اكره حينما ايقن أن الجرح باقي ماحييت أهناك جرح ينافس الآم الفراق .
نعم أنا ذلك الشخص الذي مهما تقدمت بالسن سأبقى أسمع صرخات ذلك الطفل الذي بداخلي
( أريد أبي )
في يوم اتى أبي مودعاً لنا بوجه مليء بالفرحة ليذهب باحثاً في بلاد بعيدة عن رزقة
وفي تلك البلاد بدأ أبي واصدقاؤه في رحلة البحث عن الرزق بتلك السياراة الصغيرة
وفي لحظة ليبدأ أبي الصراخ بصوت عالي بتلك الكلمات المرددة هنالك جمل يعترض
الطريق لكن لم يكن احد يراه سواه وماهي إلاَ لحظات نقلبت السياراة بهم وانتهت الرحلة
التي لم تبدأ بعد .
نجى الجميع إلا أبي الذي كان يرى الموت وحده ، وحده من رأى الموت الذي تمثل بهيئة جمل .
وعاد إلينا جثة هامدة مات غريباً ودفن غريباً عن طريق الخطأ بارض مجاورة لأرضنا .
ومن ذلك الوقت اظلمت الدنيا بوجه تلك الامرأة العظيمة التي على وشك والادة ابناها الرابع ،
تلك الامرأة التي لم تضحك الحياة لها يوماً اذاقتها من مرارتها مايكفي ان يرمي الانسان
بحفرة الهلاك لكن هي كان عندها رأي آخر اسعاد اطفالها وتعويضهم عن فقدان ابيهم .
وكان ضياء هذه العائلة الجد والجدة كنا السند من بعد أمي .
علمتني جدتي الكثير من دروس الحياة
حيث بنت لشخصيتي درعاً متيناً كانت عيوني تلمع بكل مرة انظر اليهما
وعشنا أنا واخوتي في كنف جدي سعيدين الى ان شاء القدر الَا تستمر هذه السعادة .
سارت جدتي بطريق أبي ، الطريق الذي سنسلكه جميعاً يوماً ما
غابت شمسنا التي كنا نسترق منها الأمل .
ذهبنا الى تشيع جثمان جدتي الى مثواها الأخير قرب قبر أبي .
كانت المقبرة مزدحمة بالمعزيين ، بعد ان دفنا جثمانها
ذهب الجميع وبقيت أنا للدعاء لها وقراءة القرآن .
حل الظلام وعم هدوء تام بريح باردة اكاد اسمع صوت دقات قلبي ، وفي وسط هذا الهدوء
سمعت صوت خطوات آتية من قبر أبي الذي كان خلفي .
خرج أبي من قبرة ففررت هارباً فناداني بإسمي تعال إلي
فركضت هارباً لم استطع النظر للخلف من شدة الخوف فقلت له هذه امك قد اتتك
اما انا فدعني وشأني .
وصلت البيت منهك تكاد انفاسي ان تنقطع وبعد برهة صغيرة اتى أخي الكبير ،
صفعني على وجهي وقال لي ذهبت الى قبر ابانا للدعاء له وعدت لأخدك معي
فتركتني مسرعاً ناديتك لم تستجب لي .
علمت انه أخي وانه لارجوع بعد الموت .