  السلطة التنفيذية le pouvoir exécutif هيئة تختص بتنفيذ القوانين، وبالنهوض بعبء الوظيفتين الإدارية والسياسية في الدولة، وقد كانت الوظيفة التنفيذية مختلطة قديماً بالوظيفتين القضائية والتشريعية، وهي، شأنها في ذلك شأن هاتين الأخيرتين، كانت تدخل في اختصاص الملوك، بناء على تفويض من الآلهة، كما كان لرجال الدين شأن أيضاً في ممارسة هذه الوظيفة، مما أدى بدوره إلى حدوث صراع مرير وطويل بين الملوك ورجال الدين. ولم تتمايز الوظيفة التنفيذية عن الوظيفتين القضائية والتشريعية تماماً، إلا مع ظهور أفكار الفقيه الفرنسي مونتسكيو Montesquieu عن الفصل بين السلطات، وتمايز كل واحدة منها عن الأخرى. ممارسة السلطة التنفيذية تمارس السلطة التنفيذية من جانب عدد هائل من الموظفين، يملك كل منهم اختصاصات معينة يمنحه إياها القانون، ويمتنع عليه التنازل عنها، أو تجاوزها، ويشكل هؤلاء الموظفون هرماً، يكون في قمته رؤساء السلطة التنفيذية، (رئيس الجمهورية، رئيس مجلس الوزراء، الوزراء)، وفي قاعدته أصحاب الدرجات الوظيفية الدنيا، وتوجد بين كل هؤلاء خطوط اتصال، تربط الرؤساء بالمرؤوسين، وتتمثل في الأوامر الرئاسية، وفي الإشراف والتوجيه، الذي يمارسه الرؤساء على تصرفات مرؤوسيهم، كما يملك الرؤساء حق التعقيب على التصرفات التي يقوم بها هؤلاء الأخيرون، فيقرون ما قاموا به من تصرفات، أو يلغونها، أو يسحبونها. وتختلف الجهة التي تمارس السلطة التنفيذية في مستوياتها العليا، باختلاف النظام السياسي الذي يسود كل دولة، فهي تتمركز في بعض الدول في يد رئيس الجمهورية، كما هي الحال في الولايات المتحدة الأمريكية، أو في يد رئيس الوزراء والوزراء، كما هي الحال في بريطانيا، أو يمارسها كل من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء وفق توزيع معين للاختصاصات يحدده دستور كل دولة على حدة، وكما هي الحال في فرنسا. وللسلطة التنفيذية اختصاصات واسعة وخطيرة، فهي تختص أولاً بتنفيذ القوانين التي تقرها السلطة التشريعية، وهي في معرض ممارستها لهذا الاختصاص تقوم بإصدار اللوائح règlements المفسرة والمنفذة والمفصلة للقوانين، باعتبارها أقرب للواقع، والأكثر فهماً له من السلطة التشريعية، وكذلك تختص السلطة التنفيذية بمهام حفظ الأمن الداخلي، والدفاع الخارجي، والصحة والتعليم والتخطيط والإعلام والثقافة والصناعة والتجارة، وإدارة العلاقات الدولية، إضافة إلى بعض الاختصاصات الاستثنائية التي تمنحها صلاحيات واسعة جداً في حالة الضرورة. وتتمتع السلطة التنفيذية في معرض ممارستها لاختصاصاتها، ولأنها تعمل في سبيل تحقيق الصالح العام، بامتيازات خطيرة، تسمى امتيازات السلطة العامة les Prérogatives de puissance publique، والتي يأتي في مقدمتها إمكانية إصدار قرارات تنفيذية les décisions exécutoires، أي يمكن أن تنفذ مفاعيلها في مواجهة المخاطبين بأحكامها من دون الرجوع إلى القضاء، كما تتمتع بحق الاستملاك لضرورات المصلحة العامة مقابل تعويض عادل، وكذلك بسلطة التنفيذ الجبري، وبالسلطة التقديرية التي تمكنها من وزن الظروف التي تدفعها إلى إصدار قراراتها، وبمناسبة موضوعات قراراتها مع أسبابها. الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية تخضع السلطة التنفيذية لأنواع مختلفة من الرقابة، في معرض ممارستها لنشاطها، وبسبب اختصاصاتها الواسعة، وتمتعها بوسائل السلطة العامة سالفة الذكر، وهذه الرقابة على نوعين: رقابة سياسية ورقابة قضائية، وتمارس السلطة التشريعية[ر]، النوع الأول من الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، لأن هذه السلطة تجسد الإرادة الشعبية، فهي قلب الشعب وعقله وبصره في ترجمة سياساته، وأهدافه وطموحاته، ومن ثم في مراقبة كيفية تنفيذ هذه السياسات والأهداف، وتختلف كيفية مراقبة المجالس التشريعية لأعمال السلطة التنفيذية وفقاً لما ينص عليه الدستور في كل دولة على حدة. وتُمارس الرقابة القضائية من جانب السلطة القضائية، حيث يراقب القضاء القرارات الصادرة عن السلطة التنفيذية، ويقضي ببطلانها، ومن ثم زوالها، وعدم سريانها في مواجهة المخاطبين بأحكامها، إذا كانت مخالفة للقانون. كما يمكن للقضاء أن يحكم على السلطة التنفيذية بالتعويضات القانونية إذا ثبتت مسؤوليتها التقصيرية أو التعاقدية، وذلك كله مع اختلاف جهة القضاء التي تقوم بهذه الرقابة، وفقاً للنظام القانوني والدستوري لكل دولة بذاتها.  
|