مهارات تعليم العربية لغير الناطقين بها
سويفي فتحي أحمد
إذا كان المعلمُ يمثل "أمَّة في واحد" على حدِّ التعبير التربوي البليغ؛ إذًا فلا يختلف اثنان في وجوب أن يمتلك هذا المعلمُ مهاراتٍ وكفايات تؤهله لأن يمتَلك هذا الوصف وتتنزَّل عليه تلك السِّمة؛ فالأهداف التعليمية لا تتحقق إلا على يد المعلم وبوعيه وإدراكه لمسؤولياته؛ حتى يذلِّل مشكلات اللغة العربية وصعوبتها؛ إذ هو حجَر الزاوية فيها، (وهذا لا يخالف الاتجاه الحديثَ في الاعتماد على الطالب، وجعله محورَ العملية التعليمية، أو استخدام إستراتيجية الصفِّ المقلوب؛ فإن المعلم بمثابة ناظر القطار الذي يتحكَّم في سَير القطار مع وجود سائقه).
إذًا فعلينا أن نطرح السؤال الآتي:
ما المهارات أو الكفايات اللازمة لمعلم العربية لغير الناطقين بها؟
والجواب: كل ما يحتاجه المعلم من مهارات تؤهله لأن يكون سفيرًا لغويًّا لغير الناطقين بالعربية تندرج تحت ثلاث كفايات رئيسية:
أولاً: كفاية لغوية:
وهو أن يمتلك معرفة بتخصصه تؤهِّله لأن يدرك أنظمة اللغة الصوتية والصرفية، والنحوية والدلالية، ومهاراتها الأربع؛ من استماع وتحدُّث، وقراءة وكتابة.
ونشير إلى أن معلم العربية لغير الناطقين لا يَلزمه أن يُغرِق نفسه بعِلل النحو والصرف وما شابهها؛ فهذا لا يحتاجه في تعليم العربية لغير أبنائها، لكن يَلزمُه أن يُدركَ جوهر اللغة وخصائصَها، وطرقَ أساليبها وتنوع تراكيبها، والقواعدَ العامة للغة، وهي أعمُّ مما يتبادر إليه الذهن من النحو والصرف، وأوجه التشابه والاختلاف بين العربية وغيرها من اللغات الأخرى؛ ليستطيع تعليم اللغة؛ إذِ الشائع من كلام التربويِّين (علِّم اللغة ولا تعلِّم عن اللغة)، وتَعني أن يستطيع المعلِّم أن يجعل الطالب يتكلم العربية، لا أن يجعل كلَّ همِّه تعريفَه بالثقافة العربية، فتجد كثيرًا في تعليم العربية يَحومون حولها ولا يَرِدون حوضها.
ثانيًا: كفاية مهنية:
وهو أن يكون مؤهَّلاً لتعليم العربية كلغةٍ ثانية، عارفًا بالأساليب والإستراتيجيات التربوية، مدركًا لمهارات اللغة (استماع وقراءة، وتحدث وكتابة) ومستوَياتها، قادرًا على التقويم والتقييم، مطَّلعًا على كل ما يخص تعليم العربية من مناهجَ تدريسيةٍ وأهدافٍ ومعاييرَ تخص المهارات اللغوية وتعليمها كلغة ثانية.
كما ينبغي أن يتمتعَ ببعض المهارات والقدرات كشخص ذكي مثقف، له رؤية وفكر متجدد، وأن يكون ملمًّا باستخدام التقنيات الحديثة واستخدام الشبكة العنكبوتية، وتوظيف تلك التقنيات في التعليم الذي صار لا ينفكُّ عنها بحال.
ثالثًا: الكفاية الثقافية:
وتَعني إدراكه للثقافة بمفهومها الشامل الذي يشمل أنماطًا متكاملة من السلوك البشري، والذي يحتوي على الأفكار والاتصالات، واللغات والممارسات، والمعتقدات والقيم والعادات والتقاليد، وأساليب المجاملات والعلاقات والسلوكيات المتوقعة من المجموعات العِرقية أو الدينية أو الاجتماعية، وأن يَحترم تلك الثقافات المختلفة معه؛ إذ أكَّدَت الدراسات الميدانية على أن الدارس الذي لا يحترم ثقافة اللغة التي يتعلمها وحضارتها لن يَستطيع أن يتقدم في تعلم هذه اللغة، مهما بذل من جهود، وكذلك المعلِّم.
فعليه أن يُلمَّ بثقافاتِ أشهر البلاد؛ خاصة بلد الطلاب الذين يُدرّسهم، وأن يُراعيَ اختلاف الثقافات في تغير المعنى، ومن ذلك:
1- أنَّنا ننفر من الكلب ومِن جلوسه في المكان؛ إذ هو نجس والملائكة لا تَدخل بيتًا هو فيه بخِلاف الغرب؛ فإنه بالنسبة لهم صَديق يلازمهم ويَعيش معهم في بيوتهم.
2- كذلك البقرة؛ فإذا قُلنا: فلان كالبقرة، دلَّ ذلك على البلادة، لكن في بعض البلاد تدل على تحمُّل المشقَّة وكثرة العمل والجهد.
3- وكذلك فإن تقبيلَ الوجه من الرجال في البلاد العربية يدلُّ على محبة وصداقة، وعند كثير من الأجانب له معنى قبيح وظن سوء.
4- وأيضًا فإن من تَظهر قدَماه دون جورب، أو يصلي دونهما يُنظر له بازدراء كما في تركيا، بخلاف عالمنا العربي.