رحلة الأمل تم اضافة الجزء الخامسآخر
الصفحة
محمد الدحماني

  • المشاركات:
    7201
مشرف الترفيه
صاحب ردود قصصية متألقة
محرر بمجلة الترفيه
كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
محمد الدحماني

مشرف الترفيه
صاحب ردود قصصية متألقة
محرر بمجلة الترفيه
كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
المشاركات: 7201
معدل المشاركات يوميا: 14
الأيام منذ الإنضمام: 514
  • 16:07 - 2024/10/19
نشأت في كنف والديّ اللذين كانا طبيبين في مدينة طنجة . عشت طفولة سعيدة مليئة بالأمل والطموحات، وكنت أحلم بأن أصبح طبيبًا مثل والديّ يومًا ما. كنت من المتفوقين في دراستي، وعلى الجانب الآخر كنت أعشق كرة القدم. كنت لاعبًا موهوبًا، أشارك في المباريات مع أصدقائي، وأحلم باللعب لنادي اتحاد طنجة، فريقي المفضل.

لكن الحياة لا تسير دائمًا كما نخطط لها. في يوم مشؤوم، تعرض والديّ لحادث سير مأساوي، وفقدتهما في لحظة واحدة. وجدت نفسي فجأة وحيدًا في هذا العالم القاسي، واضطررت للانتقال للعيش مع جدتي في حي فقير. كان البيت صغيرًا، بعيدًا تمامًا عن رفاهية حياتي السابقة. لم يكن لدي خيار سوى ترك الدراسة والبحث عن عمل لأعين جدتي وأعتمد على نفسي. حتى كرة القدم، شغفي الوحيد، لم أعد أستطيع ممارستها بسبب الظروف.

في أحد الأيام، بينما كنت أعمل بجد كعادتي، سمعت ان  نادي اتحاد طنجة يُنظم اختبارًا للمواهب الشابة. ترددت كثيرًا، كيف لي أن أذهب وأنا أشعر بأنني فقدت كل شيء؟ لكن جدتي شجعتني وقالت: "لا تستسلم يا بني، ربما تكون هذه فرصتك لتغيير حياتك."

عندما وصلت إلى مكان الاختبار، رأيت مجموعة كبيرة من الشباب، كل منهم يبدو واثقًا من نفسه. بدأ البعض بالتنمر عليّ بسبب ملابسي القديمة ومظهري البسيط. حتى بعض المدربين لم يترددوا في إظهار استهزائهم بي. لكنني قررت أن لا أترك تلك الكلمات تحطمني. قررت أن أبذل قصارى جهدي في الاختبار.

وبالفعل، أذهلت الجميع بمهاراتي وسرعتي، وأثبتت أنني لست مجرد شاب من حي فقير. وصلت إلى المباراة النهائية، وكنت في قمة تألقي، حيث سجلت هدفين ومررت تمريرات ساحرة. بدأت الجماهير تهتف باسمي، وشعرت لأول مرة منذ سنوات بالأمل ينبعث في قلبي مجددًا. لكن، وبينما كنت أحاول تسجيل هدف ثالث، تدخل لاعب بشكل عنيف وتركني ممددًا على الأرض.

نقلوني الأطباء بسرعة إلى المستشفى، وهناك تلقيت الخبر الصادم. أخبرني الطبيب أنني تعرضت لإصابة خطيرة، وأنه من الأفضل لي الابتعاد عن كرة القدم، لأنها قد تتسبب في ضرر دائم لي. تحطمت كل أحلامي في لحظة، وعدت لأواجه الفقر والضياع مجددًا.

مرّت الأيام بطيئة وثقيلة، وشعرت وكأن كل شيء انتهى، إلى أن ظهر رجل غريب في الحي يسأل عني. بعد أن وجدني، أخبرني بأنه مكتشف مواهب يعمل مع أحد الأندية الإسبانية للهواة، وأنه علم بقصتي ويرغب في مساعدتي على التعافي في إسبانيا. لم أصدق في البداية، وظننت أنه يحاول الاحتيال عليّ، لكن عندما قدم لي بطاقته الرسمية وبعض الوثائق، بدأ الشك يتلاشى من قلبي.

