ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القوة القاهرة أو الحادث الفجائي:-
(القانون المدني المصري)
فيُقصد بها ما يلحق التصرف بعد وجوده من ظروف مادية تجعل من المستحيل الوفاء بالإلتزامات الناشئة عنه، وتقوم القوة القاهرة على وجود عوامل أو ظروف مادية تتشكل على نحو معين،
تعجز معه الإرادة على توقعها أو دفعها، وفي حال تحقق القوة القاهرة، فإن العقد يجب فسخه، وحتى تتوفر هذه النظرية، فإنه لا بد من توفر ما يلي:-
1- ألا يكون الخطأ أو الحادث أو الفعل صادراً عن المدين.
2- أن يكون الحادث أمراً لا يمكن توقعه مطلقاً عند إبرام العقد.
3- أن يجعل الحادث المفاجئ أو الخطأ غير المتوقع من تنفيذ الإلتزام مستحيلاً إستحالة مطلقة لا نسبية.
المادة 165 من القانون المدني والتي تنص علي أن: (إذا أثبت الشخص أن الضرر قد نشأ عن سبب أجنبى لا يد له فيه، كحادث مفاجئ أو قوة قاهرة أو خطأ من المضرور أو خطأ من الغير، كان غير ملزم بتعويض هذا الضرر، ما لم يوجد نص أو إتفاق على غير ذلك).
وعرفت محكمة النقض المصرية القوة القاهرة بأنها:(القوة القاهرة بالمعنى الوارد في المادة 165 من القانون المدني تكون حربًا أو زلزالا أو حريقًا، كما قد تكون أمر إداريًا واجب التنفيذ، بشرط أن يتوافر فيها استحالة التوقع واستحالة الدفع).
(الطعن رقم 14696 لسنة 83 جلسة 15/12/2014)
ويعرف الفقة القوة القاهرة بأنها حادث شاذ عادي، ولم يتوقعه المرء، ولا كان في امكانه أن يتوقعه، ولم يكن في وسعه درؤه لو توقعه، ويكون من نتيجته أنه ليس فقط يجعل الوفاء بالتعهد عسيراً بل مستحيلاً كلية، وهناك ركنين أساسيين يتكون منهما كل سبب أجنبي، ألا وهما ركن استحالة الوفاء وركن انتفاء الإسناد.(1)
يوضح الفقه الشروط التي بتحققها نكون بصدد إستحاله التنفيذ التي تقضي الإلتزام وهما:- (2)
1- أن يصبح تنفيذ الإلتزام مستحيلاً.
2- وأن ترجع هذه الإستحالة إلي سبب أجنبي لا يد للمدين فيه.
الشرط الأول : أن يصبح تنفيذ الإلتزام مستحيلاً : يجب أن يصبح تنفيذ الإلتزام بعد نشوئه مستحيلاً إستحالة فعلية أو إستحالة قانونية، ولا يكفي أن يصبح تنفيذ الإلتزام مرهقاً ما دام لا يزال ممكناً.
فيجب أولاً أن ينشأ الإلتزام ممكناً، فلا تطرأ الإستحالة إلا بعد نشوئه، أما إذا كان تنفيذ الإلتزام منذ البداية مستحيلاً فأنه لا ينشأ أصلاً ولا محل للقول بإنقضاء ما لم يوجد، وإنما يكون العقد الذي رتب الإلتزام المستحيل باطلاً لعدم توافر الشروط اللازمة في المحل، فمن شروط المحل أن يكون ممكناً إذا كان عملاً أو إمتناعاً عن العمل، وأن يكون موجوداً إذا كان عيناً معينة بالذات،
طبقاً للمواد أرقام 135:131 من القانون المدني.
ويجب بعد أن ينشأ الإلتزام ممكناً أن يطرأ ما يجعل تنفيذه مستحيلاً، اما إذا طرأت حوادث جعلت تنفيذه مرهقاً مع بقائه فلا ينقضي الإلتزام وإنما ينتقل في هذه الحالة إلي نظرية الحوادث الطارئة أو الظروف الإستثنائية، وأثر الحادث الطارئ في الإلتزام وهو ما تقرره الفقرة الثانية من المادة 147 مدني.
