أبدأ بهذا القول، وهو أكثر قول قريب، خلال بحثي السريع عن اقتباس، إلى الفكرة التي أريد التعبير عنها:
−الكتابة بذهن مشتت تشبه النوم أثناء السباحة كلاهما يؤدي إلى الغرق.
الكاتب الحديث العهد بالكتابة حين يمسك القلم وبدافع من الحماسة يريد النشر سيؤدي به ذلك غالباً إلى الفشل في حقل الكتابة الأدبية. لا أعني أنه لن يتمكن من نشر أدبياته، قد يجد دار نشر تقبل بنشر أعماله، ولكن ما فائدة نشر العمل الأدبي دون أن يُخلد؟ دون أن يعيش حتى بعد موت الكاتب؟ ولكي يُخلد العمل الأدبي، يجب أن يكون عبارة عن تحفة أدبية صاغها الزمن وصاغتها التجارب الذاتية لدى الكاتب.
الكتابة الحقة شعور، والشعور هو بحر في كوامن النفس البشرية لا يتمكن من ترجمتها إلى نص بليغ مُعبر إلا كاتب أديب. لهذا السبب أقول: العمر الصغير لا يكفي لكتابة كتاب ناجح، يجب أن يكون الكاتب عاش مديداً من السنوات، وخاض عديداً من التجارب، ومر على منعطفات العواطف الإنسانية الغريزية تحت شمس الوعي وفي الظل، ونازع أمواج الحياة؛ لكي يكون قادراً على امساك القلم بهدف النشر. الكتابة ليست بحث أكاديمي، هيا ابحث في النت ودوّن وسجل ولاحظ وقارن المعلومات واكتب! لا، الكتابة هي عصارة الإنسان الحياتية والفكرية والتذوقية للحياة.
هي وجهة نظر، قد أصيب بها وقد أخطئ، وبناء على ملاحظة، لا يمكن أن يقدم الكاتب الشاب أو المبتدئ منشور أدبي يستحق القراءة إلا إذا أفنى عمره بالكتابة ووصل إلى عمر متقدم. ربما أقول فوق الأربعين، ويا حبذا لو كان في الخمسين والستين. في هذا العمر، من الأربعين إلى الستين، يكون الكاتب موفق في اقتناص المشاعر الإنسانية بمختلف تنوعها ودرجات حدتها، برأيي يكون موفقاً أكثر من الكاتب الذي في عهد شبابه وفجر تجربته الأدبية.
سأذكر ثلاثة أمثلة بها قد أفوز باقناع القارئ بوجهة نظري أو حتى أستفزه للمناقشة وتحريك النقاش:
فيكتور هيجو، أديب الثورة وصديق البؤساء، عندما نشر عمله الخالد الرائع "البؤساء" كان عمره ستين عاماً.
هذه الرواية الخالدة، ذات الخمسة مجلدات، والذي أنفق فيكور هيجو، كما قرأت في موقع جودريدز، أربعة عشر سنة وهو يكتب فصولها وأجزائها الكثيرة. أوتعتقدون أن هذا الأديب العظيم كان قادراً على صياغة البؤساء وهو في سن العشرين؟ من شاهدني وأنا أقرأ الرواية لم يرّ دموعاً على خدي، ولكن روحي كانت تبكي، موجة كهربائية من القشعريرة اجتاحت كياني العاطفي والفكري والضميري. هل كاتب شاب يستطيع أن يفعل بي هكذا أنا القارئ؟
هذه الرواية ليست فقط أهم رواية كُتبت في القرن التاسع عشر، وإنما هي مدرسة لكل شخص يحب أن يزاول الكتابة سواء أكانت مهنة أو هواية، على الكاتب أن يقرأ هذه الرائعة التي هي بمثابة مد وجزر كل المشاعر الإنسانية التي نعرفها والتي اكتشفناها كائنة في أعماقنا ولكننا احتجنا نصاً مثل هذا النص البديع كالمرآة لنرى انعكاساتها. قرأت في الويكبيديا أنه كُرِم وُضِعت صورته على الفرنك الفرنسي.
كارلو كولودي
هو كاتب إيطالي روائي وأبدع في أدب الطفل، وهو كاتب رائعة: مغامرات الدمية بينوكيو
كتب هذا العمل وهو في عمر سبعة وخمسين، الخمسون عام ونيف هو عصارة عمر، وسلسلة ضخمة من التجارب يحق له من خلالها صياغة نصائح وقيم في كتابه. لهذا كانت من أروع الأعمال العالمية المؤثرة في القراء وبالأخص الأطفال. هل يستطيع الكاتب الشاب تكوين قصة لتتمخض منها نصيحة؟ ستبدو النصيحة غير مقنعة منه، وغير صادقة.
