أعود إليك كلما اشتد بي الحنين ، أزور قبرك الذي حفرته بيدي
لا زلت أتذكر ...
كان الجو ممطرا و السماء التحفت بلون الحزن .
كلما خطت أناملي اسمك تساقطت دموع قلمي حسرة
على قلب تركنا معا نجوب الشوارع بحثا عنك وسط آلاف الوجوه ...
الآن فقط تذكرت كلماتنا الأخيرة التي رسمت دمعة على وجهك
و حولتني إلى شيطان كنت قد دفنته في إحدى الزوايا النائية ،
شيطان أقسم على أن يحولني إما إلى مسخ بشري أو ملاك طاهر !
لم تعد فصول السنة تأتيني تباعا ، لقد تفاجأت منذ أيام قليلة
بحلول فصل الربيع في عز الحر ...
أظن بأني أصبحت ضحية خدعة ما من صنع الهذيان!
أراقب تلك الفتاة التي تتطلع إلي بنظرات بها جوع مزمن
لكل المظالم في زمني أصيب فيه الكل بحمى الجسد ،
أترك مكاني و أتوجه إليها و قبل أن تجيبني على سؤال لم أطرحه
أهمس إليها بكل الكلمات التي كانت تتخيلها وتحملها عيوننا منذ دقائق ...
لم تكن خيبة أملها وحدها بل صراحتي معها أرحم بها
تلك الصورة لا تفارقني وكأني أعيد المشهد من فصول الهلوسة...
لا فتاة غير أوهامي ولا جوابا سوى حلمي بأن يكون وداعنا الأخير
هناك يتوقف عداد الزغاريد بطعم الخلود !
و يأتيني زمن أكون فيه غريب الأطوار،
لا أستطيع فيه النظر إلى المرآة مخافة أن أجد شخصا آخر يتطلع إلي
بدل الشخص الذي ألفته منذ عقود فأخرج راكضا دون أن ألتفت ورائي ...
منذ سنوات كنت قد دفنت سلحفاة لمجرد أني وجدتها ملقاة على ظهرها
دون أن أدرك بأنها مازالت على قيد الحياة .
اليوم أدرك بأن هناك بشرا يقومون بإعادة نفس المشهد في حياتهم
اتجاه أشخاص آخرين بمجرد أن يقضوا ماربهم .
أعتقد أنه لو كتب لي أن أصبح أبا خلال الأيام القليلة المقبلة
فإني سأكون إنسانا محظوظا لا لكوني سأصبح أبا
و لكن لكوني سأحظى بفرصة لأثبت للبعض أن الحب يثمر أيضا
كأي شجرة نعتني بها و نوليها كل اهتمامنا منذ أن كانت مجرد بذرة ...