كانت الفرصة تبدو وكأنها حلم جديد قد يحيي آمالي، لكنني ترددت كثيرًا. لم أكن أعرف إذا كان عليّ المخاطرة وترك كل شيء خلفي، أم الاستمرار في الحياة التي اعتدت عليها مع جدتي. لكنني أخيرًا قررت المضي قدمًا.

بدأت رحلتي الجديدة، رحلة نحو المجهول، نحو العلاج، وربما نحو فرصة أخرى لتحقيق أحلامي. لكن هل سأعود للعب كرة القدم؟ هل ستتحقق آمالي؟ لا أعلم... لكنني مصمم على المحاولة.

0📊0👍0👏0👌
شجرة الفلين

  • المشاركات: 4101
    نقاط التميز: 2506
كاتبة قصصية في منتدى القصص القصيرة
مشرفة سابقة
شجرة الفلين

كاتبة قصصية في منتدى القصص القصيرة
مشرفة سابقة
المشاركات: 4101
نقاط التميز: 2506
معدل المشاركات يوميا: 1.9
الأيام منذ الإنضمام: 2158
  • 16:52 - 2024/10/19
صحيح كثيرا ما تأخذنا الحياة لمحطات لم تكن في الحسبان
محطات بالرغم مما يعتري المرء فيها من شعور بالاحباط والأسى إلا أن من ورائها الخير الكثير
جميلة سطورك
أرجو أن بطل قصتك قد تحققت أمانيه
0📊0👍0👏0👌
رفيقة الطبيعة

  • المشاركات: 6352
    نقاط التميز: 9642
ناقدة أدبية
كاتبة قصصية في منتدى القصص القصيرة
كاشفة سرقات أدبية
عضوة فريق ابداع القصص القصيرة
فريق النقد الأدبي والقصصي
رفيقة الطبيعة

ناقدة أدبية
كاتبة قصصية في منتدى القصص القصيرة
كاشفة سرقات أدبية
عضوة فريق ابداع القصص القصيرة
فريق النقد الأدبي والقصصي
المشاركات: 6352
نقاط التميز: 9642
معدل المشاركات يوميا: 1.3
الأيام منذ الإنضمام: 4795
  • 21:25 - 2024/10/19
بداية هذه المحاولة تغري بالمتابعة ..و البطل هنا في خضم هذه الأحداث هو صورة مصغرة لعدد كبير من الشباب..

سأتابع معك هذه الأحداث المشوقة..

بوركت أخي..

0📊0👍0👏0👌
غريب تائه

  • المشاركات:
    16048
مشرف القصص القصيرة
مشرف الشعر الشعبي
كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
أفضل عضو بالشهر الماضي بمنتدى مدونتي
غريب تائه

مشرف القصص القصيرة
مشرف الشعر الشعبي
كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
أفضل عضو بالشهر الماضي بمنتدى مدونتي
المشاركات: 16048
معدل المشاركات يوميا: 3.3
الأيام منذ الإنضمام: 4812
  • 11:15 - 2024/10/22
عموما هكذا تكون البدايات ..محاولة و فشل ..ثم محاولات عديدة حتى النجاح..

أخي لديك قدرات سردية هائلة ..تابع ..في انتظار بقية القصة ..

تحياتي

0📊0👍0👏0👌
محمد الدحماني

  • المشاركات:
    7201
مشرف الترفيه
صاحب ردود قصصية متألقة
محرر بمجلة الترفيه
كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
محمد الدحماني

مشرف الترفيه
صاحب ردود قصصية متألقة
محرر بمجلة الترفيه
كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
المشاركات: 7201
معدل المشاركات يوميا: 14
الأيام منذ الإنضمام: 514
  • 17:54 - 2024/10/22
 الجزء الثاني 
 
