الحكم الصادر في دعوى الخلع يعتبر نهائي وبناء على ما سبق إيراده في وقائع الدعوى كان من المنطقى أن يكون الحكم الصادر بالتطليق غير قابل للطعن عليه بأي طريق من طرق الطعن سواء بالاستئناف أو النقض، لأن فتح باب الطعن في هذه الحالة لا يفيد إلا في تمكين من يريد الكيد بزوجته من إبقائها معلقة أثناء مراحل التقاضى التالية لسنوات طويلة دون مسؤولية عليه حيالها وبعد أن رفع أي عبء مالى كأثر لتطليقها.
ارتفاع نفقات الزواج بسبب الخلع
حق الزوجة في إنهاء الحياة الزوجية برفع دعوى التطليق خلعا، والتزامها برد مقدم المهر الذي أعطاه لها زوجها دون رد باقى ما أخذته من الزوج، دفع بعض الأزواج للنص في وثيقة الزواج على مقدم صداق كبير يسترد هذا المبلغ إذا أرادت الزوجة إنهاء حياته الزوجية، وهو ما أدى إلى ارتفاع تكاليف الزواج لأداء الزوج مبلغ مالى أكبر كمصاريف توثيق لقاء إثبات مهر أكبر.
أحكام الخلع في الإسلام
يعد الزواج والطلاق عقدًا دينيًا قبل أن يكون عقدًا قانونيًا. فمثلًا يقع الطلاق بمجرد كلمة، ولو لم يقدم الرجل ورقةً رسميةً بذلك. لذلك فمعرفة أحكام الخلع الدينية لها أهميتها الكبيرة عند المسلمين.
حكمه الشرعي
في المذهب الحنبلي: يُسن في المذهب الحنبلي قبول الخلع من المرأة إن طلبته . ودليلهم على ذلك قصة امرأة ثابت بن قيس. لكن يكره ذلك في حال عدم وجود سبب كافٍ؛ وذلك لحديث النبي : ((أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس، فحرام عليها رائحة الجنة)).
أما بالنسبة للعوض فيكره للزوج أخذه إن كان سبب الخلع هو نفور الزوج من زوجته. بينما إن كان الأمر يرجع لنفور الزوجة نفسها، فيكره أن يأخذ الزوج عوضًا أكثر من مهر الزوجة، لكن يجوز أن يأخذ أكثر من ذلك، لقوله تعالى: ((فلا جناح عليهما فيما افتدت به)) [البقرة: 228].
بينما إن كان سبب طلب الزوجة الخلع هو إكراه الزوج لها على ذلك ليسترد مهره بدل الطلاق فقد ذكر الحنابلة بأن الخلع هنا باطل ويرد العوض . وقد استدلوا على ذلك بقوله تعالى: ((ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن)) [النساء: 19].
بينما كره الشافعية الخلع مطلقًا، واستثنوا من ذلك حالتان : 1- أن يخاف أحدهما ألا يؤدي الحق الذي افترضه الله عليه. كأن تأبى المرأة زوجها فلا تستطيع القيام بحقه عليها.
2- أن يحلق الرجل بالطلاق الثلاث على زوجته لشيء لا بد من القيام به، كأن تأكل، أو تشرب. فهنا يمكن أن يخلعها، ثم تقوم هي بالأمر المحلوف، ثم يتزوجها مجددًا. فيلغى اليمين بالفعل الأول بعد الخلع.
وجعل المالكية الخلع جائزًا (ليس سنةً ولا مكروهًا). لكن أن يكون برضى الزوجة، فإن كان بإكراهٍ منها نفذ الطلاق.
وقته
للطلاق أوقاتٌ محددة، فلا يطلق الرجل زوجته وقت الحيض، بينما في الخلع فلا بأس به.
شروط الخلع
للخلع شروط يجب توافرها، وهي:
1- ان يكون برضى الزوج.
2- أهلية الزوج التي يمكن من خلالها أن يقع الطلاق: أي يكون بالغًا عاقلًا.
3- أن يكون عقد الزواج على الزوجة عقدًا صحيحًا. سواءً كانت مدخولٌ بها أو لا.
