السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
«خرج عمرو بن عبد ود وهو مقنع بالحديد، فنادى: من يبارز ؟
فقام علي بن أبي طالب فقال : "أنا لها يا نبي الله!"
فقال عليه الصلاة والسلام: "إنه عمرو، اجلس!".
ثم نادى عمرو: ألا رجل يبرز؟!، فجعل يؤنبهم ويقول: أين جنتكم التي تزعمون أنه من قُتل منكم دخلها!، أفلا تبرزون إلي رجلاً؟!
فقام (علي) فقال: "أنا يا رسول الله"
فقال: "اجلس"
ثم نادى الثالثة، فقام علي رضي الله عنه، فقال: "يا رسول الله أنا!"
فقال: "إنه عمرو!"
فقال: "وإن كان عمْرًا!"
فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمشى إليه، فقال له: "يا عمرو، إنك كنت تقول: لا يدعوني أحد إلى واحدة من ثلاث إلا قبلتها!"
قال له: أجل.
فقال له: "إني أدعوك أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وتسلم لرب العالمين"
فقال عمرو: يا ابن أخي، أخّر عني هذه.
قال علي: "وأخرى: ترجع إلى بلادك، فإن يك محمد رسول الله صادقًا كنتَ أسعد الناس به، وإن يك كاذبًا كان الذي تريد"
فقال عمرو: هذا ما لا تتحدث به نساء قريش أبدًا، كيف وقد قدرت على استيفاء ما نذرت؟!.. ثم قال عمرو: فالثالثة، ما هي؟
فقال: "البراز!"
فضحك فارس قريش عمرو -وكان فارسًا مشهورًا معمرًا قد جاوز الثمانين- ثم قال لعلي: إن هذه الخصلة ما كنت أظن أحدًا من العرب يروعني بها!، ثم قال لعلي: من أنت ؟
قال له: "أنا علي"
قال: ابن عبد مناف؟
فقال علي: "أنا علي بن أبي طالب"
فقال عمرو: يا ابن أخي، من أعمامك من هو أسنّ منك؛ فوالله ما أحب أن أقتلك.
فقال علي: "ولكني والله أحب أن أقتلك!"
فعند ذلك غضب عمرو غضبًا شديدًا، ونزل فسل سيفه، كأنه شعلة نار، ثم أقبل نحو علي مغضبًا، واستقبله علي بدرقته، فضربه عمرو في درقته فقدّها، وأثبت السيف فيها، وأصاب رأسه فشجه، وضربه علي على حبل عاتقه فسقط، وثار العجاج، وسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم التكبير، فعرف الناس أن عليًّا قد قتل عمْرًا.
رضي الله عنه وأرضاه.
من كتاب - دلائل النبوّة - للبيهقي.