قررت أن آخذ الفرصة وأبدأ رحلة العلاج في إسبانيا، لكن لم أكن مستعدًا لترك جدتي وحيدة في طنجة، فهي الوحيدة المتبقية لي من عائلتي. لذا طلبت من الرجل الغريب مساعدتي في إحضارها معي، وبالفعل سافرنا معًا إلى إسبانيا.
بدأت مرحلة العلاج، وكانت تتضمن عملية جراحية دقيقة وطويلة. شعرت وكأنها اختبار للصبر والإيمان. مرت الأيام والأسابيع، وبدأت أشعر بتحسن تدريجي. الألم الذي كان يؤرقني بدأ يتلاشى، وكنت أتلقى دعمًا مستمرًا من جدتي التي لم تتركني للحظة. كانت تقول لي دائمًا: "ستعود أقوى مما كنت عليه يا بني، الأمل هو ما يجعلك تمضي قدمًا."
بعد أن أكملت مرحلة العلاج بنجاح، قدمني الرجل للنادي الإسباني، وهو نادٍ للهواة يركز على تطوير المواهب الشابة. لكن البداية لم تكن سهلة. وجدت نفسي في بيئة جديدة تمامًا، لغة وثقافة مختلفة، وأسلوب لعب لم أعتد عليه. كان عليّ أن أتأقلم مع زملائي في الفريق، لكن بعضهم كان ينظر إليّ بشكٍ أو استهانة لأنني غريب عنهم.
لكنني، بدعم من جدتي وإصراري الذي نما في ظروف قاسية، قررت ألا أستسلم. بدأت بالعمل على تحسين مهاراتي والتواصل مع زملائي بقدر استطاعتي. ورغم التحديات، كان هناك دائمًا بصيص أمل يدفعني للاستمرار.
وبينما كنت أواصل رحلتي في التأقلم والتطور، بدأت أُظهر المهارات التي لطالما آمنت بها. فهل سأستطيع كسب ثقة زملائي والمدربين؟ وهل ستكون هذه هي بداية تحقيق حلمي في عالم كرة القدم؟
 مع مرور الوقت، بدأت أعتاد على الأجواء الجديدة تدريجيًا. تعلمت اللغة الإسبانية شيئًا فشيئًا، وبدأت أتمكن من التواصل بشكل أفضل مع زملائي ومدربي. تدريباتي أصبحت أكثر جدية، وكنت أعمل على تطوير مهاراتي بشكل ملحوظ. أثبت في المباريات أنني لست مجرد لاعب عادي، بل أنني أمتلك موهبة حقيقية. سرعتي الفائقة ومهاراتي في المراوغة والتسديد جعلتني نجم الفريق.

بفضل جهودي وتفانيي، تمكنا من مساعدة الفريق على الصعود من دوري الهواة إلى الدوري الأعلى. كانت لحظة لا تُنسى، شعرت فيها وكأنني أحقق جزءًا من الحلم الذي كنت أطارد منذ زمن طويل. بدأت الجماهير تلتفت إليّ، وأصبح اسمي يُردد على ألسنة المشجعين في كل مباراة.
ومع تألقي، بدأت الأندية الكبرى تلاحظ موهبتي. انهالت عليّ العروض من عمالقة الأندية الأوروبية، وكان بعضها يعرض أرقامًا خيالية من المال وشروطًا مغرية. لكنني لم أكن أكترث للعروض البراقة أو الأرقام الضخمة. بالنسبة لي، كرة القدم كانت شغفًا وحلمًا أسعى لتحقيقه بروح نقية، وليس مجرد وسيلة لتحقيق الثراء أو الشهرة.
ظللت متمسكًا بفريقي الأول، لأنني آمنت أن الولاء والمثابرة هما ما جعلاني أصل إلى هذه المرحلة. كنت أقول دائمًا لجدتي: "أنا هنا لتحقيق حلمي، وليس لأبيع نفسي للأندية الكبيرة. إن كنت سأنجح، فسأنجح لأنني أستحق ذلك، وليس لأنني مجرد صفقة."
ومع ازدياد الضغوط والعروض المغرية، بدأت أتساءل: هل يمكنني أن أبقى وفيًا لفريقي ولقيمي، أم أن هناك مستقبلًا أكبر ينتظرني في مكان آخر؟ وهل سيتغير شيء في رحلتي عندما يصبح حلمي في متناول يدي؟



0📊0👍0👏0👌
شجرة الفلين

  • المشاركات: 4101
    نقاط التميز: 2506
كاتبة قصصية في منتدى القصص القصيرة
مشرفة سابقة
شجرة الفلين