4- أن تكون الزوجة ممن يصح تصرفها بالمال، فتكون بالغة وعاقلة وغير محجورٍ عليها ولا أمةً (أي تكون حرة) ولا سفيهة ولا مريضة. فلا يصح خلع السفيهة مثلًا.
5- أن يكون بدل الخلع له قيمة، بحيث يصلح أن يكون مهرًا. فلا يكون مثلًا خمرًا أو لحم خنزير.
6- ألا يقترن بما لا يجوز، كاشتراط تأخير دينٍ، أو تعجيله.
7- أن يكون خلع المرأة برضاها ورضى زوجها، فإن كانت مرغمة نفذ الطلاق عند المالكية.
بدل الخلع
عند الحنابلة يكره للزوج أخذ عوض الخلع إن كان سبب الخلع هو نفور الزوج من زوجته. بينما إن كان الأمر يرجع لنفور الزوجة نفسها، فيكره أن يأخذ الزوج عوضًا أكثر من مهر الزوجة، لكن يجوز أن يأخذ أكثر من ذلك، لقوله تعالى: ﴿فلا جناح عليهما فيما افتدت به﴾.
كما يجب أن يكون الخلع مما يمكن دفعه كمهر. وقد أجاز الفقهاء الخلع مقابل منافع وحقوق، كسكن داءٍ ما، أو زراعة أرضٍ زمنًا محددًا، أو إرضاع ولدهما، أو حتى الإنفاق عليه، أو إسقاط نفقة العدة.
الخلع في مقابل بعض المنافع والحقوق:
يصح أن يكون بدل الخلع من النقود، أو من المنافع المقومة بمال، كسكنى الدار وزراعة الأرض زمناً معلوماً، وكإرضاع ولدها أو حضانته أو الإنفاق عليه، أو من الحقوق كإسقاط نفقة العدة.
وفي حال كان الخلع مقابل سكنى العدة فلا تخرج المرأة، لأن سكنها في بيت زوجها في العدة واجب، ليس لها أن تتركه، إنما يمكنها حينها دفع أجرة المنزل تلك الفترة.
آثار الخلع شرعًا
فيترتب على وقوع الخلع ما يلي :
1- طلاقٌ بائن: فيقع بالخلع طلاق بائن. ولو لم يكن طلاقًا بائنًا لكان للرجل حق الرجوع فيه. كما أن المقصد من الخلع هو إزالة الضرر عن المرأة، فلو جاز للرجل إرجاعها لما تحققت إزالة الضرر.
2- لا ينقص بالخلع عدد الطلاق: فقد ذكر الله تعالى في كتابه الطلاق ثم ذكر الخلع، ثم ذكر الطلاق مرتان.
3- لا يعد قضاء القاضي شرطًا لنفوذ الحكم.
4- في حال فسدت بعض شروط الخلع لا يبطل الخلع: فمثلًا لو كان شرط الخلع هو إبقاء الطفل عند الرجل فترة الحضانة لنفذ الخلع وبطل الشرط.
5- وجوب دفع بدل الخلع على الزوجة للزوج.
6- ديون الزواج: عند الحنفية تسقط ديون الزوجين تجاه بعضهما البعض بتنفيذ الخلع فيما يتعلق بالزواج، كتتمة المهر والنفقة الماضية وما إلى ذلك، وتبقى الديون العادية يتوجب دفعها لصاحبها. وكذلك نفقة العدة لا تسقط إلا إن شرطا ذلك. بينما ذهبت بقية المذاهب إلى أنه لا تسقط الديون الزوجية بالخلع، إلا في حال نص شرط الخلع على ذلك.
7- لا رجعة في الخلع: لا رجعة في الخلع في فترة العدة. إنما يلزمه عقد جديد. فلم تعد تحت سلطانه بعدما افتدت نفسها منه.
8- النزاع هل حصل خلع أم لا: في حال ادعت المرأة أنه حصل خلع بينها وبين زوجها، بينما أنكر زوجها ذلك، وليس ثمة من بينة على قول أيهما، فيصدق الزوج، لأن الأصل بقاء الزواج.
9- النزاع على المقدار: في حال قال الزوج أنها طلقها بعوضٍ قدره كذا، بينما قالت هي بل طلقتني دون مقابل، فتُصدق المرأة، وتبين منه، ولها النفقة والكسوة والسكنى.