رحمة الله عليك يا صالح .. صاحب أجمل إفيه .. " الأهلي فوق الجميع " ..ولا عزاء لمن حولوا النادي إلى بوتيك ..الهدف منه الربح المالي فقط ...فربحت مبادئ صالح وهو " ميت " ..وخسر الأحياء من خلفه ..
لم يكن صالح زعيماً سياسياً ولا بطلاً قومياً ..ورغم ذلك كنت كلما ذهبت لإستاد القاهرة آرى لافتة يحملها جمهور الأهلي في كل مباراة ..تحمل صورته وعبارة " لن نساك أبداً ، إنه " صالح سليم " الذي مضت 22 سنة على رحيله ومازالت صورته حاضرة في الذاكرة الجماعية ومازال رغم موته يحظى بشعبية وجماهيرية عريضة ..
الواقع أن ظاهرة صالح سليم تحتاج إلى دراسة وخصوصاً من مجلس إدارة النادي الحالي لمعرفة مصدر هذه الشعبية التي ظلت ملازمة له طوال حياته الرياضية بعد اعتزاله الكرة ومغادرته الملعب نهائياً وابتعاده عن الأضواء بل وعزوفه الشديد عنها لدرجة التصوف
صالح سليم لم يكن أفضل لاعب كرة في تاريخ الأهلي ولا في تاريخ الكرة المصرية فهناك من تجاوزوه في الموهبة وسجلوا أهدافاً أفضل من أهدافه ..! وليس صالح سليم أول من كرس حياته لخدمة النادي الأهلي ولا أول حراس القيم الرياضية ، فهناك شخصيات كثيرة نهضت بهذا الدور مثل مختار التيتش .. ومنذ أيام قال لي رجلاً كبيراً إن صالح سليم كانت له أخطاءاً كثيرة في حياته وأن الصحافة صنعت منه أسطورة
فقلت له إننا نتحدث عن بشر لا عن ملائكة ..هؤلاء البشر يعيشون في الدنيا حيث الصراع والزحام وحيث قانون الخير والشر وحيث الضعف الإنساني ..ومن الخطأ تقييم البشر بمعايير الملائكة ونحن قد اعتدنا في الثقافة الرياضية المصرية اعتماد معايير صارمة وقاسية وظالمة في الحكم على الشخصيات العامة ..بل والقضايا اعتماداً على اللونين الأبيض والأحمر دون النظر إلى ألوان الطيف ودون النظر إلى السياق ومجمل الأعمال وإلى الوجه الآخر من الحقيقة وإلى زوايا الرؤية المتعددة
في بريطانيا هناك جدلاً حول اختيار أعظم شخصية في التاريخ البريطاني وانتهى الفرز إلى شخصيتين ليس من بينهما " اسحاق " نيوتن أعظم عبقرية فيزيائية رياضية في التاريخ .. ولا جراهام بل ولا آدم سميث .. ولكن المفاضلة كانت بين شكسبير وتشرشل الزعيم البريطاني الذي قاد انجلترا لأعظم انتصار في الحرب العالمية الثانية مع أن حياته كانت مليئة بالأخطاء التي تندرج تحت بند " الضعف الإنساني " .. ولكن هذه الأخطاء الإنسانية والبشرية لم تمنع اختياره كأعظم شخصية في التاريخ البريطاني كله !
في اعتقادي أن " المصداقية " هي التي صنعت شعبية صالح سليم وحددت ملامح شخصيته " الكاريزمية القوية " فقد كان الصدق مفتاح شخصيته ..وسبب صراعاته وخصوماته وصداماته التي تمحورت دائماً حول مصلحة عامة لا مصلحة خاصة
كان صالح سليم متسقاً مع ذاته متصالحاً مع نفسه .. متعادلاً يقول ما يفعل ويفعل ما يقول .. المصداقية هي سبب التفرد والتميز والتمرد وهي التي منحته السلطة وشرعية القيادة .وبخلاف ذلك كان صالح شخصاً طبيعياً يجتهد ويخطئ ويصيب ويقاوم الشر في الحياة الرياضية .. حيث الهواء الفاسد وحيث الغش والكذب والنفاق والزيف