كاتبة قصصية في منتدى القصص القصيرة
مشرفة سابقة
المشاركات: 4101
نقاط التميز: 2506
معدل المشاركات يوميا: 1.9
الأيام منذ الإنضمام: 2158
  • 00:28 - 2024/10/27
جميل أن يحلم المرء ويتحقق حلمه
الشغف سيد الموقف
يجعلك تعطي الكثير من الجهد دون شكوى
متابعة رحلة بطل قصتك
0📊0👍0👏0👌
محمد الدحماني

  • المشاركات:
    7201
مشرف الترفيه
صاحب ردود قصصية متألقة
محرر بمجلة الترفيه
كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
محمد الدحماني

مشرف الترفيه
صاحب ردود قصصية متألقة
محرر بمجلة الترفيه
كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
المشاركات: 7201
معدل المشاركات يوميا: 14
الأيام منذ الإنضمام: 514
  • 10:36 - 2024/10/28
 الجزء الثالث 
 
بينما كنت أعيش أفضل لحظات مسيرتي في النادي، حدث ما لم أكن أتوقعه؛ تغير رئيس الفريق، وجاء رئيس جديد بأفكار مختلفة تمامًا. بدلاً من أن يواصل تطوير النادي ودعم المواهب الشابة، ركز على جلب أسماء كبيرة وتسويق الفريق بشكل تجاري. لم أعد أتلقى نفس الدعم والتشجيع كما كان من قبل، وبدأت أشعر وكأني غريب في الفريق الذي أعطيته كل جهدي.
الرئيس الجديد كان ينظر إلي بشكل مختلف، ليس كلاعب موهوب بل كعبء على الفريق بسبب كوني أجنبيًا. بدأت التعليقات الجارحة تظهر هنا وهناك، بعضها علني وبعضها خلف الأبواب المغلقة. "لماذا نحتفظ بلاعب من الخارج بينما يمكننا بيع عقده والحصول على مبلغ كبير؟"، كانت هذه الجملة تتردد كثيرًا.
ومع تزايد الأزمة المالية التي مر بها النادي، أصبحت الضغوط على الرئيس الجديد أكبر، وكان لابد من اتخاذ قرارات قاسية. كان الخيار الواضح أمامهم هو بيع عقدي للحصول على الأموال التي يمكن أن تُنقذ الفريق من الإفلاس. شعرت كأني مجرد ورقة في لعبة، رقم يمكن التخلص منه بسهولة.
لم يكن الأمر سهلاً عليّ ، فقد وضعت كل آمالي وجهدي في هذا النادي، ورغم العروض المغرية التي تلقيتها من قبل، تمسكت بهم من منطلق الولاء. أما الآن، فقد وجدت نفسي في موقف لم يعد بيدي القرار فيه. جلست مع جدتي في إحدى الليالي أتحدث عن هذه المرحلة الصعبة، فقالت لي: "أحيانًا تُجبرك الحياة على أن تترك مكانًا أحببته، فقط لأن هناك مكانًا آخر ينتظرك ليكتب لك قصة جديدة."
ومع اقتراب موعد انتقالي المحتمل، لم أكن أعرف ما إذا كان يجب عليّ قبول عروض الأندية الكبرى والاستفادة من فرصة ذهبية، أم أن أبقى في الفريق على أمل أن تتغير الأوضاع. وبينما كنت أودع الجماهير التي كانت دائمًا تدعمني، لم أكن أعلم إلى أين ستحملني الأقدار بعد هذا الفراق.

