات
التخلص من المقارنات الاجتماعية يبدأ بفهم ذاتك وقيمك الفريدة. عليك أن تدرك أن لكل شخص مساراً خاصاً في الحياة، وقوتك تكمن في هويتك الفريدة. عندما تتعمق في معرفة نقاط قوتك وضعفك وما يجعلك مميزاً، يصبح من الأسهل التركيز على تطوير نفسك بدلاً من مقارنة إنجازاتك بإنجازات الآخرين. هذا الفهم يمنحك الثقة لتقدير ما حققته والتخطيط لما تريد تحقيقه من دون تأثير خارجي.
إعادة توجيه التركيز
المقارنات الاجتماعية غالباً ما تنبع من التركيز على ما لدى الآخرين بدلاً مما تمتلكه أنت. لتجاوز هذا السلوك، حاول توجيه تركيزك نحو أهدافك الشخصية وتقدمك الخاص. سجل إنجازاتك اليومية واحتفل بها، مهما كانت بسيطة. عندما تركز على رحلتك الخاصة، ستجد أن لديك الكثير لتقدره وتعمل عليه، مما يخفف من تأثير مقارنة نفسك بالآخرين.
تقليل التأثير الخارجي
منصات التواصل الاجتماعي والمحيط الاجتماعي قد تكون مصادر رئيسية للمقارنات. قلل من وقتك على هذه المنصات إذا شعرت بأنها تؤثر على نظرتك لنفسك. اختر متابعة الأشخاص والمحتويات التي تلهمك وتحفزك بدلاً من تلك التي تشعرك بالضغط أو النقص. كذلك، حاول إحاطة نفسك بأشخاص داعمين يشجعونك على النجاح من دون الشعور بالحاجة للمنافسة أو المقارنة.