ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القوة الملزمة للعقـــــــــــــــــــــد..1/
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اذا قام العقد صحيح واستوفى جميع أركانه وشروطه توفرت له القوة الملزمة، فيصبح مضمونه واجب التنفيذ وبحسن نية
هذا الوجوب هو ما يعرف بالقوة الملزمة La force obligatoire du contrat، والتي صغها الفقهاء في "العقد شريعة المتعاقدين".
ولا يتقيد بهذه القوة إلا المتعاقدان أصلا ومن يمثلانهم في التعاقد، فهؤلاء دون غيرهم من ينصرف لهم أثر العقد فكان الأثر نسبياً،
فالعقد نسبي في أثره لا يلزم إلا أطرافه بما ورد فيه
L’effet relatif du contrat/ la relativité du contrat، ويقول العميد J.carbonnier :
"إن الفطرة السليمة للإنسان ومبدأ الاستقلال الفردي يتطلبان أن ينشغل كل فرد بأعماله وأن لا يهتم بشؤون الغير".
والعقد يعتبر بمثابة القانون بالنسبة لطرفيه يلتزمان بتنفيذه وبحسن نية كما يلتزمان بتنفيذ القانون تماماً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تخضع القوة الملزمة من حيث الأشخاص إلى مبدأ مهم وهو مبدأ نسبية أثر العقد Le principe de l’effet relatif ، وهو النطاق الشخصي لآثار العقد،
ومفاده أن أثره يقتصر على أطرافه بما يتضمن من حقوق والتزامات، وتنص المادة 113 ق.م أنه: " لا يرتب العقد التزاماً في ذمة الغير ولكن يجوز أن يكسبه حقاً"،
فلا يلتزم غير الأطراف بما ورد في العقد لأن العقد لا ينشىء في ذمة الغير التزاماً، ولكن قد يكسبه حقاً، لكن هذا المبدأ العام ترد عليه استثناءات قانونية
برزها الاشتراط لمصلحة الغير La stipulation pour autrui
أثر العقد بالنسبة للمتعاقدين.
استقر أن العقد لا يتناول أثره إلا المتعاقدين، فالشخص الأجنبي الذي لم يكن طرف فيه ولم تربطه صلة بأي من طرفيه
لا ينصرف إليه أثر العقد سواء كان حقاً أو التزام، والنائب الذي يتعاقد باسم الأصيل لا تنصرف إليه آثار العقد الذي أبرمه رغم أنه هو من تعاقد،
وإنما تنصرف الآثار إلى الأصيل مباشرة
لكن هناك أشخاص في منطقة وسطى فليسوا أطراف أصلية في العقد وليسوا أجانب عن الأطراف الأصلية بل تربطهم بأحد طرفي العقد صلة: خلافة أو دائنية،
فما هو حكمهم بالنسبة لأثر العقد؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والحقيقة أنه يجب التوسع في مصطلح "انصراف"
أثر العقد بالنسبة للخلف العام. Ayant-cause à titre universel
ويعرف أنه من يخلف الشخص في مجموع التركة أو في جزء منها كالوارث والموصى له بنسبة معينة من التركة، والخلافة العامة تكون بسبب عام،
وهي لا تقوم إلا بعد الموت بطريق الميراث أو الوصية ( 774 ق.م و 180 ق.أ)، فالخلف العام يحل محل السلف في ذمته المالية كلها أو في جزء منها،
ويلزم بالعقد لأن السلف كان ملزم به، وله أن يتمسك كقاعدة بحقوق السلف وليس بحقوقه الشخصية إذ أنه لا يضار بالتزامات السلف.
ويسري عليه ما يسري على السلف ففي حالة الصورية يسري عليه العقد الجدي المستور ( 199 ق.م)، وتنتقل له كل الدعاوى والدفوع في حدود الآجال التي قررها القانون،
كما ينتقل له الحق في ممارسة الخيارات العقدية والقانونية التي كانت ثابتة قانوناً للسلف.
تنص المادة 108 ق.م أنه: " ينصرف العقد إلى المتعاقدين والخلف العام ما لم يتبين من طبيعة التعامل أو من نص القانون أن هذا الأثر لا ينصرف إلى الخلف العام
كل ذلك مع مراعاة القواعد المتعلقة بالميراث"، وقد استمد المشرع هذه القاعدة من القانون الفرنسي م 1122
لكنه قيدها بأحكام الميراث في الشريعة أب قاعدة " لا تركة إلا بعد سداد الديون"
وعليه فانتقال الحقوق إلى الخلف العام يتم عن طريق انتقال الذمة المالية للمورث في ناحيتها الإيجابية،
وهي لا تنتقل إلا بعد تصفية التركة من جميع الديون والالتزامات العالقة بها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مدى تأثر الخلف العام بالالتزامات التي يبرمها السلف.
الميراث في الفقه الإسلامي هو خلافة جبرية مقررة بحكم الشارع لا يجوز الاتفاق على مخالفته فهو نظام ملزم لكل من الوارث والمورث،
وهو لا يستحق إلا بعد تصفية التركة من جميع الديون والالتزامات العالقة بها، بخلاف القانون المدني الفرنسي الذي يجعل من الميراث نظام اختياري
يعطي الحق للورثة أن يرفضوا التركة مسبقاً خوفاً من سلبياتها، ومعنى هذه القاعدة الشريعة أن الورثة لا يسألون في أموالهم الخاصة عن الوفاء بالديون والالتزامات التي تركها المورث
فلا تنتقل التزامات المورث غلى ورثته الشرعيين إلا في حدود أموال التركة وبنسبة مناب كل واحد منهم، وهو الأمر الذي لا يمنع انتقال أموال التركة إلى الخلف العام لحظة الوفاة،
مع تحديد مسؤولية الورثة عن التزامات مورثهم، فهم لا يلتزمون بالوفاء بها، إلا في حدود ما آل إليهم من أموال التركة بعد تصفيتها، ومتى أصبحت التركة صافية انتقلت ملكيتها إلى الورثة الشرعيين.
فلا خلافة في الديون والالتزامات طبق الشريعة، وهذا المبدأ يقضي أن الإلتزام يبقى في التركة دون انتقاله إلى ذمة الوارث، لأن الديون الثابتة في ذمة المتوفي لا تورث،
فهي متعلقة بالتركة وحدها فإذا تجاوزت الديون مجموع أموال التركة فإن الورثة وهو الخلف العام غير مسؤولين عن سدادها
فإذا رفض الورثة التركة لم يجبروا على قبولها ولا على تحمل ديونها، وليس للدائنين في هذه الحالة إلا أن يباشروا التنفيذ ضد التركة
لاستيفاء حقوقهم، وهو ما سارت عليه المحكمة العليا أخذاً برأي السادة المالكية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-حالات عدم سريان آثار العقد في حق الخلف العام.
إن مبدأ انتقال وصف الطرف في العقد إلى الخلف العام حيث يستفيد من مخلفات العقود التي أبرمها سلفه ترد عليه استثناءات أشارت لها المادة
إذا احتوى العقد على اشتراط عدم انصراف أثر العقد إلى الخلف العام: صح هذا الشرط أو البند طالما لم يخالف النظام العام والآداب، فالعقد شريعة المتعاقدين
وعندها لا ينصرف أثر العقد للخلف العام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