قبل أيام قليلة من موعد انتقالي، مرضت جدتي فجأة. كانت دائمًا الداعم الأساسي لي، ووجودها في حياتي كان مصدر قوتي. شعرت بأن العالم ينهار من حولي مرة أخرى، وكأن القدر يختبرني في كل مرة أقترب فيها من تحقيق حلمي.
بدأت حالتها تتدهور بسرعة، وكنت أقضي معظم وقتي بجانب سريرها في المستشفى، متخليًا عن التدريبات والمباريات. لم تعد لدي الطاقة أو الرغبة في التفكير بكرة القدم، وكل ما كان يهمني هو أن تستعيد جدتي عافيتها. لكن الأيام مرت، والوضع لم يتحسن، بل أصبح أكثر سوءًا.
أثرت هذه الفترة عليّ بشكل كبير، أصبحت شارد الذهن، فاقدًا للحماسة، وتراجع أدائي بشكل ملحوظ. لم أكن أعرف كيف أتعامل مع الضغط الناتج عن احتمالية انتقالي ومخاوفي من فقدان جدتي في الوقت نفسه. كانت كرة القدم حلمًا، لكنها لم تعد تعني لي شيئًا إذا لم تكن جدتي بجانبي لتشاركني نجاحاتي وتدعمني كما فعلت دائمًا.
وفي أحد الأيام، بينما كنت أجلس في المستشفى بجانبها، قالت لي بصوت ضعيف: "أحمد، عليك أن تمضي قدمًا، مهما كانت الظروف. لقد كبرت الآن وأصبحت أقوى، ولا أريد أن أراك تتخلى عن حلمك بسببي." حاولت أن أخفي دموعي، لكنني لم أستطع. كنت أشعر بتمزق داخلي بين البقاء بجانبها والمضي في مسيرتي.
اقترب موعد الانتقال، ووجدت نفسي أقف على مفترق طرق. هل أذهب للبحث عن مستقبلي، أم أبقى مع جدتي التي لا أعرف إن كانت ستتحسن أم لا؟

0📊0👍0👏0👌
محمد الدحماني

  • المشاركات:
    7201
مشرف الترفيه
صاحب ردود قصصية متألقة
محرر بمجلة الترفيه
كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
محمد الدحماني

مشرف الترفيه
صاحب ردود قصصية متألقة
محرر بمجلة الترفيه
كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
  • 22:17 - 2024/10/28

الجزء الرابع 

 

بعد فترة من التردد والمشاعر المتضاربة، قررتُ أخيرًا قبول عرض الانتقال إلى نادي فالنسيا الإسباني. كانت الخطوة فرصة لي، وأعلم أن جدتي كانت تريد الأفضل لي، لكنها ليست بسهولة ما أتصورها. كان قلبي مثقلاً بالهموم والقلق تجاه حالتها الصحية. لم أكن مستعدًا لما كان ينتظرني.

وفي اليوم الذي أُعلن فيه رسميًا عن انتقالي إلى فالنسيا، جاءني خبرٌ كالصاعقة، توفيت جدتي، الإنسانة التي كانت بالنسبة لي عائلتي، وأقرب شخصٍ لي. شعرت وكأن الأرض انسحبت من تحتي، وكأن عالمي انهار مرة أخرى. الألم كان أكبر من أن أتحمله؛ فقدتُ شغفي، وبدا لي أن الحياة التي عشتها فقدت معناها.

بعد انتقالي إلى نادي فالنسيا، حاولتُ بجهد أن أستعيد نفسي، لكنني لم أستطع تقديم الأداء الذي اعتدت عليه. المباريات أصبحت خالية من الإثارة، والتدريبات فقدت روحها. لم أعد اللاعب الذي أثار إعجاب الجميع؛ تحولت إلى مجرد لاعب احتياطي بالكاد يُشارك. كلما حاول المدرب منحي فرصة، كنت أظهر بشكلٍ باهت، وكأن روحي غابت عن الملعب.

إدارة الفريق لم تلبث أن تلاحظ هذا التراجع، وبدأ الحديث حول الاستغناء عني. أصبحوا ينظرون لي كاستثمار لم يُحقق النجاح. حتى زملائي لم يعودوا يتوقعون مني الكثير؛ تحولتُ بالنسبة لهم إلى مجرد لاعب عابر.

