تحت ضوء القمر كنا نتسامر أنا وعائلتي، كان ذاك اليوم جميل جدا، لا أدري هل لأننا كنا مجتمعين ولأن ذلك يحدث بشكل نادر ،أم لأنها كانت آخر مرة قبل أن تشتتنا الحرب، في ذاك اليوم كان الأطفال يلعبون بجانب والكبار يتسامرون ويضحكون بجانب آخر، أما أنا كنت في عالمي الخاص أنظر إليهم بكل حب وفرح، لم أكن أتحدث أو أضحك بل كان قلبي هو من يتحدث ويضحك عندما ينظر إليهم في اليوم التالي أصبحنا بصوت للصواريخ تقصف في القريب والبعيد ،وصوت الطائرات الحربية تزلزل قلوبنا خوفا ورعبا. ماهذا؟ مالذي يحدث؟ هذا سؤال كل شخص فينا لا نعلم مالذي يحدث، دخلنا جميعا إلى داخل البيت وأحكمنا إغلاق كل شيء من أبواب ونوافذ ومن بعدها فتحنا التلفاز لنرى مالذي يحدث في وطننا، فتفاجأنا بأن الحرب قد قرعت الطبول نعم إنها الحرب! ومن بعدها الخوف والتوتر قسمنا إلى قسمين: قسم فضل البقاء وقسم قرر النزوح، وبعد جدا طويل واختلاف لأيام وانقطاع الكهربا لأيام طويلة ونقص الماء والغذاء قررنا النزوح، نزحنا إلى أبعد المدن من الحرب، واستقرينا في احدى بيوت العائلة أي منزل خالتي، مضى الوقت ونحن معهم ونحن نشتاق لأيامنا الجميلة قبل الحرب وما كنا ننعم به من أمن واستقرار. مرت الأشهر وسافر اثنين من إخوتي وظللنا أنا وأمي وأبي وأخي الصغير ماكثين في منزل خالتي ،مع مرور الوقت بدأ أبناء خالتي بالملل منا حتى وصل الأمر إلى أن نتشاجر في بعض الأحيان ولأتفه الأسباب، وذات يوم غلبني النوم ولم أستيقظ كالعادة للعمل في منزلهم لأني كنت أشعر بالمرض والتعب، فتفاجأت بابنة خالتي توقظني بكل وقاحة وهي تصرخ قائلة: هل أتيتِ إلى هنا للنوم والراحة، هيا استيقظي أيتها الكسول، غضبت منها وقلت لها: أنا لست خادمة عندك ولن أفعل شيء. وفجأة ومن دون سابق انذار قامت بالهجوم علي وشدي من شعري وبالصدمة لم أتمكن من فعل شيء سوى الصراخ، وعلى إثر الصراخ جاءت أمي راكضة وهي ترجف وتقول: ماذا هناك؟ مابك يابنتي؟ ومن خلفها جاء الجميع وأهل الدار ليروا منظرنا ونحن نتشاجر كانت الدموع تملأ عيني وعجز لساني عن الشرح وركضت نحو أمي احتضنها وأنا أبكي ولم تتمالك نفسها حتى بكت معي، نحن لم نبكي من هذا الموقف فقط بل بكينا على حالنا الذي أوصلتنا لها الحرب فرقتنا،شتتنا، وشردتنا فإلى متى؟ |