الغدر والخيانة
الغدر ضد الوفاء ونقض العهد مطلقا"فى لحظة لم تكن متوقعة أو منتظرة - فإذا ما كنا متوقعين للغدر فلا غدر لأننا توقعناه وأعددنا له حساباته - لذلك دائما" يأتى الغدر عندما لا تتوقعه
وللغدر أشياء كثيرة ومواضيعه طويلة لا تنقطع - والغدر يتشابه مع الخيانة وإن كانت الخيانة تختص بالأمانات ونقضها - بلادك أمانة إذا ما خنتها وأفشيت أسرارها فهى خيانة عظمى والحياة الأسرية أمانه إذا ما خنتها فأنت خائن – وكل أمانة تكون معك وأستؤمنت عليها ولم تحافظ على الأمانة فأنت خائن
والغدر والخيانة هما من أسوء الأخلاق وتكون ضرباته موجعة خاصة عندما تأتى من قريب أو صديق حميم لذلك فالغدر يرتبط دائما" بنقض العهود الأخلاقية لذلك فهو معنوى أكثر منه مادى - والخيانة مادية ومعنوية
فى الفكر الميكيافيلى يقول أنه يجب أن يعرف الناس عنك حسن الأخلاق والأمانه والوفاء بالعهود والوعود -لكن إياك أن تعمل بهم لحظة واحدة إذا إقتضت مصلحتك غير ذلك - أى يحق لك الغدر كيفما تشاء إذا ما حقق الغدر مصلحتك -لذلك نقول دائما" على صاحب الغدر أنه شخصية ميكيافيلية
ومن الممكن أن يأتى الغدر بتصرف سلبى كأن يثق بك شخص ما ويثق بوعودك وشهامتك بسبب أخلاقك المعروفه وصداقتك أو قرابتك القوية ثم عند اللحظة الحاسمة تجده ينفض عنك ويتركك بتصرف سلبى رغم أنه يعلم أنك على الحق هذا الشخص أيضا" يكون قد غدر بك
-فى حياتنا العامة والخاصة تعرضنا كثيرا" للغدر من أشخاص وثقنا بهم ثم غدروا وخانوا - الأدهى من ذلك أن الغادر والخائن يعتقد فى قرارة نفسه أن ما فعله هو ذكاء وفطنة وأن المغدور بهم بلهاء وأغبياء يجب إبعادهم أو القضاء عليهم – وأحيانا" نجد أن التاريخ نفسه يمجد الغادر ويصفه بالسياسى المحنك خاصة إذا ما حقق مأربه من خلال الغدر
–فى واقعة من وقائع الغدر يطلق عليها (مذبحة القلعة ) عندما أرسل محمد على (والى مصر) دعوة إلى زعماء المماليك ليحضروا حفل تنصيب ولده لقيادة الجيش وأيضا" للتشاور معهم فى أمر إدارة البلاد -وحضر المماليك فى أزهى ثيابهم وقابلهم الوالى محمد على بكل الحفاوة والترحاب والود ودعاهم إلى تناول القهوة معه - ولم تكن الدعوة قاصرة على المماليك بل كانت تضم أعيان البلاد وأشرافها وكبار الموظفين والعسكرين - وسيدخل الجميع من أحد أبواب القلعة يطلق عليه باب العزب لكنهم سيدخلون بترتيب
تحرك الموكب وفي مقدمته الفرسان ويتبعهم والي الشرطة والآغا محافظ القاهرة والمحتسب، ويليهم الجنود الأرناؤوط وسار ورائهم المماليك ومن بعدهم بقية الجنود، ثم باقي المدعوين وأرباب المناصب. وكان الموكب يسير بانحدار إلى باب العزب وهو أحد أبواب القلعة،ولمَّا اجتاز طليعة الموكب ووالي الشرطة والمحافظ باب العزب، ارتج الباب الكبير وأقفل من الخارج في وجه المماليك وتحول الجنود بسرعة عن الطريق، وتسلقوا الصخور على الجانبين، وراحوا يمطرون المماليك بوابل من الرصاص وتم قتل 470مملوك وبعدها بثلاثة أيام وصل عدد الضحايا من المماليك إلى 1200قتيل
– كان الغدر هو عنوان مذبحة القلعة وكان رأى المؤرخين على نوعين أحدهما قد عبر عنها بأنها الغدر والأخر بحث لها عن مبرر لكن فى النهاية كان محمد على والى مصر هو منشئ مصر الحديثة ومجدها التاريخي وكان شخصية ميكيافيلية
الخلاصة أن الغدر والخيانة من الأخلاق السيئة التى تضر العباد وجلنا قد تعرض لها بشكل مختلف خلفت له جرح عميق فى التعامل على حسب قدر الخيانة والغدر الذى تعرض له وهناك من لم يتعرض لشيئ من هذا فاعتقد أن الحياة دائما" صفية نقية
الموضوع للمناقشة
.