الشرط الثاني : إستحالة التنفيذ ترجع إلي سبب أجنبي لا يد للمدين فيه : ولا يكفي أن يستحيل تنفيذ الإلتزام علي النحو الذي قدمناه حتي ينقضي،
بل يجب أيضاّ أن تكون هذه الإستحالة راجعة إلي سبب أجنبي لا يد للمدين فيه.
فإن كانت الإستحالة راجعة إلي خطأ المدين لم ينقضي الإلتزام، ولكن بعدما أصبح تنفيذه العيني أصبح مستحيلاً وجب تنفيذه عن طريق التعويض، فإنه لا يجوز القول بأن الإلتزام الأصلي قد انقضي وحل محله إلتزام جديد وهو التعويض بل إن الإلتزام باق بعينه، وإنما تحول إلتزام المدين من التنفيذ عيناً إلي التنفيذ عن طريق التعويض من التنفيذ العيني إلي التعويض، وهذا التحول يجري بحكم القانون تمشياً مع مقتضي إرادة الطرفين، فليس مما يتعارض مع إرادتهما إذا تعذر التنفيذ العيني بخطأ المدين أن يتحول محل الإلتزام إلي تعويض.
أما إذا كانت الإستحالة راجعة إلي سبب أجنبي والسبب الأجنبي هو الحادث الفجائي أو القوة القاهرة _ فإن الإلتزام ينقضي أصلاً ولا يقتصر الأمر فيه علي أن يتحول محله إلي تعويض، فالتعويض لا يكون مستحقاً ما دامت إستحالة التنفيذ ترجع إلي سبب أجنبي، إذ بعد أن يثبت الدائن وجود الإلتزام يجب علي المدين أن يثبت تخلصه منه وفقاً للقواعد العامة، وهنا لا يستطيع المدين أن يتخلص من الإلتزام إلا إذا ثبت إستحالة التنفيذ وأنها راجعة إلي سبب أجنبي.
وذلك طبقاً لنص المادة ٢١٥ من القانون المدني: (إذا إستحال على المدين أن ينفذ الإلتزام عينا حكم عليه بالتعويض لعدم الوفاء بإلتزامه، ما لم يثبت أن استحالة التنفيذ قد نشأت عن سبب أجنبى لا يد له فيه. ويكون الحكم كذلك إذا تأخر المدين فى تنفيذ إلتزامه).
إذ تقول : (في العقود الملزمة للجانبين إذا إنقضي إلتزام بسبب إستحالة تنفيذه إنقضت معه الإلتزامات المقابلة له، وينفسخ العقد من تلقاء نفسه).
ليستفيد المدين من أحكام القوة القاهرة عليه أولاً إثباتها، بحيث يبين محل إلتزامه والفعل أو الحادث الذي يكون القوة القاهرة، وكيف تسبب في إستحالة التنفيذ، ومثال ذلك أن يثبت مثلا المؤجر هلاك العين المؤجرة أثر حادث زلزال، مبيناً خلال ذلك توافر الشروط التي تجعل من الحادث قوة قاهرة على النحو السابق بيانه، وهذا طبقا للقواعد العامة للإثبات، التي تقتضي أن على المدعي إثبات ما يدعيه.
ففي ما يتعلق بالمسؤلية العقدية، المتعاقدان يعرفان بعضهما مسبقاً، وبينهما عقد فيه بنود مفصلة تبين حقوق وإلتزامات كل طرف فلا موجب هنا لإثبات الإلتزام فهو ثابت، فما على الدائن إلا إثبات وجود العقد ذاته، وهذا يكفي، ويبقى أن يثبت أن مدينه قد أخل بإلتزاماته التعاقدية، وخطأ المدين في هذه الحال مفترض بمجرد عدم التنفيذ، وعلى المدين إثبات أنه نفذ إلتزامه أو إنه إنقضى، بالتالي تنتفي العلاقة السببية بين فعله وبين الضرر الحاصل، والذي يجب أيضاً أن يثبت أنه راجع لسبب أجنبي.
عند هذا الحد يأتي دور المدين ليدفع بوجود السبب الأجنبي (القوة القاهرة)، ولأن القوة القاهرة هي واقعة مادية أو معنوية، فيجب إثبات الفعل أو الحادث المكون لها بكل الطرق.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