التعليم للفئات الخاصةآخر
الصفحة
AINISSERIANO13

  • المشاركات:
    7941
مشرف مطبوعات وصحافة وإعلام
عضو فريق العمل
AINISSERIANO13

مشرف مطبوعات وصحافة وإعلام
عضو فريق العمل
المشاركات: 7941
معدل المشاركات يوميا: 1.3
الأيام منذ الإنضمام: 6232
  • 20:29 - 2024/10/23

التعليم للفئات الخاصة

أ. د. فؤاد محمد موسى

﴿ حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا * قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا * قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا * آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا * فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا * قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ﴾ [الكهف: 93 - 98].

في هذه القصَّة التي جاءت في نهاية سورة الكهف عن ذي القرنين، نتوقَّف عند المقطع الثالث منها، فهو موقف تربوي غاية في الروعة، نستشفُّ من خلاله العبَرَ والمبادئ التربوية.

ففي هذا الموقف التربوي يطلب قومٌ من الناس وصَفَتهم الآية: ﴿ قَوْمًا لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا ﴾، فهم قومٌ لديهم ضعف شديد في الفهم؛ أي: إنَّ هذا الموقف التعليمي يختص بفئة خاصَّة؛ وهذا ما يسمَّى في علوم التربية في الوقت الحاضر بالتعليم للفئات الخاصَّة.

هيا بنا نرى خصائص هذا التعليم وعوامل نجاحه:

تبدأ هذه القصَّة بطلب هؤلاء القوم الذين لا يَفقهون قولًا من ذي القرنين أن يجعل بينهم وبين يأجوج ومأجوج المفسدون في الأرض سدًّا يحميهم من هؤلاء المفسدين.

إنه موقِف فيه يَشعر هؤلاء القوم الذين لا يفقهون قولًا أنَّهم في حاجة ماسَّة إلى الأمن والأمان من يأجوج ومأجوج المفسدين في الأرض؛ مما جعلهم يطلبون من ذي القرنين بناء السدِّ، ويعرضون عليه مقابلًا ماديًّا كأجرٍ لهذا العمل.

فما كان من ذي القرنين إلَّا أن يتعفَّف عن هذا المقابل المادي بلطفٍ ورحمة، ويذكر لهم أن عطاء الله له قد سبَق ذلك، وأنه خير مما سيعطونه له، وما أحلى قول ذي القرنين: ﴿ رَبِّي ﴾، ثم يُحَول تحقيق هذه الحاجة إلى موقف تعليمي واضح في مبادئه التربوية.

فيطلب منهم أولًا أن يساعدوه بقوَّتهم لتحقيق هذا الهدف، وكأنَّه في حاجة إلى هذه القوة، وهو الذي آتاه الله من كل شيء سببًا؛ ليشعرهم بأهميَّتهم، وأنَّ لديهم ما هو مهم (قوَّتهم).

ثم توالَت توجيهاته لهم في تسلسل يُظهر فيه دائمًا أنهم هم الفاعلون (تعلم نشط)، وأنَّه مجرَّد مرشد وموجِّه لهم ﴿ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ ﴾، ﴿ آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ ﴾، ﴿ انْفُخُوا ﴾، ﴿ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا ﴾، وهنا يتَّضح مدى أهمية إعطاء المتعلِّم الإحساس بقيمته وقدرته على الأداء؛ فالإنسان قيمة في ذاته، وكل فرد - في البشرية - لديه تميُّز عن غيره، يجب اكتشافه واستخدامه فيما يفيد، وهذه مهمَّة المعلم في العملية التعليمية.

وفي النهاية يذكِّرهم بأن هذا الناتج الذي توصَّلوا له هو مِن رحمة ربه: ﴿ قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي ﴾، ولا يغتر بهذا العمل، ويذكِّرهم بالآخرة فيقول: ﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ﴾.

