كعادتنا في كل موسم درامي، نسلّط الضوء على ممثلين لمعوا في شهر الصوم، مقدّمين أداءً ممتعاً في المسلسلات التي يشاركون فيها، ولو بعيداً من أداء البطولة. إنّهم نحتوا شخصيّتهم بتأنِّ، واشتغلوا على خصوصيّتها ووضعوا كل قدراتهم وملامحهم في خدمتها بدءاً من سلاف فواخرجي وصولاً إلى بسمة
رامز الأسود
في حين أن مسلسل «ولاد بديعة» لن يكون مسلسلاً سيتم تذكره لاحقاً، قد يكون دور «الوفا» دوراً مفصلياً في حياة رامز الأسود. لا ندري بالضبط إن كان الدور مرسوماً بهذه العناية من قبل مؤلفي العمل يامن الحجلي وعلي وجيه، إلا أنّ أداء رامز الأسود المبهج والمختلف يمكن اعتباره من اكتشافات هذا العام. غيّر الأسود طريقة كلامه، وأعطى شخصيته روحاً مختلفة، وطريقة كلام مختلفة، وأسلوباً خاصاً في الحركة، ودفعها إلى الأمام، حتى أصبحت أي مشاهد ولو قليلة تظهره على الشاشة تشكل حدثاً وتستحق المتابعة. إنّ استمر الأسود بالمراكمة على أداءات مماثلة، فنحن بالتأكيد أمام نجم قادم.
سلاف فواخرجي
سلاف فواخرجي التي تُعدّ من أهم نجمات جيلها تستطيع التأدية بشكلٍ لافت مهما كان الدور ومساحته. في «مال القبّان» مثلاً، هي لا تظهر على الشاشة إلا بعد الحلقة الخامسة، وهذا أمرٌ غير معتاد بالنسبة إلى بطلات الأعمال. تعوّض فواخرجي ذلك بأداء خارج عن الاصطناع، تخفّف من الماكياج، وتمثّل بعفوية بالغة، وتستخدم صوتها كما يجب. ينسى المشاهد أنه أمام الفتاة الفاتنة ذاتها التي أدت في «ذكريات الزمن القادم» (2003)، أو المدهشة في «شارع شيكاغو». إنها تؤدي دور أم مثقلة بالآلام، خرجت حديثاً من السجن، دور أجادته باحترافٍ كعادتها.
نورا رحّال
يبدو أنّ بعض الفنانين يترك بعض المفاجآت ليخرجها بين الحين والآخر. تظهر نورا رحّال نوعاً جديداً من التميّز. المغنية السورية التي لمعت في تسعينيات القرن الماضي، تعود هذه المرّة لتقدم أداءً متميزاً في شخصية زيزي في مسلسل «تاج». إنها فعلياً نجمة العمل النسائية إلى حدٍ ما. يمتاز أداء رحّال بالسلاسة والسهولة، وقد فهمت بأنّ العمر أمرٌ جيد إذا ما تم استغلاله بشكلٍ جيد، وهذا ما بدا في الطريقة التي قدّمت بها الشخصية المنهكة والمتعبة في آنٍ. بدلاً من تقديمها بنوع من الميوعة، قدمتها برصانة وضبط مرتفع. وهذا ما جعل أداءها متميزاً حتى على نجمات يعتقدن بأنهن يفقنها مهارةً وأداءً.
تيسير إدريس
يمارس بعض النجوم نجوميّتهم بهدوءٍ شديد. أحد هؤلاء هو تيسير إدريس. قد لا يكون دوره هو الأكبر، أو الأهم في «ولاد بديعة»، لكن مع ذلك، فهو يستفيد من كل لحظات ظهوره. يرسم بهدوء، ويعمل بهدوء. النجم السوري الفلسطيني يعرف تماماً كيف يسحب البساط من تحت أي نجمٍ يقابله، ويجعل كل مشاهده ممتعة. تُضاف إلى كل هذا قدرته على لعب أدوارٍ مختلفة وهو شيءٌ أثبته العام الفائت مثلاً في مسلسل «الزند: ذئب العاصي». هذه السنة قدم إدريس شخصية مرنة جداً من المغني إلى مريض الألزهايمر في أداء ممتعٍ جداً.
أمارات رزق
ربما يمكن القول بأنّ أمارات رزق قد تخطّت معتادها في الدراما السورية، شأنها شأن زميلها رامز الأسود، فقد تفوّقا على نجوم «ولاد بديعة» المعروفين من سلافة معمار وسواها. رسمت أمارات شخصيةً ودمغتها بروحها، فشخصية بديعة التي لا تنطق إلا بكلمتي «يا كريم»، جعلتها الممثلة السورية بمثابة «الحاضن» لكل المسلسل والشخصية الإيجابية الوحيدة في كل أعمال يامن حجلي وعلي وجيه منذ أن كتبا أعمالاً درامية حتى اللحظة. استطاعت رزق أن تقدم لنا شخصية مركبةً، مدهشة، مصنوعة بعناية شديدة، وأعطتها الكثير من موهبتها التي ظهرت بهذا الشكل الكبير في هذا العمل.
جوزيف بونصّار
بالتأكيد لن يحبّ أحد شخصية جوزيف بونصّار في مسلسل «تاج»، فهو الضابط الفرنسي المتعجرف الذي يتحدّث من طرف لسانه، ويهدد أبطال العمل واحداً تلو الآخر. لكن كما يعرف جميع عشّاق الدراما، كلّما كبر حجم الشرير وعظمت قوّته كلما كبر البطل وارتفع نجاحه. برهن بونصّار عن مقدرة كبيرة في الأداء بشكل تلقائي كما لو أن هذه هي شخصيته الحقيقية وليس مجرّد تمثيل. يستطيع الممثل اللبناني التأدية بطريقة محترفة وعالية وأمام ممثلين مهرة وقادرين، وهذا يُحسب له كثيراً.
عبد الرحمن جاسم - الأخبار