كنت أعيش صراعًا داخليًا، أعلم أنني أملك الموهبة، لكن فقدان جدتي أخذ مني كل شيء، ليس فقط المهارات، بل الشغف والطموح كذلك. جلستُ وحدي في شقتي، أتساءل: هل هذه هي النهاية؟ هل ستذهب أحلامي أدراج الرياح بسبب الألم الذي أشعر به؟ وهل سأتمكن من استعادة ذاتي؟


مع فترة الانتقالات، وصلني عرض من فريق مالقا الإسباني، ووافق نادي فالنسيا على بيعي بعد الأداء المتراجع. لم يكن أمامي الكثير من الخيارات، لذا قررت الانتقال إلى مالقا، على أمل أن أجد بداية جديدة. وصلتُ إلى مالقا، مدينة هادئة ودافئة، وبدأت أحاول التكيف مع محيطي الجديد.

أحد الأيام، بعد نهاية التدريب، دخلتُ إلى مقهى قريب من الملعب، حيث قابلت ياسمين، الفتاة التي تعمل هناك. قدمت لي القهوة بابتسامة لطيفة، ومنذ تلك اللحظة، بدأت حياتي تتغير. بدأنا نتحدث شيئًا فشيئًا، وكنا نغوص في أحاديث طويلة عن حياتي وعن أحزاني وأحلامي الضائعة. ياسمين لم ترني كلاعب كرة قدم فقط، بل كإنسان يحمل همومه وأحلامه معًا. كلماتها ألهمتني بأن الحياة تستمر، وأن الفرص الجديدة قد تأتي لتفتح أبوابًا أوسع.

مع وجود ياسمين، بدأ قلبي يشعر ببعض الأمل، وبدأتُ أعود إلى التدريبات بنظرة جديدة. شيئًا فشيئًا، استعدت جزءًا من مهاراتي وشغفي باللعب، لكن هذه المرة كنت ألعب لأجل شخصٍ يؤمن بي ويدعمني، ولأجل ذاتي الجديدة.

مرت الأيام، وتدريجيًا أصبحتُ عنصرًا أساسيًا في فريق مالقا. بفضل جهودي، صعدنا للدرجة الأولى، وكان الجماهير تهتف باسمي في كل مباراة. تحققت أحلام لم أكن أتوقعها، ولم تعد العروض من الأندية الكبرى تهمني بقدر ولائي لهذا النادي الذي أعاد لي الحياة.

وفي خضم كل هذا النجاح، جاءني خبر غيّر حياتي مرة أخرى؛ تم استدعائي للانضمام إلى معسكر المنتخب المغربي تحت قيادة المدرب وليد الركراكي. لم أصدق أن الحلم الذي كان يراودني منذ الطفولة أصبح حقيقة؛ سأرتدي قميص الوطن وأمثل بلدي.


توجهتُ إلى المعسكر بحماس لا يوصف، وكنت عازمًا على أن أثبت نفسي. شعرتُ بالفخر لأن كل ما مررت به لم يكن سدى. تلك اللحظة كانت كفيلة بجعل كل تلك الصعوبات تستحق، فأنا هنا الآن أقف بين زملائي، أستعد لحلم جديد، وأتساءل، هل ستكون هذه بداية جديدة في طريق تحقيق المجد مع المنتخب؟



0📊0👍0👏0👌
محمد الدحماني

  • المشاركات:
    7201
مشرف الترفيه
صاحب ردود قصصية متألقة
محرر بمجلة الترفيه
كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
محمد الدحماني

مشرف الترفيه
صاحب ردود قصصية متألقة
محرر بمجلة الترفيه
كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
  • 10:59 - 2024/10/29

 

 الجزء الخامس 

 

 

عندما استُدعيت إلى معسكر المنتخب المغربي، كانت ياسمين السند الوحيد لي. رغم كل النجاحات التي حققتها مؤخرًا مع نادي مالقا، لم يكن الأمر سهلاً بالنسبة لي فكانت ياسمين دائمًا بجانبي، تشجعني وتذكرني بأن هذه الفرصة هي الحلم الذي طالما سعت لتحقيقه.

