تبرر "هيئة تحرير الشام" هذه التحركات على أنها خطوة ضرورية لضمان الاستقرار والاستمرارية خلال فترة انتقالية مضطربة، وعدت "الهيئة" بأن تنتهي في مارس/آذار. ولكنّ ثمة قلقا متزايدا من أن تستغل "الهيئة" هذه الفترة المؤقتة لترسّخ سلطتها وتفرض رؤيتها على حكم البلاد، متجاهلة المشاركة الأوسع من بقية الفاعلين السوريين أو المجتمعات المحلية.
وثمة خطوة مقلقة بشكل خاص هي تعليق العمل بالدستور لمدة ثلاثة أشهر للسماح للجنة قانونية وحقوقية باقتراح تعديلات. وفيما تعتبر هذه الخطوة ضرورية من حيث المبدأ، فإن غياب الوضوح حول عملية المراجعة ومن سيكون الأفراد المشاركون في العملية يفاقم القلق من النهج الأحادي. ولعل الأمر الأكثر إثارة للقلق أن عملية مراجعة الدستور هذه تجري بالكامل بعيدا عن إطار العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، والتي صممت خصيصًا لضمان الشمولية والشرعية الدولية.
مثل هذه العملية التاريخية الحاسمة لا يمكن– ولا يجب– أن تُقاد من جهة واحدة أو حتى مجموعة صغيرة من الأطراف. وبالتأكيد لا يمكن التسرع في تنفيذها خلف الأبواب المغلقة. إن شرعية الانتقال في سوريا ونجاحه يعتمدان على الشفافية، والشمولية، والالتزام بالمبادئ المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن رقم 2254.
قد يمكن تفهّم بُطء الاستجابة من قبل الجهات الإقليمية والدولية إلى حد ما، نظرا لسرعة وتيرة التطورات على الأرض. ومع ذلك، فإن هذا التقاعس يصبح أكثر تكلفة يوما بعد يوم. لذلك يتوجب على المجتمع الدولي أن يتحرك بسرعة، متخليا عن المراقبة السلبية نحو المشاركة الفعالة، فالوقت عامل حاسم، وما لم تُتّخذ إجراءات فورية ومتحدة، فستكون العاقبة خروجَ عملية الانتقال في سوريا عن مسارها، ما قد يؤدي إلى عواقب مدمرة للبلاد والمنطقة بأسرها.