اذا كان صيف هذا العام حار، فإن صيف المنافسة الاعلامية والتلفزيونية احر منه وتتطلب تجديدا واستعداد متواصلين لقد دخلنا عالم الفضائيات والبث المباشر بقوة ولاتأتي اهمية هذه المرحلة في تاريخ التلفزيون في متابعة الجمهور للفضائيات بل من قلق الشعوب والأمم على هويتها الحضارية وخصوصياتها
الاجتماعية والثقافية والدينية.
وفي ضوء هذا التدفق الكثيف للبث القادم من بعيد والذي يحمل ثقافة غريبة تتوغل في عقول الشباب والعامة لمن ليس لديهم القدرة على التميز بين الصالح والطالح، والسمين .. والورم...
فالمعركة الآن هي معركة حضارية، ولا نبالغ فعلا اذا قلنا ان التلفاز هو ميدان هذه المعركة وهو سلاحها ايضا، وبقدر ما تجيد الامم ادارة تلفازها، وتوجيهه توجيها مناسبا تستطيع ان تفوز او تنهزم في معركة الصراع الحضاري والاعلامي والهوية الثقافية.
واذا كان العرب قد دخلوا عالم الفضاء كما دخله غيرهم اذ اصبحت لكل دولة عربية محطات تلفزية فضائية او تحمل في اضعف الايمان بثها المحلي الى الفضاء لعلها تجد مكانا لها تحت الشمس.. الا انهم دخلوا الفضاء من البوابات التي دخل منها البث الوافد.. بهوياته وافلامه ومنوعاته وحتى طرق معالجته للاحداث ونقلها ....
مرطبات اعلامية باردة لصيف حار
واذا كان لفصل الصيف خصوصيه تميزه عن باقي الفصول كما له خصوصية خاصة بكل امة وبكل مجتمع اذ يعتبر الصيف فرصة لتجديد القوى، وفرصة للراحة بعد عام كامل من الجهد والعمل، وفرصة للاطفال والطلبة للعطلة بعد عام من الدراسة والاجتهاد وفرصة ايضا للسفر والترحال وكسر الروتين اليومي بالتحرر من كل القيود والاشارات الحمراء، هذا بالنسبة للمجتمعات والافراد وتجديد الطاقة
اما الصيف بالنسبة للتلفزيونات العالمية فإنه يعتبر من انشط الفصول الاعلامية خاصة وانه يتميز بطول نهاره وسهر ليله اذ تخصص له كل التلفريونات العالمية برنامجا خاصا، وفريقا خاصا، تطلق عليه تسمية الشبكة البرامجية الصيفية.
وهي شبكة برامجية ذات مادة اعلامية مسلية ومريحة تساعد العامل في راحته السنوية والطفل على قضاء عطلته المدرسية، وبهذه الشبكة قد يكون تلفزيون ما او لا يكون شبكة برامجية يعتمد فيها اكثر على برامج الشباب الخاصة بعالم الشباب والتسلية بالعاب مصورة في الهواء الطلق على الجبال او على الشواطئ كرمز للانطلاق والتحرر من كل القيود والالتزامات.
سفر الى التلفزيون
واذا كان وضع المجتمعات الأخرى، خاصة تلك التي نشاهدها على الفضائيات مستقرا ومريحا اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وماديا يستطيع فيه كل فرد ان يتنقل ويسافر ويقضي عطلته في البلد الذي يريد، فيختار نمط عيشه ونمط ترفيهه وطريقة قضاء عطلته .
فإن الوضع في بلادنا يختلف عن هذا العالم الذي نشاهده يوميا في القنوات الفضائية تماما، فوضعنا ليس كوضعهم، فوضع الطبقة العاملة والمتوسطة ببلادنا مرتبط بالمرحلة الصعبة التي تجتازها البلاد، والوضع الاقتصادي غير مستقر، اذ لا تستطيع كل الأسر ان تقضي عطلتها بالكيفية التي تريدها بل هي مجبرة على مراعاة الوضع الذي تعيشه.
وفي هذه الحالة يصبح انيسها الوحيد في هذا الحر الملتهب والذي تنقطع الحركة في نهاره ويصعب النوم في ليله ومسليها الفريد ورفيق قيلولتها وانيس سهراتها، هذا الجهاز العجيب انه التلفزيون - وما يحمل من صور ملونه ومؤثرات جمالية وسحر وجاذبية لينقلنا لعوالم لم نستطع ان نزورها ونمرح في مروجها،
لكن السؤال المطروح - ماذا اعدت تلفزتنا لهذا الموعد
الطويل؟ - وهل ستكون تلفزتنا في مستوى تحدي القنوات الاجنبية بتعدد برامجها وجمالية موضوعاتها واختلاف روافدها ؟ - وهل تستطيع ان تقدم مادة اعلامية تسد به الفراغ اليومي الحار، بمادة تكون في مستوى المنافسة تلبي فيه جميع الاذواق لجميع الشرائح الاجتماعية الشباب والعمال والمرأة الماكثة في البيت، والطفل الشغوف بكل حركة وجديد؟
السؤال مطروح لكم للإجابة بكل موضوعية ...
بتصرف:محمد