1 - حنين
لقد هرب الفتى !
هكذا قال طبيب المستشفى ..
ظللنا نبحث عنه طويلا فتذكرنا الملجأ القديم الذي جاؤوا به في صغره عندما غرقت السفينة حيث ماتت عائلته وكان هو الناجي الوحيد في تلك الحادثة ، دخلنا غرفة واسعة يوجد بها بعض الأثاث القديم المكسر وكرسي مقشر يجلس فيه قرب النافذة كل يوم كان ينتظر رجوعهم ، بكى كثيرا عندما وجدناه ، وقال عندما نجوت من الغرق أثناء فراري من بلادي كنت صغيرا فأحضروني إلى هنا كي تتم رعايتي ورعاية ما تبقىٌ مني .
في هذا المكان كنت أجلس كثيرا لأرى الحديقة والزهور كانت تعلو وجهي ابتسامة فرح عندما أجد أحدا قادما من بعيد ولكن سرعان ما يتلاشى الكابوس .
2 - لست لقيطا
كفكفت دموعي وأنا أبكي بالميتم أطلب أمي الذي وضعتني في هذا المكان ، بدأت أصرخ أمي أمي أريد أن أرى أمي ، وبقي طيفك يطاردني في كوابيسي فأنا جربت الصمت عساك تغيبين ودفنت علاقتنا عساك تموتين فرح وحزن وذكريات مر من الحبل السري الذي جمعنا والحبل الذي مددتني به دار الأيتام يا ليتهم يا أمي يعلمون أنك ضحية غدار امتطى جواد الرغبة وغادر .
3 - قفص عصفورين
ويحدث أن العمر هو بضع لحظات ينتقل خلاله العاشقين إلى عشهما الصغير في تلك الحارة الجميلة من قصبة المدينة العتيقة بيت من عالم آخر بيت يعبق بالتاريخ فقد أحبا الزوجين الشابين الاستقرار هناك ، وليس في شقة حديثة ولا في فيلا راقية بل بين جدران تحكي ألف حكاية وحكاية تتقارب فيها الشرفات المزينة بالورود والنوافذ الصغيرة ذات الستائر البيضاء الرقيقة لتهمس لبعضها عن تفاصيل أيامها هو عبق جميل فيه كثير من الألفة وفي تلك الأجواء تحب الزوجة الشابة وهي على سطح بيتها أن تراقب حركات جاريها.. العجوزين الحاج والحاجة وهما
يتقاسمان بكل محبة بكل مودة وبكل رحمة مهام بيتهما ولعلها توقفت كثيرا ذات مرة لترى كيف غضب الحاج وصاح على جار لهما تطل شرفته أيضا على سطح بيته المليء بنباتات و ورود زوجته بعد أن تناثرت عليها بعض رشات من الطلاء .
وفي ومضة لحظة تساءلت مبتسمة.. وهل لزوجي أن يغضب أيضا لنباتاتي يوما .
تنبهت لصوته وهو يصرخ محاولا إبعاد بعض الطيور التي تفسد بتلات زراعتها وزهراتها ولأثير أغنية غربية غريبة منبعثة من نفس بيت جيرانها العجوزين ولكن هذه المرة كانت لحظتها تلك قد مرت بوميض ثلاثين سنة ..
بقلمي .
دمتم بخير .