امتناع المجني عليهم عن التبليغ
لا يتم في الغالب الأعم الإبلاغ عن جرائم الإنترنت إما لعدم اكتشاف الضحية لها
وإما خشية من التشهير، لذا نجد أنّ معظم جرائم الإنترنت تم اكتشافها بالمصادفة، بل
وبعد وقت طويل من ارتكابها، زد على ذلك أن الجرائم التي لم تكتشف هي أكثر بكثير
من تلك التي كشف الستار عنها، فالرقم المظلم بين حقيقة عدد هذه الجرائم المرتكبة،
والعدد الذي تم اكتشافه، هو رقم خطير، وبعبارة أخرى، الفجوة بين عدد هذه الجرائم
الحقيقي وما تم اكتشافه فجوة كبيرة.
تتبدى هذه الظاهرة على نحو أكثر حدة في المؤسسات المالية كالبنوك والمؤسسات
الادخارية ومؤسسات الإقراض والسمسرة، حيث تخشى مجالس إدارتها عادة من أن تؤدي
الدعاية السلبية التي قد تنجم عن كشف هذه الجرائم أو اتخاذ الإجراءات القضائية حيالها
إلى تضاؤل الثقة فيها من جانب المتعاملين معها وانصرافهم عنها.
سرعة محو الدليل وتوفر وسائل تقنية تعرقل الوصول إليه
تكون البيانات والمعلومات المتداولة عبر شبكة الإنترنت على هيئة رموز مخزنة
على وسائط تخزين ممغنطة لا تقرأ إلاّ بواسطة الحاسب الآلي، والوقوف على الدليل الذي
يمكن فهمه بالقراءة والتوصل عن طريقه إلى الجاني يبدو أمرا صعبا لا سيما وأن الجاني
يتعمد إلى عدم ترك أثر لجريمته، ضف إلى ذلك ما يتطلبه من فحص دقيق لموقع
الجريمة من قبل مختصين في هذا المجال للوقوف على إمكانية وجود دليل ضد الجاني،
وما يتبع ذلك من فحص للكم الهائل من الوثائق والمعلومات والبيانات المخزنة.
تتم الجريمة المرتكبة عبر الإنترنت خارج إطار الواقع المادي الملموس لتقوم أركانها
في بيئة الحاسوب والإنترنت، مما يجعل الأمور تزداد تعقيدا لدى سلطات الأمن وأجهزة
التحقيق والملاحقة ففي هذه البيئة تكون البيانات والمعلومات عبارة عن نبضات إلكترونية
غير مرئية تنساب عبر النظام المعلوماتي، مما يجعل أمر طمس الدليل ومحوه كليا من
قبل الفاعل أمرا في غاية السهولة.
يعيق المجرم في جرائم الإنترنت سلطات التحقيق الوصول إلى الدليل بشتى الوسائل، كمسح برامج
أو وضع كلمات سرية ورموز وقد يلجأ لتشفير التعليمات لمنع إيجاد أي دليل يدينه.
يسهل محو الدليل من شاشة الكمبيوتر في زمن قياسي باستعمال البرامج
المخصصة لذلك، إذ يتم ذلك عادة في لمح البصر وبمجرد لمسة خاطفة على لوحة
المفاتيح بجهاز الحاسوب، على اعتبار أن الجريمة تتم في صورة أوامر تصدر إلى
الجهاز، وما إن يحس الجاني بانّ أمره سينكشف حتى يبادر بإلغاء هذه الأوامر، الأمر
الذي يجعل كشف الجريمة وتحديد مرتكبها أمراً في غاية الصعوبة.