يرى بعضهم إن قاعدة الشك يفسر لمصلحة المتهم يمكن أن تطبق هنا وذلك بإهمال النص المستحيل تفسيره وعدم تطبيقه ترجيحا لمصلحة المتهم . ويرى أخرون إن هذه القاعدة لا شأن لها بتفسير القوانين ، فالأمتناع عن تطبيق النص في هذه الحالة ليس تطبيقاً لقاعدة الشك يفسر لمصلحة المتهم وإنما تطبيقاً لقاعدة أعم وأشمل هي قاعدة القانونية ، إذ يتعارض مبدأ القانونية مع تطبيق نص غامض يستحيل تفسيره
4- حظر القياس : يقصد بالقياس إعطاء حكم حالة منصوص عليها لحالة غير منصوص عليها لتشابه الحالتين في العلة ، تنحصر مهمة القاضي في تطبيق القانون لا خلق جرائم ، فلا يجوز للقاضي أن يجرم فعلاً لم يرد نص بتجريمه قياساً على فعل ورد نص بتجريمه بحجة تشابه الفعلين ، أو لإن العقاب في الحالتين يحقق نفس المصلحة الإجتماعية مما يقتضي تقرير عقوبة الثاني للأول ، لإن في ذلك إعتداء صريحاً على مبدأ القانونية ، فالجرائم لا يقررها إلا المشرع ، والقاضي لا يملك بذلك قانوناً فإن فعل يكون قد نصب من نفسه مشرعاً وهو مالايسمح به القانون
ونتيجة لذلك يقع على عاتق المشرع والقاضي الواجبات الآتية :
أولاً : الواجبات الملقاة على عاتق المشرع :
1- يجب على المشرع عندما يضع النص التشريعي أن يضعه بصورة واضحة ودقيقة لا لبس فيه ولا غموض .
2- يجب أن يكون النص محدداً أي يُحدد الفعل ويُحدد العقوبة المقررة لهذا الفعل بشكل واضح ودقيق حتى لا يجد القاضي في الغموض وعدم التحديد منفذاً لتجريم ماهو مباح ، كما لو حدد المشرع جريمة دون أن يُحدد العقوبة أو حدد العقوبة دون أن يبين الفعل المجَرم .
3- يجب أن تصدر هذه النصوص بأثر مباشر أي فوري إي أنَ أحكام هذا النص لا يسري إلا على مايقع من تأريخ العمل بها ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها لأن الأصل للقانون الطبيعي هو إحترام الحقوق المكتسبة .
4- يحب على المشرع أن يحترم قاعدة عدم رجعية القوانين ، وعدم الرجعية يعني أن نص التجريم لا يسري إلا على الأفعال المرتكبة بعد لحظة نفاذه ومن ثم فهو يسري على الأفعال المرتكبة قبل هذه اللحظة وتستند هذه القاعدة على نصوص صريحةفي قانون العقوبات ، فلا تفرض عقوبة ولا تدبير إحترازي من أجل عدة هي جرم لم يكن القانون قد نص عليه حين إقترافه . وهذه القاعدة هي نتيجة طبيعية لقاعدة قانونية التجريم والعقاب لإن تطبيق القانون على الوقائع المرتكبة قبل نفاذه قضاء على هذه القاعدة لإن مبدأ القانونية يضمن حقوق الأفراد وحرياتهم وعليه فإنً إنعدام الأثر الرجعي يعتبر من الأصول الجوهرية في النظام القانوني التي يجب على المشرع مراعاتها وبالتالي لا يجوز المخالفة لا بصورة صريحة ولا ضمنية ، ولكن يوجد إستثناء على هذه القاعدة وهو القانون الأصلح للمتهم ، ولهذا الأستثناء مايبرره لأن المشرع عندما يلغي عقوبة أو يقرر عقوبة أخف فلأنه وجد في العقوبة السابقة مالا يتماش مع العدالة ولا يحقق مصلحة الأفراد ومصلحة المجتمع فيلجأ إلى تخفيفها أو إعفائها لإن المقصود من العقوبة ليس الأنتقام وإنما إصلاح المجرم .