الكاتبة يوهانا شبيري
كم كان عمر الكاتبة يوهانا شبيري عندما كتبت رواية هايدي؟ أكثر أعمالها شهرة وروعة. كان عمرها ثلاث وخمسين سنة. لكي تتمكن من كتابة رائعتها عاشت طفولة مشابهة لشخصية هايدي في كتابها. كان الكتاب دافئاً وفيه ظهرت طيبة الجدات ونصائحهن القيّمة لأن الكاتبة عندما كتبت الرواية كانت بعمر قريب من عمر الجدات. لأن الكتاب مؤثر وبديع، كافئت الحكومة السويسرية الكاتبة يوهانا شبيري ووضعت صورتها على عملة تذكارية بقيمة 20 فرنك سويسري في عام 2009.
سؤالي: هل برأيك هذا صحيح، لا يجب على الكاتب أن ينشر إلا إذا وصل إلى سن متقدمة؟ لكي يضمن النجاح؟
الوصول لعمق العاطفة
يحتاج لشخص ذو مشاعر جياشة
واعتقد ان الكاتب الي يملك هذي الخاصة
يصل لقلوب القراء اسرع
مش مهم كم عمره
بس اتوقع الخبرة لها دور
لتصل لكل العقول
يعني العقل مع العاطفة
يصبح النقطة الأهم
بس ما اعرف
اشوف رأي من بعدي ونستفيد
يعطيك العافية ^^
يا الله شيء مو طبيعي و لا معقول سبحان الله فعلا عجيب،و الله العظيم يا عبد الله كنت مفكر أن أنزل بعد أن أنتهي من الرد على المواضيع القديمة و المشاركات في موضوعي موضوع عن فكرة تكاد تكون نفسها و تختلف في نواحي قليلة و أعنون الموضوع ب"هل هو الطفل المعجزة أم العجوز المعجزة" ربما ألغي الفكرة خايف تقول أني غشيت و سرقت الفكرة منك هههه يعني سبقتني سبحان الله لذلك ممكن بدل من أن أنزل الموضوع أضعه كرد طويل عريض على موضوعك و أستسمح منك لو نزلت الموضوع لأنه يتعلق بالأطفال و ما هو متأمل منهم و مواهبهم بدرجة أكبر من الشباب و يكون النقاش عن مدى جدوى رعاية الآباء و اهتمامهم بمواهب أطفالهم لكن شيء جميل أن تخطر نفس الفكرة في بالنا و الحقيقة الموضوع كنت أفكر فيه من زمان يعني أكثر من ستة أشهر لكن هو و عشرات المواضيع غيره لم أنزلها نظرا لضيق الوقت لدي عودة بإذن الله بعد الانتهاء من المواضيع القديمة بالتوفيق
ربما ألغي الفكرة خايف تقول أني غشيت و سرقت الفكرة منك هههه يعني سبقتني سبحان الله لذلك ممكن بدل من أن أنزل الموضوع أضعه كرد طويل عريض على موضوعك و أستسمح منك لو نزلت الموضوع لأنه يتعلق بالأطفال
مرحبا صديقي عادل، سبحان الله الأفكار مُشاع، توراد خواطر
هذا من حسن حظي، موضوعين في موضوع، نقطة التقاء صديقين زيادة في الخير، ولكن لو جعلته موضوعاً لربما حصلت على ردود من الأعضاء الفاضلين، عموماً موضوعي هذا تحت تصرفك، وأنا تحت أمرك يا غالي.
الموهبة العبقرية عند المبدع الشاب هي منحة ربانية، موهبة عبقرية تختصر عليه السنين الطوال. كذلك يوجد صنف من المبدعين يحب أن يكون في الظل ويأخذ وقته، مهما مضى من عمره، لا يهم! هو يريد أن يقدم أعجوبة أدبية إن قُدر له أن يعيش كثيراً ويرى عمله النور.. كما حدث مع فيكتور هيجو، أربعة عشر سنة وهو يكتب عمله، غير آبه بتربص الموت كحادث طبيعي من طبيعة الحياة، ولكنه سخر كل حنكته وبراعته وموهبته الفذة الفطرية العبقرية من كتابة مسرحيات وأشعار وروايات لتتمخض بعد هذا كله رائعة البؤساء التي احتوت كل شيء من هذا..
