السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد :
● قال الإمام ابن القيِّم -رحمه الله- : "فالوقت منقض بذاته، منصرم بنفسه، فمن غفل عن نفسه تصرَّمت أوقاته، وعظم فواته، واشتدَّت حسراته، فكيف حاله إذا علم عند تحقُّق الفوت مقدار ما أضاع، وطلب الرُّجعى فحيل بينه وبين الاسترجاع، وطلب تناول الفائت، وكيف يردُّ الأمس في اليوم الجديد، وأنَّى لهم التَّناوش من مكان بعيد، ومنع ممَّا يحبُّه ويرتضيه، وعلم أنَّ ما اقتناه ليس ممَّا ينبغي للعاقل أن يقتنيه، وحيل بينه وبين ما يشتهيه" [مدارج السَّالكين (50/3)].
● وقال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- : "والذي يظهر أنَّ السَّبب في امتياز عشر ذي الحجَّة لمكان اجتماع أمَّهات العبادة فيه، وهي: الصَّلاة، والصِّيام، والصَّدقة، والحجُّ، ولا يأتي ذلك في غيره" [فتح الباري (460/2)].
● وقال الشَّيخ صالح الفوزان -حفظه الله- : "الحاصل أنَّ هذه العشر المباركة لها شأن عظيم، فينبغي للمسلم أن يستقبلها بالبشر والفرح والسُّرور بمقدمها، وأن يستغلَّها فيما شرع الله فيها، حتَّى تكون كسبا له عند الله -سبحانه وتعالى-، يجده يوم يقدم على الله -سبحانه وتعالى-، وكما ذكرنا أنَّ كلَّ حياة المسلم فيها خير إذا استغلَّها في طاعة الله، ولكن تخصَّص الأيَّام والأوقات الَّتي فضَّلها الله -سبحانه وتعالى- بمزيد اهتمام، ومزيد اجتهاد، ولكن مع الأسف أنَّ كثير من النَّاس تمرُّ عليهم أعمارهم، وتمرُّ عليهم الأيَّام الفاضلة والأوقات الشَّريفة ولا يستفيدون منها، تذهب عليهم سدى، وقد لا يكفي إنَّهم لا يستفيدون منها، بل يستغلُّونها في الحرام والمعاصي والسِّيِّئات، خصوصا في هذا الزَّمان الَّذي فشت فيه الشَّواغل والملهيات من وسائل الإعلام، والبثِّ الفضائيِّ، والأنترنت، والأسواق، والعمل في التِّجارة، أو العمل في الوظائف، أو غير ذلك، وهذا وإن كان أنَّه مطلوب من المسلم أنَّه يطلب الرِّزق، ولكن لا يشغله ذلك عن اغتنام هذه المواسم، فيجمع بين طلب الرِّزق وبين اغتنام هذه المواسم، والله -جلَّ وعلا- لم يمنعنا من العمل للدُّنيا ما نحتاج إليه، ولكنَّه نهانا أن ننشغل بالدُّنيا عن الآخرة" [موقع الشَّيخ الرَّسميّ].