استثمار الإحصاءات في الإعلام
د. نزار نبيل أبو منشار
تفيد الدراسات النفسية والاجتماعية بأن استماع الشخص لرقمٍ ما وسط كلام كثير ينتج عنه انشداد ذهن السامع إلى الرقم المطروح بوصفه غريباً عن سياق الكلام، مغايراً لطبيعته، الأمر الذي يزيد من نسبة التركيز على المادة الغريبة المطروحة.
ومثل الأرقام.. الإحصائيات التي يمكن أن يتزود بها الإعلامي في مجالات حديثه وكتاباته بعد الحصول عليها من مصادرها المعتمدة، كإحصائيات البطالة والفقر وأعداد السكان والوفيات والشهداء والأسرى والبيوت المهدمة ونحو ذلك من أمور تهمه وتخدم تطلعاته.
وبالإضافة إليها، هناك الدراسات الموثقة التي تنشرها دور النشر، ومراكز الأبحاث المختلفة، مؤسسات الإحصاء المجتمعي، ودوائر قياس الرأي العام، حيث تصدر هذه المؤسسات دراسات تفصيلية تهم كل إعلامي، وتطلعه على معطيات حقيقية يستند إليها في خطابه وحديثه.
والوصول إلى إحدى هذه النقاط الهامة يُملّك الإعلامي المسلم أثناء حديثه في مجال من المجالات الحكمةَ التي هي قول مقتضب بليغ ذو معنى عظيم، فهذه الحكم رغم انحصار كلماتها إلا أنها تشكل نقطة قوة تحسب للمسترشد بها إذا وضعها موضعها الملائم.
يطرح عليك مقدم البرنامج سؤالاً مباشراً يريد منك أن تجيبه عليه بناء على تصوراتك الخاصة، فيقول: الاحتلال في أرضكم جاثم، وقد عشش وفرخ، ولديه آلته العسكرية الهائلة الضخمة التي هزمت شعوباً عربية مجتمعة، وأنتم كفلسطينيين في الميدان لوحدكم، فهل ستستطيعون الصمود، وإن صمدتم فإلى متى.
إجابتك على هذا السؤال ستكون أقوى إذا دعمتها بحكمة واضحة مشهورة يحفظها حتى مقدم البرنامج الذي طرح عليك السؤال.
والإجابة النموذجية التي اقترحها مثلاً.. أن تقول بوضوح: " نحن شعب له حق ثابت وتاريخي، والاحتلال جسم غريب مرفوض الوجود حتى وإن فرض نفسه بقوة السلاح والمجازر، وحقوق الشعوب لا تضيع بالتقادم "، وقد أنبأنا المثل العربي بقوله: " لا يضيع حق وراءه مطالب " فنحن ثابتون على أرضنا، متمسكون بحقوقنا حتى آخر رمق فينا، وسيأتي اليوم الذي تتحرك فيه أمة الأقصى لنصرة الأقصى، وثباتنا خطوة على الطريق، و" طريق الألف ميل تبدأ بخطوة " كما قال الصينيون القدماء.
وبعد هذا التعداد لبعض نقاط القوة التي التمستها في خطابات وأحاديث الوجوه الإعلامية والعربية والغربية، فإني آمل أن تكون محطات مضيئة للإعلاميين المسلمين حتى يلزموها، ونشر المعارف وبذل العلوم يشكل منطلقاً فكرياً لتحرك الطاقات، وثقتي بجيل الإعلام المسلم الصاعد كبيرة وعظيمة.