وأما من يدفع لدور النشر فهؤلاء لا يشملهم مقالي هذا..
مثال جيد ما ذكرته صديقي، أحييك وأشد على يدك، وأضيف:
الألماني فالديمار بونسلس نشر كتابه "النحلة مايا ومغامراتها" في عام 1912 وهو في عمر 32 عام.
الروائية الإنجليزية شارلوت برونتي نشرت رواية "جين إير" في عام 1847 وهي في عمر 31 عام.
الكاتبة الأمريكية لويزا ماي ألكوت نشرت رواية "نساء صغيرات" بجزئيها الأول والثاني 1868 و1869 وهي في عمر 36-37 عام.
لكن بتصوري، الكُتّاب المبدعين عاشوا في صفاء ذهني في ذلك الزمن الجميل الهادئ بعيداً عن ملهيات عصرنا الحالي.. النت بقدر ما هو يساعد أحياناً بقدر ما هو مقبرة للوقت وللموهبة وللشباب.. كان المبدع منهم في القرن التاسع عشر والقرن العشرين يكرس ساعات يومه أمام قلمه ودفتره ومنشوراته وأبحاثه..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهلا" ومرحبا" بأخى الغالى /عبدالله -فى موضوع (لكى ينجح الكاتب يجب أن يكون عجوزا") هناك فرق بين النجاح وبين الشهرة - فالنجم هو الشخص المعروف والمشهور أى ما كان مجالة حتى ولو كان فى مجال الجريمة فكل مشهور ومعروف فهو نجم - نأتى لنجاح الكاتب - لا يوجد كاتب ناجح غير موهوب ولم يبدأ من الصغر - كلهم بدأوا وكتبوا وألفوا فى سن صغيرة - لكن فى البدايات أنت لست نجم إلا إذا كنت محظوظا" جدا" - لذلك لن تتهافت عليك دور النشر -فأنت لست معروف رغم أنك كاتب ناجح وموهوب بالتدريج يبدأ نجمك يعلو ويلمع ويزدهر ساعتها يتهافتون عليك - ويصبح كل ما تكتبه من علامات العبقرية حتى لو قلت ريانى يا فجل وما كتبته فى السابق وكان مطموسا" يزدهر فيكتور هوجو الذى كتب البؤساء وهو فى الستينات -سبق وكتب الكثير وهو فى العشرينات -لكنه لما أصبح نجما" أصبح كل ما يكتب من العبقريات والتحف ويتهافت عليها النقاد والناشرين والموزعين -إنها النجومية يا عزيزى وقد تأتى مبكرة وقد تتأخر مع خالص تحيتى وتقديرى
السلام عليكم
اخي الغالي عبد الله أعزك الله
الكتابة الأدبية قبل كل شيء فهي مَلَكة وتمَكّن يُتقِن صاحبها السبك ويُبدِع في التعبير ويكشف المُبهم ويُزيل الغموض ، ويبدأ هذا النبوغ منذ الأعوام الفتية لمن يهمه الأمر وهنالك شواهد ذكرها من قبلي لروايات عالمية ألّفها الكتّاب في سن الشباب وأخرى في المراحل المتقدمة !!!
لا شك ان العمر المتقدّم يصقل الموهبة الأدبية ويكسوها رونقا مضافا حيث الخبرات المتراكمة والتجارب المُعاشة وبما نكون أزاء لوحة فريدة تسر الناظر وتأسر الباحث ، والأمر اللافت للنظر ان الأديب في المراحل العمرية المتقدمة يكون متفرغا أكثر ولديه الوقت المتّسع في البحث والتمحيص وادراك السمين من الغث وبما يكون النتاج الأدبي أقرب الى الكمال وأصوب الى السداد ويقينا فان الموهبة والتمكّن والخبرة والمعاناة هي من ترجّح العمل الأدبي بين الأقران شخوصا وأفكارا !!!
أما مسألة النشر فهي رغبة شخصية للتحدي والتميّز واغناء الفكر الانساني ، ودور النشر الرصينة هي من تتلقّف النتاج الأدبي المرموق لتكتمل واحة الابداع من التأليف الى الطبع ثم القراءة !!!
