ب- الاتجاه المؤيد للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي:
ففي معرض رد هذا الاتجاه عن الاتجاه المعارض يقول: أن الإدعاء بأن الشخص المعنوي افتراضي ووهمي أمر غير عملي وقد أثبت الفقه الحديث أن إرادة الشخص المعنوي موجودة ومستقلة عن أعضائه و القول بأن الشخص المعنوي لا مسؤولية جنائية عليه يؤدي حتما إلى إنكار المسؤولية المدنية لانعدام الإرادة و هذا شيء غير منطقي و ومتجاوز، كما أن الواقع أثبت أن الشخص المعنوي يمكن أن يرتكب جرائم وهناك عقوبات يمكن تطبيقها عليه كالغرامات و المصادرة....إلى غير ذلك من الجزاءات التي تحترم خصوصية الشخص المعنوي.
وحسب هذا الاتجاه لايمكن مساءلة الشخص المعنوي على الافعال المرتكبة من قبل الشخص الطبيعي ما لم يكن ممثلا قانونيا له، و أن يقوم بالفعل المجرم في حدود اختصاصه الوظيفي و في إطار صلاحيته وهو ما يعرف باشتراك الشخص المعنوي في الجريمة اذا ارتكبت بواسطة أحد أعضائه ؛ أي لولا هذه الشركة أو المؤسسة لما ارتكب المسير الجرم المعاقب عليه.
من هنا نخلص إلى أن هذان الاتجاهان حول المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي قد ظلت بظلها على التشريعات المعاصرة و التي اختلفت بين إسناد المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي بين مؤيد و معارض و بين من أخذ مذهبا وسطا وهو الاتجاه الثالث و الذي ارتأينا الحديث عنه ضمن موقف بعض التشريعات المعاصرة والمشرع المغربي.

موقف بعض التشريعات العربية و الاجنبية:
إختلفت التشريعات الحديثة في إسناد المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي ٬ و الملاحظ أن أغلب التشريعات عرفت موقفا متذبذبا بين الإنكار ثم الإسناد بعد ذالك كما أنها خصصت نصوصا عديدة خاصة بالمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي مختلفة عن المشرع المغربي كما سنّ لاحقا.
أ-موقف المشرع الفرنسي و الالماني:
إذا ما نظرنا في القانون الجنائي الفرنسي القديم قبل الثورة الفرنسية كان يأخذ بالمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي في بعض القرى و المدن و حدد مجموعة من العقوبات للشخص المعنوي ٬ لكن بعد الثورة في قانون سنة 1810 لم يعد يسند المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي إلى حدود قانون سنة 1994 أصبح يحمل الشخص المعنوي المسؤولية الجنائية في المادة 121,
هذا عن المشرع الفرنسي.
أما المشرع الألماني لم يأخذ بالمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي بل مساءلة الشخص الطبيعي في شخص المسير مع يعض الإستثناءات.
ب-موقف التشريع الجزائري و السوداني:
بالنسبة للمشرع الجزائري فقد ذهب في نفس اتجاه المشرع الفرنسي حيث أنه كان يستبعد المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي مكتفيا بتوقيع تدابير أمن عليه٬ لكن بعد صدور قانون رقم 04̸ 15سنة 2004 تراجع عن هذا الأمر وأصبح الشخص المعنوي يخضع لعقوبات مع مراعاة طبيعتهم الخاصة.
أما المشرع السوداني وهو من الدول التي تطبق الشريعة الإسلامية كأساس، أخذت في المادة 8 من قانون سنة 1994 بالمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي لأن الاخذ بهذه المسؤولية لا يتعارض و مقاصد الشريعة الاسلامية .
هذا بخصوص موقف بعض التشريعات العربية والأجنبية والتي تتميز نوعا ما عن المشرع المغربي .