إن البدأ في عادات صغيرة هو أمر سهل جدا، ولا يتطلب أي قدر كبير من التحفيز للقيام به. فمثلا عوض محاولة بناء عادة ممارسة الرياضة كل يوم، حتى لو كنت جد متحمس لفعل ذلك، فقط ابدأ بعادات صغيرة كقيامك بتمرين ظغط واحد فقط كل يوم.
فأهم شيء في بناء العادات هو التكرار، لأن هذا التكرار يجعلها تُبنى بطريقة منهجية ومنظمة في الدماغ، بحيث ستتمكن من تكرارها كل مرة بشكل شبه آلي دون التفكير أكثر في الأمر، وسيكون هذا التكرار سهل المنال إذا كانت العادة بسيطة وغير صعبة.
وبالتالي ستكتشف أنك تستطيع القيام بهذه العادة البسيطة كل يوم، وحينها يمكنك أن تزيد من صعوبة هذه العادة أو مستواها مع الوقت. مثلا عوض تمرين ظغط واحد كل يوم، قرر فجأة أنك ستنتقل إلى المستوى التالي وهو أن تقوم بتمرينين ظغط كل يوم. أو مثلا عوض أن تقوم بالجري لمدة نصف ساعة كل يوم، قم فقط بالمشي لمدة نصف ساعة كل يوم.
القوة التي تكمن في بناء عادات صغيرة هي قابلية العودة إلى المستوى الأول من العادة في حالة شعرت أنك غير قادر على مستوى معين من هذه العادة. فمثلا إذا شعرت أنك غير قادر على ممارسة الرياضة لهذا اليوم لأن الجو كان ممطرا، يمكنك في هذه الحالة أن تعود إلى مستوى أقل من هذه العادة، وفي أسوأ الحالات ستعود إلى تمرين ظغط واحد في اليوم، وهو أفضل من لا شيء على الأقل.
مشكلة الحماس
هل سبق وشعرت بالحماس لبدأ عادة ما ثم بعد فترة اختفى هذا الحماس واختفت معه فكرة التغيير؟ ربما كلنا عانينا من هذه المشكلة في يوم من الأيام.
يقول الكاتب ستيفن جايز أن مشكلة الحماس هي أنه لا يساهم في التغيير على المدى الطويل، فبالرغم من قدرته القوية على تشجيعك لبدأ عادة ما، إلا أن هذه العادة قد لا تنجح إلا لمدة قصيرة فقط. ويعود السبب الرئيسي لذلك هو أن الحماس مرتبط بالعاطفة، وهو عكس القاعدة التي يطرحها الكتاب في بناء العادات.
وبالتالي فإذا أردت بناء عادة ما، حاول أن لا يكون سبب هذه العادة حماسي جدا، وغير عاطفي. وألزم نفسك في المقابل على القيام بعادة بسيطة وسهلة، والتزم بالقيام بها كل يوم.
ما المقصود بعادة صغيرة ؟
تختلف نظرتنا عن الأشياء من شخص لآخر، فكلمة صغيرة أو كبيرة هي كلمات نسبية، وكل شخص سيحدد ماهي العادة الصغيرة أو الكبيرة بالنسبة له. فهل هناك قدر محدد أم أن الأمر نسبي؟
يقول الكاتب أن لتحديد العادة الصغيرة يجب أن يكون القدر صغيرا بغباء، والمقصود بذلك أن يكون هذا القدر صغير جدا لدرجة أنه قد يبدو سخيفا، فمثلا ممارسة تمرين ظغط واحد في اليوم هو قدر صغير جدا لدرجة السخافة، وقد يضحك عليك أي شخص يمارس الرياضة بانتظام لو شاهدك تقوم بذلك.
أما السر الثاني في اختيار قدر صغر العادة هو أن يكون هذا القدر أصغر من أن تفشل فيه، فلو اخترت قدرا كبيرا على القدرات التي تستطيع القيام بها حاليا، سينتهي بك الأمر إلى كسر هذه العادة ونسيانها.
مثال كي تفهم بوضوح:
أعطى الكاتب عدة أمثلة قام ببنائها باستخدام تطبيقه لفكرة عادات صغيرة ، وكانت العادة الذي بدأ بها هي تمارين الظغط بشكل يومي، فعوض أن يحدد قدرا كبيرا كما يفعل العديد من الناس كالقيام ب 50 تمرين ظغط كل يوم، قام الكاتب بتحديد أصغر قدر (صغير بغباء) وهو أن يقوم بتمرين ظغط واحد فقط كل يوم.
القيام بتمرين ظغط واحد فقط هو قدر صغير جدا، صغير لدرجة السخافة، لكن الإلتزام به كل يوم سَيُمكِّنك من بناء عادة ممارسة تمارين الظغط، بحيث يمكنك زيادة قدر هذه العادة لو استطعت القيام بذلك، أو العودة إلى القدر الصغير في حالة شعرت أنك غير قادر على قدر أكثر.
ومع الوقت ستكتشف أنك تمارس تمارين الظغط بشكل يومي وبدون صعوبة.
مثال آخر:
لنفترض أنك تريد بناء عادة قراءة الكتب، فكما هو معروف قراءة الكتب هي عادة ستغير حياتك نحو الأفضل لما لها من فوائد معرفية ومكاسب عديدة ستمكنك من تطوير نفسك أكثر وأكثر، لكن العديد منا يعاني من الشعور بالملل أثناء القراءة، وينتهي بهم المطاف إلى إنهاء علاقتهم مع الكتب وعدم العودة إليها إلا نادرا.
الحل بسيط مع قيامك بالعادات البسيطة، لا ترغم نفسك على قراءة عدد معين من الكتب سنويا، أو شهريا أو أسبوعيا، اختر أبسط قدر تستطيع القيام به والذي لن تفشل في عمله حتى في أصعب الأيام وأسوئها.
مثلا، قرر أن تقرأ صفحة واحدة من كتاب معين كل يوم، وحدد الوقت الذي ستقوم به بهذه العادة، مثلا قبل النوم أو بعد الاستيقاظ … الخ. ثم التزم بهذه العادة بشكل يومي دون انقطاع، وإذا استطعت أن تقرأ أكثر من صفحة فافعل ذلك، لكن إذا شعرت أنك غير قادر على القراءة إطلاقا، فأرغم نفسك على قراءة صفحة واحدة.
ستكتشف بعد مرور الوقت أنك أنهيت العديد من الكتب، وقمت ببناء هذه العادة بشكل بسيط.