ليس لي ثمة اضافة تصل لمعشار الموضوع الجميل ، ورحم الله من دلني على عيوبي !!!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهلا" ومرحبا" بأخى الغالى /عبدالله -فى موضوع (لكى ينجح الكاتب يجب أن يكون عجوزا") حبيب الملايين عميد النقاش الجاد ^-^
نأتى لنجاح الكاتب - لا يوجد كاتب ناجح غير موهوب ولم يبدأ من الصغر - كلهم بدأوا وكتبوا وألفوا فى سن صغيرة - صحيح، يحصد الإنسان المبدع الموهوب ثمرات زراعته أيام الصبا، ويحين وقت الحصاد يدرك كم أينعت ثمرات مواظبته على العناية بنصوصه.
فيكتور هوجو الذى كتب البؤساء وهو فى الستينات -سبق وكتب الكثير وهو فى العشرينات -لكنه لما أصبح نجما" أصبح كل ما يكتب من العبقريات والتحف ويتهافت عليها النقاد والناشرين والموزعين -إنها النجومية يا عزيزى وقد تأتى مبكرة وقد تتأخر أحسنت وأبدعت حبيبي وصديقي عبدالرحمن الناصر لم أقرأ لفيكتور هيجو إلا رائعته الخالدة البؤساء مع خالص تحيتى وتقديرى الله يحييك ^-^
السلام عليكم اخي الغالي عبد الله أعزك الله أستاذي الغالي سمير ونداوي، شلونك شخبارك؟ عساك بخير؟ منور ^-^
الكتابة الأدبية قبل كل شيء فهي مَلَكة وتمَكّن يُتقِن صاحبها السبك ويُبدِع في التعبير ويكشف المُبهم ويُزيل الغموض ، ويبدأ هذا النبوغ منذ الأعوام الفتية لمن يهمه الأمر وهنالك شواهد ذكرها من قبلي لروايات عالمية ألّفها الكتّاب في سن الشباب وأخرى في المراحل المتقدمة !!!
الحق في جانبك أستاذي العزيز لا فض الله فاك، درر ما قلته
لا شك ان العمر المتقدّم يصقل الموهبة الأدبية ويكسوها رونقا مضافا حيث الخبرات المتراكمة والتجارب المُعاشة وبما نكون أزاء لوحة فريدة تسر الناظر وتأسر الباحث ، والأمر اللافت للنظر ان الأديب في المراحل العمرية المتقدمة يكون متفرغا أكثر ولديه الوقت المتّسع في البحث والتمحيص وادراك السمين من الغث وبما يكون النتاج الأدبي أقرب الى الكمال وأصوب الى السداد ويقينا فان الموهبة والتمكّن والخبرة والمعاناة هي من ترجّح العمل الأدبي بين الأقران شخوصا وأفكارا !!! رباه! ما أعظم ما قلته عزيزي، بهذه الفقرة لخصت ما اعتمل في فكري، أنت لخصت الموضوع بهذه الفقرة المكونة من أربعة سطور، أشكرك ^-^
أما مسألة النشر فهي رغبة شخصية للتحدي والتميّز واغناء الفكر الانساني ، ودور النشر الرصينة هي من تتلقّف النتاج الأدبي المرموق لتكتمل واحة الابداع من التأليف الى الطبع ثم القراءة !!! ليس لي ثمة اضافة تصل لمعشار الموضوع الجميل ، ورحم الله من دلني على عيوبي !!! على عيني وراسي.
هناك نقطة أريد قولها، في أيامنا يوجد كُتّاب روائيون وقصصيون كثر، مبتدئين أو شباب، مررت مروراً سريعاً على منشوراتهم، هم ينشرون أعمالهم وهم بعد لم يتمكنوا من ختم علم النحو والصرف ولم يقرئوا ما يكفي من الروايات العالمية العظيمة، فتظهر أعمالهم ركيكة رديئة. للأسف أصبح نشر كتاب هو برستيج أكثر منه ثقافة! وبالتأكيد جمع المال أيضاً؛ وهذا سيترك أثراً سلبياً في المجتمع الذي يقرأ، أحد النتائج السلبية: سينفر القارئ من قراءة الأعمال المعاصرة والجديدة، وسيجعل القارئ العربي يكتفي بقراءة الأعمال المترجمة والقديمة.