في المعسكر، كانت الأجواء تنافسية للغاية ،كل لاعب كان يسعى لإثبات نفسه ليحظى بمكان أساسي في التشكيلة الوطنية. شعرت بالضغط يتزايد، لكنني تذكرت كل ما مررت به في مسيرتي، وكل الأوقات التي كان عليّ فيها القتال من أجل فرصة. بدأت أعمل بجد، واستغليت كل لحظة في التدريبات والمباريات الودية لأظهر أفضل ما لدي.
تمكنت من إثبات نفسي بمهاراتي العالية وروحي القتالية على أرض الملعب. في المباريات الودية التي خاضها المنتخب المغربي، أظهرت أنني لست مجرد لاعب عادي؛ كنت سريعًا في اتخاذ القرارات، ومهارتي في المراوغة والتسديد جعلتني ألتفت أنظار المدرب وليد الركراكي. آمن بقدراتي، وقرر منحي فرصة أكبر للمشاركة في تشكيلته الأساسية.
ومع اقتراب كأس العالم، أصبح حلمي في المشاركة على المستوى العالمي قريبًا جدًا. كنت أعلم أن هذه البطولة ستكون الاختبار الأكبر في حياتي، والفرصة التي يمكن أن تغير مستقبلي إلى الأبد. بينما كنت أستعد بكل حماس وتركيز، كانت أفكاري تتجه دائمًا نحو ياسمين، التي لم تتوقف عن دعمي وتشجيعي حتى في أصعب لحظاتي.
لكن، رغم كل ذلك، ظللت أتساءل عن مدى قدرتي على الحفاظ على هذا الزخم في بطولة بحجم كأس العالم، وهل سأتمكن من تحقيق إنجاز لبلدي وصنع فخر يليق بقميص الوطن؟

قبل أيام قليلة من انطلاق كأس العالم، وفي أثناء إحدى المباريات المهمة مع نادي مالقا، تعرضت لإصابة قوية. كانت ضربة مؤلمة ليس فقط لأنها إصابة، بل لأنها كانت في نفس المكان الذي أصبت فيه سابقًا، ولكن هذه المرة كانت أكثر خطورة. سقطت على أرض الملعب وأنا أشعر بألم شديد، وعندما تدخل الأطباء، كان واضحًا أن الإصابة ليست بسيطة.
نُقلت إلى المستشفى، وأُجريت لي الفحوصات اللازمة. جلست في غرفة المستشفى، أشعر بثقل كبير في قلبي. كنت أعلم أن هذه الإصابة قد تهدد حلمي بالمشاركة في كأس العالم، وربما تتسبب في نهاية مسيرتي بشكل كامل. أخبرني الأطباء بأن إصابتي تتطلب فترة علاج طويلة، وربما جراحة أخرى، وكانت هناك شكوك حول إمكانية عودتي للعب بنفس المستوى.
كانت لحظات صعبة جدًا بالنسبة لي. شعرت وكأن كل شيء ينهار من جديد، بعد أن اقتربت من تحقيق حلمي الأكبر. جاءت ياسمين بجانبي، ولم تتركني لحظة واحدة، كانت تشجعني وتقول: "أنت أقوى من أي إصابة. لقد تجاوزت الصعاب من قبل، وستتجاوز هذه المرة أيضًا." لكن رغم كلماتها المليئة بالأمل، كنت أشعر بقلق عميق، وكأن الحلم الذي كان قريبًا بدأ يتلاشى ببطء.
اجتمع الفريق الطبي مع المدرب وليد الركراكي وناقشوا حالتي. كانت هناك شكوك حول إمكانية استدعائي للبطولة، وكان القرار النهائي يعتمد على سرعة تعافي. في تلك اللحظة، أدركت أن علي اتخاذ قرار صعب؛ هل أخوض رحلة علاج طويلة وأقاتل من أجل العودة، حتى لو كان ذلك يعني غيابي عن كأس العالم، أم أستسلم للواقع وأتقبل أن مسيرتي قد تكون انتهت بهذه الإصابة؟

لم أكن أعلم ماذا أفعل، لكن ما كنت متأكدًا منه هو أنني لن أستسلم بسهولة. كان لدي شعور عميق بأنني أستطيع التغلب على هذه العقبة، وأنني سأعود لأحقق حلمي.


0📊0👍0👏0👌

الرد على المواضيع متوفر للأعضاء فقط.

الرجاء الدخول بعضويتك أو التسجيل بعضوية جديدة.

  • إسم العضوية: 
  • الكلمة السرية: 

 رحلة الأمل تم اضافة الجزء الخامسبداية
الصفحة