الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، أما بعد:
قال الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز-رحمه الله-:
القراءة على الأموات ليس لها أصل يعتمد عليه ولا تشريع، وإنما المشروع القراءة بين الأحياء ليستفيدوا ويتدبّروا كتاب الله ويتعقّلوه، أما القراءة على الميت عند قبره أو بعد وفاته قبل أن يقبر أو القراءة له في أيّ مكان حتى تُهدى له، فهذا لا نعلم له أصلا.
وقد صنف العلماء في ذلك وكتبوا في هذا كتابات كثيرة، منهم من أجاز القراءة ورغب في أن يقرأ للميت ختمات، وجعل ذلك من جنس الصدقة بالمال، ومن أهل العلم من قال: هذه أمور توقيفية، يعني أنها من العبادات، فلا يجوز أن يفعل منها إلا ما أقرّه الشرع.
والنبي ﷺ قال: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد.
وليس هناك دليل في هذا الباب فيما نعلمه يدل على شرعية القراءة للموتى. فينبغي البقاء على الأصل وهو أنها عبادة توقيفية، فلا تٌفعل للأموات بخلاف الصدقة عنهم والدعاء لهم والحج والعمرة وقضاء الدين، فإن هذه الأمور تنفعهم، وقد جاءت بها النصوص وثبت عنه ﷺ أنه قال: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له.
وفي الإمكان أن يتصدّق بالمال الذي يستأجر به من يقرأ للأموات على الفقراء والمحاويج بنيّة لهذا الميت، فينتفع الميت بهذا المال، ويَسلم باذله من البدعة، وقد ثبت في الصحيح أن رجلا قال: يا رسول الله إن أمي ماتت ولم توص وأظنها لو تكلمت لتصدقت أفلها أجر إن تصدقت عنها؟
قال النبي ﷺ: نعم.
فبيّن الرسول ﷺ أن الصدقة عن الميت تنفعه، وهكذا الحج عنه والعمرة، وقد جاءت الأحاديث بذلك، وهكذا قضاء الدين ينفعه، أمّا كونه يتلو له القرآن ويهديه له أو يصلّي له أو يصوم له تطوعا، فهذا كله لا أصل له، والصواب أنه غير مشروع.
دُرر الشيخ ابن باز