العناد سلوك موجود عند الناس بنسب متفاوتة يبدأ من الإصرار على الموقف ويتفاقم إلى درجات أعلى، ويصبح ظاهرة تستحق أن يُطلق عليها صفة العناد حينما يصل الشخص إلى درجة حادة من التصلب في الرأي. والعناد لا يرتبط بجنس معين أو مرحلة عمرية معينة فهو يصيب الصغار والكبار، النساء والرجال، ولكل طرق علاجه الخاصة، فما هي كيفية علاج العناد عند الكبار؟ وماهي صفات المرأة العنيدة؟ وهل علاج العناد عند الأطفال يختلف عن علاج العناد عند المراهقين؟ وقبل ذلك كله هل العناد مرض نفسي يستدعي العلاج؟ أم هو مجرد حالة عابرة؟
صفة العناد غالبا ما تطلق على الشخص الذي تتسم شخصيته بالرفض السلبي المستمر أو التشبث بالرأي. وهو اضطراب سلوكي يتّسم بالعند من دون هدف أو وعي ومن دون تفسير الأسباب. وتتميز هذه الشخصية بعنف ردود أفعالها. ولكن بطبيعة الحال علاج العناد عند الكبار يختلف عنه لدى الأطفال والمراهقين.
بحسب باحثين ألمان، فان هناك جينا أو موروثا مسؤولا عن العناد عند بعض الناس. ولعل هذا السبب الذي يؤدي للتغيير في العلاج العناد عند الكبار وعند غيرهم. وهذه الطفرة الجينية تؤدي إلى أن يصبح لدى الناس قدر أقل من مستقبلات دي 2 في المخ وهي المستقبلات التي تنشط حينما تنخفض مادة الدوبامين التي تساعد في عملية التعلّم.
لكن الانطباع العام لدى عامة الناس، وربما حتى لدى الأطباء والمختصين، العناد حينما يوصف به سلوك معين، فإن المقصود يتجه مباشرة إلى الصفة السلبية في ذلك السلوك. لكن بعض الدراسات أشارت في جزئيات معينة إلى أن العناد في بعض الحالات يمكن أن يكون له آثار إيجابية.
بين العناد السلبي والعناد الإيجابي
العناد الايجابي
ليس كل عناد هو عناد سلبي. فهناك العناد الطبيعي الذي يعتبر أيضا عناد التصميم والإرادة. هو نوع من المثابرة من أجل الوصول لهدف معين وعدم الاستسلام والتحدي. كما هو دليل على الاستقلالية وقوة الشخصية. وينشأ منذ الطفولة. والشخص الذي لايملك هذا العناد الطبيعي غالبا ما تكون شخصيته ذات خضوع واستسلام، وقد يصبح في المستقبل خجولا وانطوائيا وجبانا.
العناد السلبي
يُصر صاحب هذه الشخصية على التمادي في الإثم والغيّ، مهما بُذل معه من محاولات الإقناع أو الحوار، وكثيرًا ما يرفض الحلول والبدائل. وهناك نوعان من هذا العناد:
1- العناد العقلي: وهو التصلب في الرأي، الذي يقاوم تصديق ما يطرح على صاحبه من معلومات وحقائق.
2- العناد النفسي: وهو الذي لا يقوم على منطق، ولا يسانده دليل ولا حجّة، بل هو نزعة عدوانية، وسلوك سلبي، وتمرّد ضد الآخرين، وتظهر معه إرادة المخالفة والتصادم وعدم الاستجابة للنصح والتوجيه.
وعموما، ليس هذا موضوعنا. موضوعنا هو كيفية علاج العناد عند الكبار. وعليه سنحاول في البداية فهم هذه الظاهرة وتحديد مستوياتها وتشخيص مواطن المرض فيها، قبل التطرق إلى كيفية علاج العناد عند الكبار، وبحث التقنيات العلمية وغير العلمية، والطرق المعتمدة اجتماعيا وانسانيا وثقافيا لعلاج العناد عند الكبار.
ما مفهوم العناد؟
هناك العديد من التعريفات وأيضا المفاهيم للعناد. وهناك أيضا طرق مختلفة لعلاج العناد عند الكبار وعن الأطفال أو المراهقين. وفي تعريف العناد هناك من يصفه بأنه رد الحق مع العلم بأنه حق. ويقول أن المعاندة أو المكابرة هي المنازعة في المسألة العلمية، لا لإظهار الصواب بل لإلزام الخصم. وقيل المكابرة هي مخالفة الحق بعد العلم به.وقد يصل العناد إلى درجة الخروج على السلطة والمبادئ والقيم والقوانين والعقائد والأعراف السليمة أو هو الخروج على ما ينبغي الالتزام به وبالتالي الخروج عن الضوابط المحددة.
والعناد صفة سلبية يتصف بها كلّ من الرجل والمرأة. وهو حالة يمكن أن تبدأ مع المراحل الأولى للطفولة، وهو الأمر الذي يجعل علاج العناد عند الكبار فيما بعد أمر في غاية الصعوبة. وتلجأ الكثير من الأمهات لإيجاد حل لمشكلة تعاني منها ابنتها أو ابنها وهي العناد. والحقيقة أن معظم الأطفال ينشؤون رافضين للكثير من الأشياء في الأكل والشرب والدراسة والقيام بأمور كثيرة، وليس بالضرورة أن نسمي هذا عنادا. فما يعدل سلوكهم هنا هي تربية الوالدين السليمة، لكن يسهل على الوالدين أن يطلقا على الطفل وسلوكه أنه عنيد ويلجأون إلى المختصين. أما العناد فهو شيء آخر قد يبدأ من الطفولة وبسبب التنشئة الأبوية أيضا، ويستمر لمرحلة المراهقة والرشد وحتى في مرحلة الشيخوخة، فكثيرا ما نسمع عن عناد كبار السن وكأنهم أطفال.
وبالتالي فإن صفة العناد يمكن تطلق على أي شخص في أي مرحلة عمرية، وفي أي مكانة اجتماعية أو ثقافية. فكثيرا ما نسمع مثلا أن هذا المدير عنيد أو هذا المدرب عنيد أو هذا الشخص متصلب التفكير لدرجة الغباء والعناد.
ماذا يعني أن يكون الشخص عنيدا؟ هو رفضه التام لتغيير رأيه أو سلوكه على الرغم من الضغوطات الخارجية التي يتعرض لها. وهو الشخص الذي يقرر ويعزم على القيام بما يريد القيام به ويرفض تغيير رأيه.
وتعرّف الدكتورة ناديا بوهنّاد العناد بأنه أحد الخصائص السبع للشخصية المظلمة المعقدة والتي يطلق عليها البعض السوداوية لأنها لا ترى إلا السواد وتهمل الجانب المضيء في أي شيء. كل إنسان لديه الاستعداد لأن يكون عنيدا في أمر أو آخر، لكن الشخص الذي لديه خوف كبير من التغيير يكون العناد لديه أكثر من غيره، كما أن هناك فرق بين الشخص العنيد والذي يعرف ما يريد.