بســـــــــم الله الرحمــــــن الرحيـــــم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا
ومـن سيئـات أعمـالنـا مـن يهـده الله فـلا مضل له ومن يضلل فلا هـادي لـه
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسولـه
أما بعد .....
▪ الزبير بن العوام رضي الله عنه وارضاه ج12
قال ابن المديني : سمعت سفيان يقول : جاء ابن جرموز إلى مصعب بن الزبير - يعني لما ولي إمرة العراق لأخيه الخليفة عبد الله بن الزبير - فقال : أقدني بالزبير ، فكتب في ذلك يشاور ابن الزبير ، فجاءه الخبر : أنا أقتل ابن جرموز بالزبير ؟ ولا بشسع نعله.
قلت : أكل المعثر يديه ندما على قتله ، واستغفر ، لا كقاتل طلحة ، وقاتل عثمان ، وقاتل علي.
الزبير : حدثني علي بن صالح ، عن عامر بن صالح ، عن مسالم بن عبد الله بن عروة ، عن أبيه أن عمير بن جرموز أتى ، حتى وضع يده في يد مصعب ، فسجنه ، وكتب إلى أخيه في أمره ، فكتب إليه أن بئس ما صنعت ، أظننت أني قاتل أعرابيا بالزبير ؟ خل سبيله ، فخلاه فلحق بقصر بالسواد عليه أزج ثم أمر إنسانا أن يطرحه عليه ، فطرحه عليه ، فقتله ، وكان قد كره الحياة لما كان يهول عليه ويرى في منامه.
قال ابن قتيبة : حدثنا محمد بن عتبة ، حدثنا أبو أسامة ، عن هشام ، عن أبيه أن الزبير ترك من العروض بخمسين ألف ألف درهم ، ومن العين خمسين ألف ألف درهم . كذا هذه الرواية . وقال ابن عيينة : عن هشام ، عن أبيه قال : اقتسم مال الزبير على أربعين ألف ألف.
أبو أسامة : أخبرني هشام بن عروة ، عن أبيه عن ابن الزبير قال : لما وقف الزبير يوم الجمل ، دعاني ، فقمت إلى جنبه ، فقال : يا بني ، إنه لا يقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم ، وإني لا أراني إلا سأقتل اليوم مظلوما ، وإن من أكبر همي لديني ، أفترى ديننا يبقي من مالنا شيئا ؟ يا بني ، بع ما لنا ، فاقض ديني ، فأوصي بالثلث وثلث الثلث إلى عبد الله ، فإن فضل من مالنا بعد قضاء الدين شيء ، فثلث لولدك.
قال هشام : وكان بعض ولد عبد الله قد وازى بعض بني الزبير خبيب وعباد ، وله يومئذ تسع بنات ، قال عبد الله : فجعل يوصيني بدينه ، ويقول : يا بني ، إن عجزت عن شيء منه ، فاستعن بمولاي ، قال : فوالله ما دريت ما عنى حتى قلت : يا أبة ، من مولاك ؟ قال : الله عز وجل . قال : فوالله ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت : يا مولى الزبير ، اقض عنه ; فيقضيه.
قال : وقتل الزبير ، ولم يدع دينارا ولا درهما ، إلا أرضين بالغابة ، ودارا بالمدينة ، ودارا بالبصرة ودارا بالكوفة ، ودارا بمصر . قال : وإنما كان الذي عليه أن الرجل يجيء بالمال ، فيستودعه ، فيقول الزبير : لا ولكن هو سلف ، إني أخشى عليه الضيعة . وما ولي إمارة قط ، ولا جباية ، ولا خراجا ، ولا شيئا ، إلا أن يكون في غزو مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أو مع أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، فحسبت دينه ، فوجدته ألفي ألف ومائتي ألف ، فلقي حكيم بن حزام الأسدي عبد الله ، فقال : يا ابن أخي ، كم على أخي من الدين ؟ فكتمه ، وقال : مائة ألف ، فقال حكيم : ما أرى أموالكم تتسع لهذه ؟ فقال عبد الله : أفرأيت إن كانت ألفي ألف ومائتي ألف ؟ قال : ما أراكم تطيقون هذا ، فإن عجزتم عن شيء ، فاستعينوا بي . وكان الزبير قد اشترى الغابة بسبعين ومائة ألف ، فباعها عبد الله بألف ألف وست مائة ألف ، وقال : من كان له على الزبير دين ، فليأتنا بالغابة . فأتاه عبد الله بن جعفر ، وكان له على الزبير أربع مائة ألف ، فقال لابن الزبير : إن شئت ، تركتها لكم ، قال : لا ، قال : فاقطعوا لي قطعة ، قال : لك من هاهنا إلى هاهنا ، قال : فباعه بقضاء دينه ، قال : وبقي منها أربعة أسهم ونصف ، فقال المنذر بن الزبير : قد أخذت سهما بمائة ألف ، وقال عمرو بن عثمان : قد أخذت سهما بمائة ألف ، وقال ابن ربيعة : قد أخذت سهما بمائة ألف ، فقال معاوية : كم بقي ؟ قال سهم ونصف ، قال : قد أخذته بمائة وخمسين ألفا ، قال : وباع ابن جعفر نصيبه من معاوية بست مائة ألف ، فلما فرغ ابن الزبير من قضاء دينه ، قال بنو الزبير : اقسم بيننا ميراثنا ، قال : لا والله ، حتى أنادي بالموسم أربع سنين : ألا من كان له على الزبير دين فليأتنا فلنقضه ، فجعل كل سنة ينادي بالموسم ، فلما مضت أربع سنين قسم بينهم . فكان للزبير أربع نسوة . قال : فرفع الثلث ، فأصاب كل امرأة ألف ألف ومائة ألف ، فجميع ماله خمسون ألف ألف ومائتا ألف.
للزبير في " مسند بقي بن مخلد " ثمانية وثلاثون حديثا ، منها في " الصحيحين " حديثان ، وانفرد البخاري بسبعة أحاديث.
قال هشام : عن أبيه ، قال : بلغ حصة عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل زوجة الزبير من ميراثه ثمانين ألف درهم.
وقالت ترثيه :
غدر ابن جرموز بفارس بهمة يوم اللقاء وكان غير معرد
يا عمرو لو نبهته لوجدته لا طائشا رعش البنان ولا اليد
ثكلتك أمك إن ظفرت بمثله فيما مضى مما تروح وتغتدي
كم غمرة قد خاضها لم يثنه عنها طرادك يا ابن فقع الفدفد
والله ربك إن قتلت لمسلما حلت عليك عقوبة المتعمد
سير اعلام النبلاء للامام الذهبي