فن التفاوض
التفاوض نوع من أنواع الممارسات التى نمارسها يوميا" فى حياتنا العامة والخاصة وهى وإن كانت علم يدرس بالجامعات بشأن المفاوضات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإدارية -إلا أننا سنتحدث عن مفهوم التفاوض بمعناه البسيط الذى يمارسه الجميع فى حياته سواء كانت عامة أو خاصة وبالتأكيد كل شخص فينا له تجاربه المختصة بالتفاوض
---كتبت هذا الموضوع عندما قرأت تعقيب لإحدى الأخوات تقول : أنها كلفت سلعة ما 5 جنيهات وباعتها ب2 جنيه لأن المشترية ظلت تلح عليها لتخفض لها السعر
–فى تقديرى أن السلعة تكلفت أكثر من ذلك – فيبدوا أن الأخت لم تضع حساب قيمة أجرة المكان الذى صنعت فيه السلعة -حتى لو كان فى محل إقامتها ولم تضع قيمة مجهودها (أى العمالة التى صنعت ) ولم تضع قيمة الربح المطلوب -- بذلك تكون القيمة الحقيقية للسلعة 10 جنيهات وليس خمسة كما ظنت
-- نأتى هنا لطريقة التفاوض فى البيع -- تطلب 20 جنيها لقيمة هذه السلعة دون لجلجة لإحتمال التخفيض وتنظر إلى المشترى بكل ثبات فى إنتظار كلمته فإن قال المشترى أشتريها ب10 جنيهات فقد فتح مجالا" للتفاوض فى هذه الحالة سنخفض من قيمة ال20 جنيها وسنصل فى النهاية إلى 12 أو 14 جنيها"
وسيخرج الطرفين وكلا" قد رضى بما حصل عليه
--وفى حالة الشراء - ذهبت لأشترى قميص وكل ما معى 90 جنيها" – لكن البائع قد طلب فى هذا القميص 150 جنيها - ستكون كلمتى بأننى سأشتريه بمبلغ 50 جنيه - فى هذه الحالة سيكون التفاوض وسنصل إلى مبلغ ال90 جنيه - ولكن ماذا لو بدأت مع البائع بأننى أرغب فى الشراء بمبلغ 90 جنيه – فى هذه الحالة لن يصل التفاوض إلى أقل من 120 جنيه --ولكن هناك شرطا" هاما" جدا" فى هذه العملية وهو الحماس للشراء فلا يجب على الإطلاق أن يشعر البائع أننى متحمس بشدة لشراء هذا القميص فلو شعر البائع بهذا الحماس لن يتنازل على الإطلاق عن بيع القميص بأقل من ال150 جنيها
-- لذلك إذا ذهبت لشراء سلعة ما أنت فى حاجة إليها – لا تذهب إليها مباشرة ولكن إمسك سلعة غيرها وفاوض فيها ثم تناول غيرها وفاوض فيها بكل حماس ثم فى النهاية تناول السلعة المراد شراؤها - تناولها بكل فتور وإسأل البائع بعدم مبالاة عن ثمنها وفاوض بكل ثقة بأن هذه السلعة لا تساوى ربع القيمة المعلنه - وقتها ستشترى السلعة بالثمن الذى ترغب فيه وسيكون هو الثمن العادل
-- كيف تبيع أو تشترى سلعة ما - يعتمد على القدرة على الإقناع من كلا الطرفين - فالبائع عليه أن يشرح مميزات سلعته - والمشترى عليه فى المقام الأول ألا يكون متحمسا" والغرض فى النهاية هو شراء أو بيع السلعة بقيمتها الحقيقية العادلة دون ظلم لأحد الطرفين -- بالتأكيد كل منا له تجاربه فى هذا الموضوع وكثير منا تعرضوا للخداع واشتروا السلعة بأعلى بكثير من قيمتها العادلة --
هذا عن فن التفاوض فى البيع والشراء العادى للأشخاص -وطبعا" التفاوض له مجالات كثيرة فى شتى المجالات سواء على مستوى الشركات أو على مستوى الدول - لذلك كان التفاوض السياسى أو ما يطلق عليه بالدبلوماسية يحتاج إلى دراسة واسعة لكى تكون مفاوض جيد
-بالنسبة للأحداث الجارية وما يحدث فى فلسطين يحتل التفاوض قيمة كبيرة وهذه القيمة يحكمها الإنجاز العسكرى الذى تتم تحقيقه على الأرض -- فلسطين قبل عام 1948 هى دولة مستقلة ذا سيادة ولا يوجد كيان إسمه إسرائيل - بعد سنة 48 تغير الوضع على الأرض وإنتصر الكيان الصهيونى بمعاونة الغرب الإستخرابى - على الجيوش العربية لأسباب كثيرة وعديدة - لكن فى النهاية وبالتفاوض ظهر الكيان الصهيونى وإعترف العالم به
–وأصبحتت هناك حدود للكيان الصهيونى وحدود للفلسطينين
-وبعد هزيمة أو نكسة 67 أصبح للكيان الصهيونى وضع اخر بعد أن طغى على الاراضى الفلسطينية -- وتم التفاوض كثيرا"لتعود إسرائيل إلى حدود ما قبل 67 - لكن المفاوض الإسرائيلى كان متعنت ومتغطرس - لماذا يعود وهو يمتلك القوة - التفاوض فى هذه الحالة يكون فرض شروط الأقوى كما فعلت أمريكا مع اليابان بعد ضرب هيروشيما ونجازاكى بالقنبلة النووية
--لكى تفاوض الكيان الصهيونى لابد أن تحدث به خسائر على الأرض لا بد أن تصيبه فى مقتل -- بعد أى معارك لابد من التفاوض - ما يفعله الكيان الصهيونى الأن -من قتل وتدمير هو لمحاولة كسب أكبر قدر فى المفاوضات المقبلة ---
التفاوض من الأمور الواجب توافرها والتدريب عليها - حياتنا كلها قائمة على التفاوض - حتى فى العلاقات الزوجية لو كانت عندنا ثقافة التفاوض ما تفاقمت الأحدث - فن التفاوض تتم أيضا" داخل الأسرة ومع الأبناء ومع الزملاء فى العمل -- فهل لكم تجارب مع التفاوضات
الموضوع للمناقشة..