مقتطفات من أوراق منسية :
بعد أن وصلت مقهاي المفضل ..طلبت من النادل قهوتي المعتادة..
أخرجت من محفظتي ورقة بيضاء و قلما .. دونت من كل صفحة من صفحات هذا العمر الهارب مقطتفا ..
1
من كان يحسب أن الحية الرقطاء سيطالها كل هذا السعار بعد النقر على أحد أنيابها ..يا وهما ألبسوه شكلا للحياة ..
و نفثوا فيه من روحهم الخبيثة ..و منحوه صورة مجتمع انساني متحضر ..
فوجدوا له مكانا مقتطعا من جغرافيا الحياة و أرض الأنبياء ..
2
الآن و أنا أعبر آخر دروب تلك القرية ..و أصد كلاب حراستها الشرسة أستطيع أن أرى الطريق الممتد أمامي بشكل عفوي ..
طريق للعطش و الموت ..و آخر للأمل و الحياة..
3
أنا شخص في حالة هلوسة..هكذا خمنت في البداية ..فمن يوم أن تزوجت ..إنساق خيالي خلف أبجدية ترسم لي ما يكفي من ظلام..
أدركت الذي لم أشأ إدراكه ..فصار عقلي يطوف بين السراب و التراب..و كل ما تهيأ لي هي أشباح تتصاعد كالفقاعات من قعر الذات ..
هل حقا لازلت أحمل بين جنباتي هموم المستضعفين ..العراة منهم و الحفاة.. و البائسين و حتى الكادحين منهم ..
فتيقنت أن هذه الحياة أشبه بكذبة ..في خضمها تنمو همجية العتاة و العصابات و المتسلطين على رقاب الناس في كل مكان ..
4
تساءلت هل حقا الحرية تمنح أم تنتزع ؟؟ ..فتذكرت كل الحضارات السابقة ..وحدها العقول النيرة و الراسمة لطريق الإنعتاق ..
أياديها على الزناد..كانت تقتلع جذور القهر و الإستعمار..و حدها تلك السواعد كانت ترسم قنطرة للعبور ..
صحيح هي قلة لكن قوتها تفوق قوة القنابل الذرية ..
وحدها تصنع تاريخا مجيدا و معبَرََا للإستقلال و الحرية..
5
كنت أنا و أفكاري الغامضة و مدونة عجوز ..حين فاجأتني يد و هي تربت على كتفي ..
-مساء النور غريب ..
انتبهت فإذا بها صديقتي الغالية نوال..
- مساء الخير يا ..
- ممكن أقاسمك جلستك هذه يا غريب ..
- تفضلي يا ..
سحبت مني مدونتي ..أخذت تقرأ في خشوع تام ..و من حين لآخر تبتسم و كأني بها تجمع رزنامة أفكار..
و لعلها كالعادة ستوجه الي سهام نقدها لأنها غالبا ماكانت تناقشني بحرارة في كل ما أكتب..
- أنا نوال ..مهبط العلم و الأفكار ..و أنت أيها الشاب فارع الطول و الخيال ..منذ الآن أنت ....
تلعثمت حين أردت الرد عليها ..و حين انتباهي وجدتني وحيدا كمن يهذي...
إنتهت ...