ما زال تمويل العقار هو الطاغي على التعاملات المالية للبنوك التشاركية، ويشهد نموا متزايدا، في حين إن توجهها نحو تمويل المشاريع الاستثمارية ما زال محدودا، رغم أن الغاية الكبرى من الصيرفة الإسلامية هي تقوية الاقتصاد الاجتماعي في إطار مبدأ تقاسم الأرباح والخسائر مع الزبائن.
وفق المعطيات الصادرة عن بنك المغرب، فإن تمويل شراء العقارات (المرابحة العقارية) لدى البنوك التشاركية سجل ارتفاعا مهما بلغ 16.7 في المئة خلال النصف الأول من السنة الجارية مقارنة مع الفترة نفسها من السنة الفارطة، إذ بلغ 20.3 مليار درهم.
ومقابل التطور الذي يعرفه التمويل الموجه لاقتناء العقار المخصص للسكن، ما زال تمويل البنوك التشاركية للمشاريع الاستثمارية محدودا، ويرجع ذلك إلى جملة من الأسباب، في مقدمتها تبعيّة هذه البنوك للمصارف المغربية الأم، التي ما زالت تتحكم في توجهاتها المالية.
ويرى عمر الكتاني، خبير في الاقتصاد الإسلامي، أن تبعية البنوك التشاركية للبنوك التقليدية من بين أبرز أسباب ضعف انخراطها في تمويل المشاريع الاستثمارية.
وأوضح الكتاني أن البنوك التقليدية هي التي تحدد توجهات البنوك التشاركية التابعة لها، وتبحث في المقام الأول عن الربح، وهو ما دفع هذه الأخيرة إلى التوجه نحو تمويل العقار، باعتباره الطريق الأيسر لتوفير الأرباح.
ويتوفر المغرب على خمسة بنوك تشاركية، تابعة لبنوك تقليدية لكن برأسمال مستقل، في حين لا يوجد في المغرب أي بنك إسلامي أجنبي إلى حد الآن، وهو ما يجعل المنافسة في مجال "الاقتصاد الإسلامي” محدودة.
وبلغ جاري القروض البنكية في قطاع المالية التشاركية مليارا واحدا و75 مليون درهم خلال الأشهر الستة الأولى من السنة الجارية، بزيادة بلغت 4.7 في المئة مقارنة مع الفترة نفسها من السنة الفارطة، وفق بيانات البنك المركزي.
عائق آخر يُضعف مساهمة البنوك التشاركية في تمويل المشاريع الاستثمارية، يتعلق بمشكل قلة السيولة المالية، وهو ما دفعها إلى التوجه أكثر نحو المرابحة، في حين إن المضاربة والمشاركة مازالتا ضعيفتين، بحسب الكتاني.
وجوابا على سؤال بخصوص مدى قدرة البنوك التشاركية على تحسين تموقعها في مجال الاستثمار، اعتبر الخبير في الاقتصادي الإسلامي أن هناك سيناريوهين؛ الأول هو أن تقتنع الدولة بالدور المهم الذي تستطيع هذه البنوك أن تلعبه في الخروج من الأزمة الاقتصادية، وبالتالي دعمها لتصير فاعلا قويا.
والسيناريو الثاني، يردف الكتاني، هو أن تستمر البنوك التقليدية في الهيمنة على التوجهات المالية للبنوك التشاركية، وبالتالي الضغط عليها من أجل توفير أكبر قدر من الأرباح، وهو ما سيكرّس توجهها نحو المرابحة، وإبقاء دورها الاجتماعي ضعيفا.
ـــ
م. هسبريس،،