السفينة (العملاقة) البريطانية التي قصفت جدة أثناء أحداث تُعرف بـمذبحة جدة 1858.
في عام 1858 تعرضت جدة للغزو البحري من إحدى قطع الأسطول الإنجليزي والتي تسمى بمذبحة جدة 1858، وسبب ذلك أن صالح جوهر وهو أحد ملاك السفن بجدة، اشترى مركبًا عليه العلم الإنجليزي، فسعى إلى تغييره وإحلال علم الدولة العثمانية التي كانت تحكم الحجاز آنذاك محله، فغضب القنصل الإنجليزي وذهب إلى المركب، وأعاد العلم الإنجليزي إلى مكانه من السارية، وأشيع يومها في جدة أن القنصل الإنجليزي قد وطأ العلم العثماني بقدمه، وهو يطلق الكثير من الشتائم، فثارت ثائرة الناس، واقتحموا دار القنصل الإنجليزي وقتلوه، وقتلوا معه 20 من الدبلوماسيين والتجار الغربيين، بينما اضطر آخرون إلى الهرب سباحة إلى حيث ترسو إحدى قطع الأسطول الإنجليزي سيكلوب. وكانت الأجواء النفسية في جدة مهيأة لمثل تلك الحادثة، فقد أشيع قبلها أن شركة أجنبية للسفن البخارية تسعى إلى احتكار شؤون الملاحة بمساعدة بعض تجار المدينة وأثريائها، فجاءت تلك الحادثة لتشعل فتيل الغضب في المدينة. وعلى أثر تلك الحادثة، فتحت إحدى السفن الحربية الإنجليزية نيران مدافعها على جدة في 25 يوليو 1858، فلقي سبعة من السكان حتفهم من جراء تلك الغارة، وواصلت بريطانيا وفرنسا ضغطهما على الحكومة العثمانية، فساقت إلى ساحة الإعدام 11 شخصًا، ثم ألحقت بهم اثنين آخرين، أحدهما محتسب مدينة جدة، وسجنت ونفت آخرين ممن حامت حولهم الشكوك بالمشاركة في ذلك اليوم.
رسم للرسام الفرنسي كارل جيرارديت لمدينة جدة عام 1860.
بعد قيام الثورة العربية الكبرى وطرد العثمانيين من الحجاز على يد الشريف حسين، استمرت جدة كميناء رئيسي ومهم للحجاز، ثم بعد أن نشبت الحرب النجدية الحجازية وسقوط الطائف ومكة بيد الملك عبد العزيز، تم حصار جدة في شهر يناير من عام 1925، ففرض الملك عبد العزيز الحصار على المدينة، ولما طال الحصار واستمر إلى ما يقرب من 12 شهرًا، طلب الملك عبد العزيز معونات عسكرية إضافية، فقدم الأمير فيصل بن عبد العزيز إلى جدة بقواته، ليشترك مع والده الملك عبد العزيز في الحصار، وبعد أيام استسلم الملك علي بن الحسين ودخلت القوات السعودية مدينة جدة. وتم توقيع اتفاقية تسليم جدة، حيث وُقعت الاتفاقية في يوم الخميس 1 جمادى الثانية 1344 هـ الموافق 17 ديسمبر 1925. حيث دخلت جدة تحت الحكم السعودي.
في العهد السعودي
أحد شوارع مدينة جدة ليلاً.
تُعدّ مدينة جدة في العصر الحالي من أهم المدن السعودية، والبوابة التجارية لها مما أكسبها أهمية كبيرة بالنسبة لحركة التجارة الدولية مع الأسواق الخارجية، وهي من قديم الزمان كانت تمثل المنفذ الخارجي للمملكة، ونتيجة لذلك عاشت نهضة صناعية كبيرة وتطور في جميع المجالات التجارية والخدمية، الأمر الذي جعلها من أكثر المدن استقطاباً للأعمال حتى صارت مركزاً هاماً للمال والأعمال. ومن ذلك اكتسبت جدة أهمية سياحية وباتت من أكثر المدن السعودية التي تحتضن مرافق ومنشآت سياحية متطورة كالفنادق والشقق المفروشة والمنتجعات، إضافة إلى المطاعم، إضافة إلى المراكز الترفيهية والمتاحف الأثرية والعملية والتاريخية، وتحتوي مدينة جدة على أكثر من 320 مركزاُ وسوقاً تجارياً، وبذلك تمثل ما يزيد على 21% من إجمالي الأسواق والمراكز التجارية بالمملكة، وكما أن جدة تعرف بالمتحف المفتوح وذلك لوجود أكبر عدد من المجسمات الجمالية (360 مجسم) صممها فنانين عالميين في فن النحت. وتتميز جدة باعتبارها بوابة الحرمين الشريفين وأول محطة للحجيج والمعتمرين القادمين إلى الأراضي المقدسة، حيث يدخل إلى جدة سنوياً عبر مطار الملك عبد العزيز الدولي أعداداً كبيرة، تصل إلى 5 ملايين نسمة سنوياً بهدف العمرة أو الحج أو العمل أو سياحة وترفيه. وهذا بخلاف القادمين براً بالسيارات الخاصة أو العامة إضافة إلى سكان جدة (تشير تقديرات إدارة خدمات الطرق بوزارة المواصلات إلى أن حركة السيارات في الاتجاهين لـ مكة وجدة والمدينة خلال سنة يتراوح ما بين (40 ألف و60 ألف سيارة يومياً) مما يشكل قوة شرائية هامة للغاية وذات طلب مؤثر على المشروعات السياحية والترفيهية وقطاعات الأعمال والتجارة.