عزم أحد الحكماء أن يترك بلده ويسافر بعدما امتلأ بالحمقى والمغفلين ، لعله يجد حكيما مثله يتجاذب معه أطراف الحديث ، وينفع كل منهما الآخر بحكمته
ومعارفه ... لم يكن الأمر سهلا كما توقعه ،لكن لحسن حظه بعد سفر شاق وطويل لمح قرية نائية بمنطقة ذات مناظر خلابة ، فتوسم خيرا ...
معتمدا على عصاه حث الخطى حتى يصل إليها قبل حلول الظلام ، كانت شبه خالية ، فقد كان هناك تجمع مهم لسكانها في وسطها ، جلس فوق تلة قريبة ،
فرأى جمعا غفيرا يجاوز المائة ، ينصتون باهتمام لأحدهم ، وهو يتكلم بصوت جهوري ليسمع الحضور بجانبه رجلان ...
- أصدقائي ! اجتمعنا اليوم لنناقش من جديد فكرة انتخاب قائد لنا ، وقد كان قراركم بالإجماع رفض الفكرة التي طرحها العضو رقم 6 في العام الماضي ..
والآن سيقترح علينا العضو رقم 7 فكرته ، وسنناقشها العام المقبل في مثل هذا الوقت والمكان !!!
كاد الحكيم أن يغمى عليه من هول ما سمعه ، وهرول مسرعا هاربا بكل قوته من هذه القرية الحمقاء !! وهو يشتم ويندب حظه الذي أوصله إلى هذا المكان
الموبوء :
- تبا لكم أيها الحمقى ... تبا لكم .. آآآآآآآآآآآه يا إلهي ارحمني ...
كان يجري بشكل عشوائي ويتعثر ، والغبار يتصاعد وراءه ، وكأنه يهرب من فيروس خطير جدا .. و بينما هو كذلك في تلك الحالة المزرية لمح غبارا يتصاعد
من الجهة المقابلة له ، وسمع أصواتا منخفضة مبهمة لم يتبين معناها ، توقف عن الجري ، و أصغى جيدا ، فسمع صوتا أنثويا تطرب له الأذن :
- تبا لكم أيها الحمقى ... تبا لكم .. آآآآآآآآآآآآآآه يا إلهي ارحمني ... تبا لكم ..
ضحك بشدة ، وخبط الأرض برجليه ، ورمى عصاه عاليا ، وصرخ بصوت عال :
- انتظري ... توقفي ... انتظري ...
كان يعدو بحماس شديد ، كأنه شاب في مقتبل العمر ، وهو يصرخ في نشوة كبيرة :
- شكرا لكم أيها الحمقى ... شكرا لكم ... شكرا لكم أيها الحمقى ... شكرا شكرااااااااا .....
.... تمت ....