ابني يكره المدرسة
أم حسان الحلو
المشكلة:
في العام الدراسي الماضي، تراجع ابني دراسياً (كان عمره 11 سنة) وأصبح يكره المدرسة ويتمارض حتى لا يذهب إليها... وقد بلغ به الأمر أن يتغيّب دون أن أدري، ويُخفي عني الأمر ثم أكتشفه من خلال إدارة المدرسة. وقد حاولتُ ووالدهُ معالجة الأمر ولكن دون جدوى. هذه السنة صرّح بأنه لا يريد إكمال تعليمه وأنه يكره المدرسة ويفضل أن يعمل "زبّالاً" - أعزّكم الله - على أن يلتحق بها هذا العام... لقد تعبت منه ومن تمرّده، ولا أريد أن يضيّع مستقبله... فماذا أفعل؟
الحل تقترحه عليك الداعية المربية أم حسّان الحلو:
عزيزتي الأم الفاضلة: بداية يبدو أن حل مشكلة ولدك يحتاج إلى صبر ومتابعة مدروسة، ولربما يحتاج الأمر إلى التعاون مع أحد الموجِّهين التربويين المطّلعين على أحوال الطلبة في مدرسة ولدك؛ فهل هذه ظاهرة خاصة بولدك؟ أم هناك هروب جماعي أو "شِلَليّ" من المدرسة؟ وهل تبلورت كراهية المدرسة بين عشيّة وضحاها في قلب فتى متفوّق؟ الأمر يدعو للحَيْرة والتساؤل لكني أنصحك بالآتي:
أولًا: حاولي كسب صداقته ومعرفة ما يدور بخَلَده؛ وذلك بإظهار محبته والحرص عليه وعلى مستقبله، ومن المناسب ذكر بعض الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة التي تتحدث عن العلم وفضله وفضيلة المتعلّمين. وأذكر على سبيل المثال قول الإمام عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: (مَن أراد الدنيا فعليه بالعلم ومن أراد الآخرة فعليه بالعلم، ومن أرادهما معاً فعليه بالعلم) أي كيفما تقلّبت يا بُني في هذه الحياة فأنت تحتاج للعلم.
ثانيًا: تذكّري جيّداً: هل تزامنت كراهيته للمدرسة مع حبه وتعلقه بغيرها كالرياضة أو الكمبيوتر مثلاً؟ عالجي الطارئ على مشاعره كأنْ تُنظّمي أوقات متابعته لما يهوى، بل اجعلي متابعته لمثل هذه الأمور جوائز لتفوُّقه الدراسيّ.
ثالثًا: تأكدي أن قولَه بأنه يكره المدرسة قولاً انفعاليّاً آنيّاً لا يدرك أبعاده... فإن تعددت معه أساليب الحوار فلم تفلحي فاتفقي مع أحد المهنيين أو أصحاب الدكاكين كي يعمل لديهم ويقتنع تماماً أن الدراسة على صعوبتها خير ألف مرة من العمل في الخدمة ومدى ما يجده من ذُل لم يعتد عليه... قد تحتاجين لشيء من الوقت حتى يدرك ما تقصدين، لكن أن يضيع منه عاماً واحداً خير من أن يضيع عمره على رصيف الحياة.
رابعًا: من المفيد قراءة سِيَر العلماء وآثارهم العلمية الرائعة ومشقّتهم في طلب العلم ورحلاتهم المضنية في طلب حديث واحد...
خامسًا: اجعلي في متناول يده كتباً ومجلاّتٍ مفيدةً وحاوريه في بعض المواضيع.
سادسًا: ارسمي له هدفاً وكوني معه في طريق تحقيقه؛ وهنا قد تكتشفين أنه يحاول الهرب من حقيقة ضعفه في بعض المواد الدراسية جراء إهماله السابق - كالرّياضيات مثلاً - وهنا عليك معالجة ذلك كي يستطيع اللحاق بزملائه. عموماً لا تقلقي كثيراً إنْ تراجعَ درجةً يمكنُ معالجتُها، إنما التراجع الذي يُفضي للرسوب هو المزعج والمقلق والمسبب للهرب من الذات ابتداء ومن المدرسة انتهاء.
سابعًا: لا تنسيه ولا تنسينا من صالح الدعاء.
تُنشر بالتعاون مع مجلة (منبر الداعيات)