عندما يولد طفل من ذوي الإحتياجات الخاصة في العائلة، فإن معظم الاهتمام يكون متركزا عليه، وبالتالي لو كان لديه أشقاء وشقيقات أصحاء فإن الاهتمام بهم يكون أقل، ليس هذا فحسب بل إنهم يضطرون إلى تحمل معاناة لا يشعر بها من ليس لديه شقيق/ة من ذوي الإحتياجات الخاصة .
المعاناة التي يعانيها هؤلاء الأشقاء من وجود طفل من ذوي الإحتياجات الخاصة في العائلة، يحمل عددا من الإيجابيات لباقي أشقائه الأصحاء، فهو يعلمهم مبكرا أن يكونوا أكثر تحملا للمسؤولية، أكثر تعاطفا مع الآخرين، وأكثر مرونة في تعاملهم.
غير أن الظروف المختلفة التي تحيط بكل عائلة تنتج أحيانا أشكالا متعددة للمعاناة التي يعانيها أشقاء وشقيقات الطفل من ذوي الإحتياجات الخاصة وسنستعرض أبرز تلك الأشكال فيما يلي:
– الشعور بالحاجة لأن يكون المرء مثاليا: يدرك شقيق/ة الطفل من ذوي الإحتياجات الخاصة أن والديه يبذلان قصارى جهدهما لمساعدة ذلك الطفل وتأمين احتياجاته. وغالبا ما يلحظ هذا الشقيق المعاناة التي يعانيها والداه في سبيل هذا الأمر، وهذا يؤدي به إلى البحث عن المثالية بكل تصرفاته خوفا من ارتكاب أي خطأ أو هفوة تزيد من متاعب والديه. لكن من المستحيل أن يتمكن المرء من الوصول للمثالية الكاملة التي يبحث عنها مما يصيبه بالتوتر في كثير من الأحيان.
– الشعور بعدم قدرة المرء التعبير عن مشاعره: بداية علينا أن نعلم أن شقيق صاحب الإحتياجات الخاصة يحب ويعطف على شقيقه، لكنه يشعر أحيانا أنه يجب عليه أن يعامله معاملة خاصة بحيث لا يبدي غضبه من أي تصرف يقوم به شقيقه صاحب الإحتياجات الخاصة مما يسبب له الكثير من الضيق في بعض الأحيان.
– حمل فكرة مختلفة عن البيت والعائلة: يعرف معظم الأطفال عائلاتهم بأنهم مصدر الدفء والحنان وأن بيوتهم مكان للتجمع العائلي والأحاديث الودية الدافئة.
لكن بالنسبة للطفل الذي لديه شقيق/ة من أصحاب الإحتياجات الخاصة فإن الأمر مختلف؛ فقط وصفت إحدى الطفلات والديها بأن والدها "يتكفل” رعاية شقيقها صاحب الإحتياجات الخاصة ووالدتها "تتكفل” رعايتها! أي أن العائلة تصبح بنظر الأشقاء الأصحاء كأنها مهنة مقسمة بطريقة معينة عليهم. وبالتالي فإنهم في بعض الحالات قد ينظرون لبيوت أجدادهم أو أقاربهم كمصدرهم الأساسي للحصول الدفء العائلي الذي يبحثون عنه ولا يجدونه في بيوتهم.
– شعور المرء بأن مشاكله سخيفة إلى حد بعيد: يعاني بعض أصحاب الإحتياجات الخاصة الكثير من المشاكل قد تكون مهددة لحياتهم. وقد تكون مشاكل بكون بعضهم مثلا لا يستطيع تناول طعامه بنفسه أو الاهتمام بحاجاته الخاصة إلا بمساعدة غيره مما يحد من حريته.
هذه المشاكل وما شابهها تجعل الطفل السليم يخجل من الحديث عن المشاكل التي تعترضه لكونها تصبح عبارة عن مشاكل سخيفة وتافهة بنظره. هذا الأمر وإن كان جيدا من زاوية عدم تهويل المشاكل، إلا أنه أمر سيئ من زوايا أخرى عدة، فالكثير من المشاكل التي قد تعترض الطفل السليم تكون بحاجة لنصيحة الوالدين، وعندما لا يعبر عنها لهما فإنها قد تتفاقم وتثقل كاهله.
– الشعور بعدم عدالة البشر: يضطر الطفل السليم مبكرا إلى التعامل مع حقيقة أن شقيقه صاحب الإحتياجات الخاصة غير مرحب به في جميع الأماكن، وأن البعض قد ينظرون له نظرة شفقة أو ما شابه، وهذا يشعر الطفل السليم بحزن عميق كونه لا يملك القدرة على تغيير نظرة العالم من حوله، وهذا يجعله يتعامل مع الناس بشيء من الحذر الزائد لكونه يدرك بأن لطافتهم معه لا تعني أنها حقيقتهم في التعامل.