في بداية أي عمل أو مشروع أو مهمة ما كالدعوة أو حفظ القرآن أو ممارسة رياضة معينة...يكون الحماس زائدا والنشاط مُتوَهِّجا.
لكن بمرور الوقت سرعان ما تفتُر الهمم ويقِلَّ الحماس، ويخِفَّ الإقبال على تلك المهمة أو المشروع، ولهذا قيل: لا تغتر بالبدايات فالعبرة بالنهاية.
وهذا أمر بديهي في الحياة؛ فالحماس الذي يكون في البداية ناشئ من حب الاكتشاف وتجربة ما هو جديد، وهذا يتساوى فيه كل الناس.
أما الاستمرار على نفس العمل أو نفس الهدف فيتطلب نَفَسا طويلا وصبرا مُضنيا وشاقا، و لهذ ا يتساقط المتخاذلون في الطريق ليبقى أقواهم تحمُّلا وصبرا.
و لمحاربة الفتور لا بد من التنبُّه لما يلي:
- أن من أسباب الفتور طول الطريق وضآلة النتائج المُحقَّقة، فالنفس تستعجل قطف الثمار بسرعة. وهذا خطأ كبير، فالهدف ليس هو الثمرة بحد ذاتها؛ وإنما هو الوثوق بأننا نسير على الطريق الصحيح، حتى وإن تأخرت النتائج أو لم نرها مطلقا. ففي السيرة النبوية نماذج لصحابة كرام ماتوا أو استُشهِدوا في بداية الدعوة؛ ولمَّا يرَوا انتصار الإسلام ولا النتائج المُبهِرة التي جاءت من بعدهم، يَروي خبَّاب بن الأرت رضي الله عنه، فيقول: "هَاجَرْنَا مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في سَبيلِ اللهِ، نَبْتَغِي وَجْهَ اللهِ، فَوَجَبَ أَجْرُنَا علَى اللهِ، فَمِنَّا مَن مَضَى لَمْ يَأْكُلْ مِن أَجْرِهِ شيئًا، منهمْ مُصْعَبُ بنُ عُمَيْرٍ، قُتِلَ يَومَ أُحُدٍ، فَلَمْ يُوجَدْ له شيءٌ يُكَفَّنُ فيه إلَّا نَمِرَةٌ، فَكُنَّا إذَا وَضَعْنَاهَا علَى رَأْسِهِ، خَرَجَتْ رِجْلَاهُ، وإذَا وَضَعْنَاهَا علَى رِجْلَيْهِ، خَرَجَ رَأْسُهُ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: ضَعُوهَا ممَّا يَلِي رَأْسَهُ، وَاجْعَلُوا علَى رِجْلَيْهِ الإذْخِرَ، وَمِنَّا مَن أَيْنَعَتْ له ثَمَرَتُهُ، فَهْوَ يَهْدِبُهَا".
- أن النفس تمَلُّ بطبيعتها، ولهذا وجب الترويح عنها من حين لآخر، وعدم الاقتصار على نشاط واحد؛ فيُمكِننا التنويع في الأساليب والتجديد فيها.
- أن أهم وسيلة للثبات على الطريق إيجاد رفقاء على نفس الدرب مؤمنين بنفس الأهداف؛ فهم يشجِّعونك حين تيأس، ويأخذون بيدك حين تقع، ويُحِسُّون بأن نجاح أحدِهم نجاح للجميع.