في هذا الموقف التعليمي المتعلِّمون هم الذين طلبوا المساعدة لحاجتهم، ولكن في تأدُّب، وهم الذين حدَّدوا حاجاتهم، وعرضوا دفعَ مقابل هذا العمل؛ تقديرًا منهم لِمن يقوم بهذا العمل: ﴿ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا ﴾.

إن عمل المعلِّم على جعل المتعلم نشيطًا فعَّالًا في عملية التعلُّم لَمن الأهميَّة بمكان في التربية والتعليم؛ ففي هذا التعليم الخاص بحث المعلِّم عن التميزات التي عند هؤلاء القوم - القوة البدنية - وتمَّ إعلاء شأنها واستغلالها في هذا العمل الضخم، ولم يشعِرهم بضعفهم في الجانب الآخر: ﴿ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا ﴾ فكلُّ إنسان لديه تميزات عن غيره، وما على المعلم إلَّا أن يبحث عن هذه التميزات، وينمِّيها، ويستغلَّها في إعلاء شأن هذا المتعلم؛ فكل إنسان مُيسَّر لما خُلق له.

وعلى المعلِّم بصفة عامة وفي مثل هذا التعليم الخاص أن يتدرَّج مع المتعلم، ولا يطلب منه عملًا آخر حتى ينجِز العمل الأول بنجاح؛ حتى تتوالى عمليات النَّجاح، وتكون دافعًا للعمل التالي لها ﴿ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ ﴾، ﴿ آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ ﴾، ﴿ انْفُخُوا ﴾، ﴿ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا ﴾.

هذا الموقف التعليمي كان موقفًا تعليميًّا بالعمل؛ أي: تعليم خبراتي مباشر، وقد ظهر فيه أيضًا المنهج التجريبي؛ فقد تمَّ اختبار صحَّة العمل (السَّد)، ونجاحه: ﴿ فَمَا اسْتَطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا ﴾.

كما سارت عمليَّة التعلُّم والتعليم في هذا الموقف الخاص بمشاركة كامِلة بين المعلِّم والمتعلمين، وكانت معايشة بينهم مدَّة بناء السد، وهذا كافٍ لتعلُّم أوجه التعلم المختلفة؛ من معرفة، وعلم وعمل، وأخلاقيات وروحانيَّات، تعلُّم متكامل ليس به فصل بين هذه الأوجه، وما أحوجَ المتعلمين ذوي القدرات الخاصة إلى مثل هذه المعيشة!

ثم توفَّرَت في المعلِّم في هذ الموقف الخصائص نفسها التي ظهرَت في قصَّة موسى عليه السلام والرجل الصالح، وهي: أن يكون المعلِّم عابدًا لله، وعنده رحمة من الله، وفتح الله عليه بعلمه.

أما كونه عابدًا لله، فهي واضحة جليَّة؛ في كونه لم يقبَل الأجرَ على عمله، بل اعتبر ما عند الله خيرًا وأبقى حيث قال: ﴿ قَالَ مَا مَكَّنَنِي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ ﴾، وفي نهاية العمل ردَّ كلَّ العمل لله، ولم يفتخِر به، وقلبه معلَّق بالله دائمًا؛ "تكرار كلمة {﴿ رَبِّي ﴾"، وتذكره الآخرة، كما أنه يذكِّر المتعلمين بالله دائمًا من خلال إعلان ذلك بأقواله: ﴿ قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ﴾، وهذا مقصود في ذاته، لربطهم بربِّهم.

أمَّا كون ذي القرنين لديه رحمة من الله، فإنَّ ذلك كان واضحًا؛ في لُطفه مع هؤلاء القوم، وعدم استغلال وضعهم وحاجتهم إليه كما يفعل الكثيرُ من المعلِّمين بإعطاء الدروس الخصوصية، بل إنَّه رفض قبول الأجر منهم، ولم يعيِّرْهم بضعف قدراتهم على الفَهم؛ بل أعلى من شأن قوَّتهم البدنيَّة، وأنه في حاجة إليها في عمله، وبعد انتهاء العمل يذكِّرهم بأنَّ هذا العمل رحمة من الله.

