...
لَعَلَّ الْوَقتَ قَدْ هَلَّ بِترنيمةِ اللُّقى، وَلَعَلَّ الأَمَلَ شَابَتْهُ شَائِبة البياضِ، وَلَعَلَّ سِيقَانَ النَّوَى سَتُجْبَلُ مِن خَوَاءٍ أَجْرَدٍ..
عِبَارات قد رَقَتْ على صَفِيحِ مَوْعِدٍ مَوْقُوتٍ
فَكَمْ أَنَا أَلِيمٌ بِتَوشُّحِ الْجَنانِ عِلّة الْهَوَى، فَأنا الْعَلِيلُ الَّذِي انْتَظَرَ حَبِيبةًً هَدَّتْ ذَا الْكَيان وَبِتُّ الْمُشْرَئِبَّ لِفَهمِ نَأْيٍ مَشُوبٍ!
"الصباح"..
مَرَّتْ عَقاربُ السَّاعةِ فَرَنَّ الْهاتفُ وَاهْتَزَّ مَعهُ خَافِقِي
الحبيبة: مَرحبا، ما أحوالكَ؟
أنا: أنا بخيرٍ، ماذا عَنكِ؟
الحبيبة: بِخيرٍ أَيضاً، هَل لَكَ وَقتٌ كَيْ نَلتَقِي؟
تَسَارَعَ النَّبضُ فِي الْحَنايَا فَقُلتُ لَها: نَعم، إنَّ الشَّوْقَ مُسَالٌ لِنَسْجِ هَذَا اللِّقاء..
الحبيبة: حَسَناً.. نَلتَقِي بَعدَ سَاعتين مِنَ الْآنِ فِي الْمَقهى "الفُلانِي"
إنَّهُ شُعورٌ عَلِيٌّ مُشْرَبٌ بِرَقَصَاتٍ كلاسيكيةٍ
"بَعدَ ساعتين"..
ذَهَبتُ إلَى الْمَقهَى وَطَلَبْتُ فِنجانَ قَهوةٍ وَبَعدَ نِصف سَاعَةٍ رَأَيْتُهَا عَلَى حُسنٍ وَثِيابٍ فَارِهَةٍ، قَدْ عَرَفَتْنِي فَصِرْتُ الْحَيِيَّ بِنَظَرَاتِهَا المُصوَّبةِ ..
يا للهول!
جَلَسْتُ فَسَلَّمتْ عَلَيَّ فَسَلَّمْتُ عَليها وَطَلَبَتْ مَشْروبَها الْمُفَضَّل
نَظَراتُها حَوْلِي لَمْ تُطْوَ طَيَّ السِّجِلِّ، فَسَأَلْتُهَا: أَما آنَ أَوَانُ دَحْضِ عُقدة الْبَيْنِ هَذه؟!
فَرَدَّتْ: وَلِمَ اتَّصَلْتُ بِكَ إذن؟
تَمَلَّكَتْنِي حُروفُ الْغَرابةِ قَائِلاً: وَلِمَ اتَّصَلْتِ؟
الحبيبة: لَقدْ جَدَّ سُؤالي لَكََ كَيْ أنثُرَ مَا عَلَّ جَناني، فَقَدِ ابْتَعَدْتُ عَنْكََ كَيْ أَقُدَّ السّقمَ عِلَاجاً فَفَشِلْتُ..!
عَرفتُ حِيناً أنَّها عَلِيلَة الْبَدَنِ وَالرُّوحِ وَأنَّ الْوَاجِبَ سَيَتِمُّ بِمَدِّ السَّنَدِ لَهَا لَا آجِلاً ..!
أنا: لَقَدْ عَرفتُ فَحَزنتُ..
الحبيبة: قَدْ مَرَّتْ عَلَيَّ السَّاعَاتُ كَأَنَّهَا الْدَّهرُ فِي دُجَاهُ الحَالِك، رَاجِيَةً أَنْ تَكُونَ بِجانِبِي
أنا: لَا تَقلَقِي فَلَنْ أمْسكَ سَاعِدَ النَّوَى بِقُوَّةٍ أَبَداً وَسَأَضَلُّ نِعْمَ الجَريء بِحَمْلِ لِوَاءِ الصُّحْبَةِ وَالْعَوْنِ
الحبيبة: ثِقْ أنَّ الْعَوْدَةَ إليكَ خُلاصَة حُبٍّ يَافِعٍ مِنْ فُؤَادٍ سَقِيمٍ وَأنَّكَ الْخَيِّرُ لِي دُونَ الوَرَى
أنا: لَقدْ هُدِيتِ، نِعْمَ القائلةُ لِلْمَقالِ الشَّجِيِّ
فَفَهِمْتُ قَارِعَة هَذَا النَّأْي الَّذي زَلْزَلَ كياني وَشَلَّ بَوَاطِنِي فَصِرْتُ الْمُتَفَهِّمَ لِمَا حَدَثَ
"فَوَا حَرَّ قَلْبَاهُ مِن حَبِيبٍ عَلِيلٍ"
إنتهى!
"بقلمي"