أهلا بك عبد الله الله يكرمك و يعزك يا غالي و شكرا لك على كلامك الطيب في حقي،و اعذرني على تصريحي برغبتي في وضع موضوع و على هذه الزلة لأنني كنت متحمس و مندفع و راغب في ذلك بشدة و مخطط و ناوي على ذلك هههه لكن الحقوق محفوظة لمن سبق و كان الأول و يجب علي احترام سبقك و حقك لا سيما أننا إخوة و موضوعك موضوعي و الفكرة تكاد تكون نفسها لذلك سأدلي بدلوي بالكامل في موضوعك
منذ أن كنت صغيرا و حتى الآن دائما كنت أقرأ في الجرائد و المجلات الرياضية التقارير عن الطفل الفلاني و البرعم العلاني و الموهبة الكروية القادمة و أنه سيكون الأسطورة القادمة التي لا يشق لها غبار،أو الطفل العبقري الذي تخرج من أوكسفورد و هارفارد في الثالثة عشرة من عمره و الطفل العبقري الآخر الذي نسبة ذكاءه 190 إلخ،و أسماء و أسماء لا عد لها و لا حصر من الأطفال العباقرة،ها أنا ذا كبرت و كل الأسماء الطويلة العريضة التي سمعت عنها كبرت معي و لا سمعت لها حس و لا خبر، اللاعبين ما شفت عنهم شيء إلا لاعب واحد هو ميسي فقط فهو الوحيد الذي كانت هناك تقارير عنه أنه سيصبح أسطورة لكن الأسماء الأخرى كلها اختفت،و كل اللاعبين المشاهير الذين عاصرتهم و ظهروا غير ميسي لم يكتب أحد عنهم تقارير و هم أطفال و ما سمعت أن أحدهم اشتهر و تميز و ظهرت موهبته في طفولته،أيضا الأطفال العباقرة كل الأسماء الطويلة العريضة ما شفنا منهم اختراع و لا إبداع و لا حتى قانون اكتشفوه و لا نسمع بأسمائهم و هم كبار،في المقابل الكثيرين ممن فازوا بجائزة نوبل قرأت سيرهم الذاتية و لا أذكر أنني قرأت عن أي واحد منهم أنه نبغ و تميز في طفولته أو أن أحدا توقع له مستقبل باهر،بل ما وجدته هو العكس فهناك منهم من رسب في أحد فصول كليته و توقع له أساتذته الفشل و أن المجال غير مناسب له،و أحدهم قال أنه غير مجاله متأخرا و هو كبير في السن عندما أصبح في ال 32 من العمر فقد عمل ماجستير في مجال علمي يختلف كليا عن مجاله بعد أن استشار زوجته و أخبرها بالقرار الخطير الذي سيتخذه بالتغيير في حياته و تركه المجال الذي قضى ردحا طويلا من الزمن فيه و بالفعل أخذ لاحقا جائزة نوبل في المجال الجديد الذي انتقل إليه و عمل الأبحاث فيه،أيضا أحد من أخذوا نوبل قرأت سيرته الذاتية و المعلومة الوحيدة التي ذكرت عنه أنه أخذ جائزة نوبل يعني لا يعرف عنه أي شيء إلا ذلك و هو بالمناسبة حي الآن يعني من جديد و ليس قديما و مع ذلك هذه هي المعلومة الوحيدة بخصوصه،و القسم الأكبر من الحاصلين على الجائزة كبار جدا في العمر يعني في السبعينات و الثمانينات و منهم من حصل عليها في التسعينات
ففكرة التركيز على مواهب الأطفال و تسليط الضوء عليها فكرة مبالغ فيها جدا و مضخمة أضعاف مضاعفة عما تستحقه،الإنجاز الكبير في العلوم و الاختراعات و الكتابة و الرياضة لا يستبعد أن يظهر على كبر بل هو الغالب و ضع من السن على الأقل 35 عاما لتتوقع أن إنجاز كبير علمي أو فكري سيحصل و كلما زاد العمر زاد هذا الاحتمال،نعم صحيح أنك لو بحثت ستجد أن الكثير من الإنجازات العلمية و الأدبية و الاختراعات قام بها شباب دون الثلاثين من العمر لكنك في حقيقة الأمر ستجد أنها النسبة الأقل،أما النسبة الأكبر و الأهم ستجدها بعد الأربعين من العمر فالكهل و العجوز يتميزان على الطفل و الشاب بتراكم التجارب و الخبرات و الاحتكاك مع الحياة و مختلف الظروف و تمييز ما يصلح و ما لا يصلح و هذا يزيد من فرصة و احتمالية حصول إنجاز كبير مع مرور الزمن عكس الشاب و الطفل الأقل دراية و خبرة و التي تكون الموهبة إن ظهرت منه فلتة غير منظمة لا أكثر لا تنفع لو وضعتها في سياق الحياة العملي و الواقعي
