السلام عليكم و رحمة الله و بركاته تحياتي للجميـــــــــــــع
يوم الأحد الفارط، كان يوم العطلة الأسبوعية بالنسبة لي، و بما أن الطقس حار، استيقظت باكراً لأجلب كل مستلزمات البيت من أكل و مواد تنظيف و إلى غير ذلك من المتطلبات، قبل أن تبلغ الحرارة ذروتها و يصبح الخروج من البيت بمثابة المجازفة المحفوفة بالمخاطر، أنهيت ما كلفت به في ظرف ساعة تقريباً، بعدها جلست في الصالون لأتابع أحد القنوات الفرنسية التي تبث الاشرطة الوثائقية على شاشة التلفاز، و بينما كانت الساعة الحائطية تشير إلى حلول الساعة التاسعة، و إذ بقرع خفيف على الباب يقطع تركيزي على ما كنت أشاهد و هممت للباب لأعرف من الطارق، فوجدته اسما على مسمى، طارق ابن جارنا يوسف الذي توفي من سنوات مضت في حادث سير، و بعد أن تبادلنا التحايا، بادرته بالسؤال عن سبب مجيئه، فأجاب بنبرة حزينة: " قطتي عمو أسعد من البارحة لم تعد لمنزلنا على غير عادتها، و أخشى أن يكون قد أصابها مكروه"، قلت له انتظرني قليلاً ريثما انتعل حذائي و آتي معك للبحث عنها،
بدئنا بأزقة الحي التي اعتدنا أن نراها فيه، و كنا نسأل أي شخص يعترضنا علّه يرشدنا إلى مكانها دون جدوى، بعد ذلك قصدنا الوادي (واد جاف لا يجري فيه الماء، تُلقى بجانبه الفضلات ليرفعها عمال النظافة صباح كل يوم) الذي لا يبعد كثيراً، و بمجرد وصولنا فجئنا بجثث أربعة قطط في مشهد درامي حزين، و بدأ الطفل في نوبة بكاء عنيفة لم استطع ايقافه لأني أنا بدوري كنت متأثرا كثيرا بما رأيت، بل أكثر من ذلك كنت أُخفي دموعي عنه و في لحظة تمالكت نفسي و حضنته و قلت له لا تحزن تلك مشيئة الله، سأبحث لك عن قطة جديدة تكون لك أنيسا و تنسيك فيما فقدت، و بحزن ردّ قائلا: أنا السبب عمو أسعد، فلولا استهتاري و قلة رعاية لها لما كان مصيرها الموت،
حينها جثوت على ركبتي لأبدو في طوله تقريبا و احتضنته قائلا: "لست أنت السبب يا بني، فأنا أعرف أنك ترعاها و تعتني بها على أكمل وجه، أكيد أنها في غفلة منك خرجت فوجدت جمعًا من القطط فرافقتهم للوادي و هناك حصل ما حصل، و مسحت بكفي يدي دموع عينيه و طلبت منه تأجيل البكاء إلى ما بعد إن كان يريد، و أخبرته بأنه تنتظرنا مهمة عاجلة و أكيدة الآن و التي تتمثل في دفن القطط، و فعلا رجعنا الى البيت و أحضرنا كيسا ، معولا صغيرا و رفشا و قصدنا مكانا غير بعيد عن الوادي بعد أن حملنا الجثث في الكيس، فحفرت حفرة و وضعت فيها الكيس و طلبت من طارق بأن يتم الدفن من خلال إعادة التراب و ردم الحفرة؛
أتممنا عملنا في ثلث ساعة تقريباً، أحسست بعدها أن حرقة الصبي قد انطفأت أخيرا و بدا لي أنه اقتنع بقدر قطته خصوصاً اني وعدته بأن أجلب له أخرى قريبا؛
لم أُحدّث طارق أبداً عن سبب موت القطط حتى لما سألني عن ذلك أخبرته بأنه قد تكون لدغة ثعبان كبير هي السبب، أخبرت الصبي بذلك و أنا في قلبي غصة كبيرة سببها بنو الإنسان كيف لا و السبب الحقيقي هو دواءٌ وُضع بحكمة في قطع لحم لتكون آخر وجبة تتناولها تلك القطط!
من فعل ذلك ألا يعرف أن تعذيب هرة هو سبب دخول إمرأة للنار؟ فما بالك بقتلها و بتلك الطريقة الشنيعة؟
من فعل ذلك ألا يعرف أن مومسا دخلت الجنة لأنها سقت كلبا عطشانا في يوم حر مستعملة خمارها و خفها؟
من فعل ذلك ألا تعرف الرحمة طريقا إلى قلبه؟
أي سبب يجعلك تقتل حيوانا أليفا لم يأتك بسوء؟ بل على العكس القطط ماهرة في صيد الأفاعي و الثعابين و وجودها في الأحياء يجعل الزواحف تتفاداها خشية الهلاك؛
قد يكون القط قد سرق البعض من طعامك أو كان سببا في تكسير بعض الاواني في المطبخ أو غير ذلك، كل هذه الأفعال لا تعطيك الحق في قتله و من يفعل ذلك عليه التفكير ملياً في التوبة قبل فوات الأوان!
إلى هنا أتيت إلى نهاية القصة، لن أطرح أسئلة فالمجال مفتوح لكم جميعاً للتفاعل مع احداثها كيف ما تشاؤون !