كما اتَّضح أن لديه علمًا من الله؛ وهذا كان جليًّا في قول الله: ﴿ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا * فَأَتْبَعَ سَبَبًا ﴾.

قل لي بربِّك: ألَسنا في حاجة إلى أن نعِيد النَّظر في إعداد معلِّمينا على هذا النَّحو، والتعلُّم من آيات ربِّنا في القرآن الكريم؟

0📊0👍0👏0👌
MR-YAHIA71DZ13

  • المشاركات:
    142288
مشرف مطبوعات وصحافة وإعلام
مشرف شؤون تعليمية
مشرف التنمية البشرية
مشرف السياسة العربية والعالمية
مشرف علوم ومعلومات عامة
افضل عضو لهدا الشهر في منتدى العلوم الهندسية
MR-YAHIA71DZ13

مشرف مطبوعات وصحافة وإعلام
مشرف شؤون تعليمية
مشرف التنمية البشرية
مشرف السياسة العربية والعالمية
مشرف علوم ومعلومات عامة
افضل عضو لهدا الشهر في منتدى العلوم الهندسية
المشاركات: 142288
معدل المشاركات يوميا: 22.2
الأيام منذ الإنضمام: 6422
  • 20:37 - 2024/10/23
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
بَارَك الْلَّه فِيْك عَلى المَوْضُوْع الْرَّائِع
والْمَعْلُوْمَات الْقَيِّمَة الَّتِي زَادَتْنَاعِلْمَا وفائدة
ننتظـر منك المزيد ان شـاء الله ونرى
ابداعك وتميزك في الـمـنـتـدى
لك منــ أجمل تحية ــي
0📊0👍0👏0👌
Abu Eyas

  • المشاركات:
    450633
نائب مراقب القنوات التلفزيونية
أفضل عضو بالشهر بمنتدى عالم السياحة
عضو فريق العمل
أفضل عضو للشهر المنصرم بمنتدى شؤون تعليمية
Abu Eyas
نائب مراقب القنوات التلفزيونية
أفضل عضو بالشهر بمنتدى عالم السياحة
عضو فريق العمل
أفضل عضو للشهر المنصرم بمنتدى شؤون تعليمية
المشاركات: 450633
معدل المشاركات يوميا: 89.4
الأيام منذ الإنضمام: 5039
  • 16:26 - 2024/10/25
بسم الله الرحمن الرحيم



السلام عليكم

يعطيك العافية على هذا الموضوع الرائع والمميز
بارك الله فيك على كل مجهود بذلته في المنتدى
واصل تميزك في الأقسام والمواضيع
ننتظر كل ماهو جديدك والله لايحرمنا من جديدك

تحياتي ومحبتي

Abu Eyas
0📊0👍0👏0👌
الزير الاسطورة الخالدة

  • المشاركات: 15742
    نقاط التميز: 24741
عضو أساسي
الزير الاسطورة الخالدة

عضو أساسي
المشاركات: 15742
نقاط التميز: 24741
معدل المشاركات يوميا: 69
الأيام منذ الإنضمام: 228
  • 17:11 - 2024/10/25
بٌأًرًڳّ أِلٌلُهً فَيٌڳّ عِلٌى أَلِمًوُضِوًعَ أٌلّقِيُمّ ۇۈۉأٌلُمِمّيِزُ

وُفّيُ أٌنِتُظٌأًرِ جّدًيًدّڳّ أِلّأَرّوّعٌ وِأًلِمًمًيِزَ

لًڳَ مِنٌيّ أٌجَمًلٌ أِلًتَحِيُأٌتِ

وُڳِلً أِلٌتَوَفّيُقٌ لُڳِ يّأِ رٌبِ
الزير
0📊0👍0👏0👌

الرد على المواضيع متوفر للأعضاء فقط.

الرجاء الدخول بعضويتك أو التسجيل بعضوية جديدة.

  • إسم العضوية: 
  • الكلمة السرية: 

 التعليم للفئات الخاصةبداية
الصفحة