و هذا أيضا اختبرته شخصيا أتذكر عندما كنت طفلا بين أقاربي و في المدرسة أن هناك من توقع له أقاربه و أساتذته و زملاءه مستقبل باهر و عبقرية غير مسبوقة لكني رأيتهم جميعا في النهاية عاشوا حياة عادية و أصبحوا أناس عاديين مثلهم مثل غيرهم،بينما منهم من كان ينظر إليهم على أنهم عاديين بل حتى أغبياء و هم الآن أكثر نجاحا
أختم بقصة حصلت معي فزوج إحدى قريباتي تزوجها و أنا في البكالوريا على أعتاب الجامعة و وقتها قال لي أنه يؤمن أن الإنسان يجب عليه أن يدخل المجال الذي يحبه و يميل إليه و يوافق مواهبه و إمكانياته التي يعتقدها في نفسه ليبدع فيه و أنه مؤمن جدا برعاية مواهب الأطفال و أنه ضد أن يقصر الطالب رغبته على كلية الطب أو الهندسة،في العيد الماضي اجتمعت به في زيارة عائلية و ما شاء الله أولاده كبروا و جاؤوا معه و أخبرني بأنه ماشي على قدم و ساق في تطبيق هذه النظرية و أنه يستكشف مواهب أولاده و يرعاها و يحاول توجيههم،و بالفعل طلب من ابنه أن يعطيه كراسة الرسم و قال لي أن ابنه فنان و موهوب في الرسم و رسم الخطوط و الظلال و يفكر أن يدخله كلية الفنون الجميلة أو هندسة العمارة و أنه مسجله في دورة رسم لرعاية موهبته،و فتح الكراسة أمامي و أصبح يقلب فيها و بالفعل ابنه رائع في الرسم و لديه رسمات متقنة و جيدة جدا و تظهر موهبة لا بأس بها و إن لم تكن خارقة،هززت رأسي يمنة و يسرة و دعوت للولد و مدحته و قلت له ما شاء الله يا عمو على هذه الموهبة الرائعة و إن شاء الله تكون إنسان ناجح و متفوق و تبلغ أعلى المراتب بموهبتك هذه لكنني في نفسي و من داخلي هززت رأسي يمنة و يسرة وأكاد أجزم أن هذا الطفل عندما يكبر سيكون عادي مثله مثل غيره و سيعيش حياة عادية لن يصبح طفل خارق و لا موهوب و لا شيء لأن هذه المواقف عدت علي كثيرا و رأيتها كثيرا منذ أن كنت طفلا و لم أر شيئا في النهاية و كلمات التشجيع التي قلتها له من باب المسايرة و اللطف و الكلمة الطيبة لا غير و ليست عن اقتناع و لا قناعة
يعني بالمختصر المفيد على الواحد أن يبذل جهده و يعطي الأمر حجمه بلا زيادة و لا نقصان و الموهبة إن كانت موجودة ستظهر وحدها في أي عمر و غالبا ستظهر مع الوقت في عمر متقدم،و على الآباء و الأمهات و الأساتذة أن يتوقفوا عن إعطاء كلمات الإطراء اللاواقعية للأطفال و الرعاية المتكلفة و المعتصرة للمواهب و استعجال النتائج و الضغط على الطفل و تحميل الأمور ما لا تحتمل فالطفل قد ييأس عندما يسمع كلمات الإطراء المبالغ فيها و لا يرى النتائج التي ترتقي لهذه الكلمات تتحقق على أرض الواقع، و ربما تؤدي به إلى الكسل و عدم الاستمرار في بذل الجهد نتيجة التشبع بشعور الإنجاز الوهمي قبل أوانه
شكرا لك على الفكرة الرائعة و المميزة جدا عبد الله و سعيد جدا أننا تلاقينا في الأفكار و نفكر و نلاحظ بطريقة متشابهة و هنيئا لك هذا السبق في الطرح خاصة في فكرة مميزة كهذه قلماةينتبه لها كثيرون و تحياتي لك سعدت جدا بمناقشة موضوعك و شكرا لك على رحابة صدرك
الغالي عادل، رأيك يُثلج الصدر، يقرأ بتمعن واستمتاع. إذن رأيي ورأيك واحد يا صديقي. فعلا الخبرة والتقدم بالعمر تطوي نقاط الضعف وتجعل الإنسان يدرس بجدية مشروعه الفني أو الأدبي أو العلمي، لأنه يعرف ليس له الكثير من الوقت ويريد أن يلحق عمره. حبيبي عادل على عيني وراسي. نورتني وشرفتني.