السلام عليكم ورحمة الله
.......
بلقيس بنت خلوقة، متفردةوشامخة بخطوتها الثابتة
محبة للخير ومشرقة الوجه بتعابير البراءة المرسومة على جبينها
تساعد والدتها في اعمال المنزل, منذٌ وفاة والدها وهي المعينة لوالدتها لانها البنت الوحيدة لها.
ولكن فيها خصلة لا تحبها أمها فيها
إن شعرت بالتعب لا تبوح ولا تتكلم من ما جعل والدتها تتضايق من هذا الفعل المتكرر
وإن طالبتها بأن تتكلم فهي تزداد كتمان.
يوم بعد يوم والحياة مستمرة في ذلك البيت العتيق بذات الجدران المتشققة من تراكمات عبث الزمن والمناخ بها،و الاهمال الغصب من الوالد
لانهُ كان مريض بداء السل الرئوي ,وهذا سبب ان يتهاون في كل شيء حتى جاء آجله، وفراقه للحياة.
كل بداية اسبوع تذهب بلقيس مع والدتها للتسوق, ما يلزم البيت من خضراوات
والفواكه واشياء اخرى.
-السوق لايبعد كثيرا عن البيت وه سوق ممتاز للتسوق ، بأعمدة عالية البنيان وفيه سقف معتم ويمتد لمسافة طويلة, ففيه باعة اللحوم بانواعها،وبجواره بائعي السمك
والخضراوات على الجانب الاخر ويليهم من يبيع البهارات، والعطارات المتنوعة، وبائعي المكسرات،وأشياء اخرى
فالجميل أنه
كل مكان تفوح منه رائحة مختلفة وكل مكان فيه ديكور يمثل طراز معين وهذا ما يجعله دوما مكتظ بالمتبضعين والمتسوقين والمتفرجين احياناً
_كانت بلقيس معتادة على مكان ما في السوق كلما مرت بهِ
وجدت شاب وسيم المنظر،محدقاً بها بنظرات كأنها ناطقة ومعبرة ولا تكترث هي لها بالمرة، لكنها اعتادت المنظر.
وفي كل أسبوع تتكرر هذه الحالة وتلك النظرات!
_كانت بلقيس تنظر له نظرة تعجب ,وفيها شيء من الاستغراب لما تراه من ذاك الشخص المجهول
مرة بعد مرةومما يثير استغرابها لذلك!
وكانت ترجع الى البيت تبدأ بالتفكير ,تُرى مالذي يراه فيّ ,حتى يحدق بي بهذه النظرات
_ولماذا انا بالذات دون عن كل المارة
_لالا يمكن هي عادته إن يطيل النظر بالجميع، او تحديداً بكل أنثى!!
بالمرة القادمة لن أنظر بإتجاهه ابداً.
-ولن أعير لنظراته أي أهمية , فمن غير الطبيعي أن أخمن وأفكر لنظرته ألف حساب.
_لكن أصبح الأمر لا إرادي ... كل بداية اسبوع تذهب مع والدتها وهما يسيران بالسوق
تجد عيناها تذهب إلى محل عمله وكأنها تبحث عنهُ حتى يراها ويتبعها بنظراته التي تذيب بلقيس الى حنين غير معروف معناه!
وما إن رأتهُ أخيراً,خفق قلبها خفقة غير عادية.
أنتهت من التسوق كالعادة وعادت إلى البيت, وهي تكلم نفسها
لكن هذه المرة كانت أكثر جراءة
-بفكرتها وقالت:
بالاسبوع القادم سأذهب له واٍسأله عن سبب تلك النظرة وما يريد مني!
كانت ايام الاسبوع ثقيلة جداً لا تمضي الساعات ولا الايام .
_ أخيراً أتى زاحفاً يوم الأحد بداية اسبوع جديد.
مشرقة هي كعادتها مستعدة للذهاب إلى التسوق مع والدتها
وهي تبحث كالعادة عليه حتى يراها وكانها مشتاقة لتلك النظرة منه.
_لكن تلك العينان النرجسيتان تبحث وتبحث وتبحث بلا جدوى
تساؤل تلوا الاخر
_كنت اراه هنا وكأنه ينتظرني ويعرف اني سأتي اليوم وبهذا الوقت،
في سريرتها اين هو اين ؟
مشت وحاولت أن تبطىء بسيرها
متحججة انها تريد شراء بعض المكسرات للهو لما تعود للبيت!!
لكن لم تجده ولم ترى له الاثر!
_عادت الى البيت وفي اعماقها حزن وبؤس, اين هو ولماذا لم يظهر اليوم
ولماذا؟ لا ينتظرني كعادته !
وهي مغتاضة إذن لن أنظر إلى مكانه بالاسبوع القادم.
رفع الاذان وهي شاردة
واتت والدتها
هيا يابنتي صلاة العصر.
اه. ماما. حاضر حاضر ها انا استعد.
ولكن تعود تلج في فكرها عدة
تساؤلات كثيرة ,لاحت في آفق سماء افكارها.
ولكن بلا أجوبة ولا راحة لتفكيرها.
_قررت ان تذهب بالاسبوع القادم وتسألهُ من جديد وكانت كلها شوق للقائهِ
مضت الايام ثقيلة حتى حان يومها المنتظر.
_ نزلت من سيارة الاجرة مسرعة لدرجة انها نسيت إن والدتها معها بالسيارة
_انتفضت وعادت هيا يا أمي حتى لا نتأخر
_سارت بسرعة وكأنها تهرول , حتى قرأت لافتة فيها نعي لأحد الشهداء
وكانت الصدمة أنه ذاك الشاب واسمه يوسف
قد توفي شهيداً في إحدى غارات العدو على أرض العزة والكرامة
في غزة فلسطين العروبة وارض الشجعان
أنهارت ببكاء رهيب حتى انتبه لها كل من تواجد بالسوق وانتبهت لها والدتها.
واخذتها على احضانها وهي تبكي لبكاء ابنتها
التي كان الندم يقتلها لانها قد صدته مراراً ،وكانت تستاء من نظراته المحبة لها.
وكانت تندب حظها بكلمات خافتهة، لما آل إليه حالها
وهي بأول بداية تعلق لها به.
...... لكن القدر قال كلمته بكل ألم.
همسة
من معنا اليوم بجمال حضوره
من يعلم
إن غادرنا بالغد فجئة
فأحسنوا لمن يحبوكم
ويجعلون الود هو الديمومة بالتواصل معكم
تمسكوا بقوة فالفراق قاتل متعجرف يشق الصدر نصفين
وأبدا لا يرحم ، والجرح لا يلتئم .
لحظية سريعة كما هي... لذائقتكم
...✍️ بقلم اختكم قمر