بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم و رحمة الله و بركاته تحياتي لجميع الإخوة و الأخوات الكرام و الكريمات 

منذ عدة شهور تناقلت وسائل الإعلام العربية خبر انتحار فتاة و هي طالبة في الجامعة في الثامنة عشرة من عمرها في أحد الدول العربية الشقيقة،لفت الخبر انتباهي فما الذي يدعو فتاة صغيرة في هذا العمر للإقدام على هكذا خطوة و هي لم تر شيئا بعد من الحياة و لم تتلق شيئا من صعوباتها و صدماتها،خاصة أن صياغة الخبر لا توحي بسبب مقنع يدخل العقل لهذا الفعل إذ كان التبرير من الموقع الإخباري أن والدها علق لها على أحد منشوراتها بدعائه عليها بأن يريحه الله منها و يأخذها فردت عليه أنها تتعرض للتقليل منها طوال الوقت من طرف أبيها و أنها تشعر أن الدنيا تكرهها رغم أنها لم تؤذي أحدا بكلمة،و طبعا هذا كلام غير مقنع لا يصدق أن تصعد فتاة و تلقي نفسها من السطح من أجل كم كلمة مؤذية يقولها لها أبوها ما كل الآباء لا بد أن قالوا كلام سيئ بحق أبنائهم لسبب أو لآخر و مع ذلك لم ينتحروا،و الأمر الآخر بالتأكيد هناك سبب وجيه لما قاله أبوها بحقها فلا دخان من دون نار

استثارني الفضول لأدخل إلى صفحتها في الفيس بوك لأقف على حقيقة القصة و أول ما صادفني أن آخر صورة وضعتها في حسابها قبل انتحارها هي صورتها بلا حجاب،و بقية منشوراتها تحمل فكر  "خلطبيطي" فهي تنشر منشورات عن الدين و الحج و أنها تتمنى الحج و العمرة و هذا يدل على أن نشأتها في عائلة متدينة،و المنشورات الأخرى فيها مخالفات للدين مثل فيديوهات من برامج أغاني و فيها نساء يلبسن لباس غير محتشم و هذا دليل على أنه لديها استعداد للتحرر و عدم تقييد نفسها تماما،و أيضا و هنا بيت القصيد و الذي يفك مفاتيح القصة صفحتها مليئة بصورها الشخصية هي و هي تضع حجاب يكشف جزء من شعرها بالإضافة إلى مكياج كامل من أحمر الشفاه و الخدين و المنيكور و هذه الأشياء،و التعليق و دعاء أبوها عليها كان على واحدة من هذه الصور و ليس على المناشير الأخرى

ما منعني من طرح الموضوع طوال هذه الشهور أنه لا يوجد سبب قاطع 100% يمكننا أن نمسك عليه فكرة واضحة نتناقش حولها و أي طرف هو الملام الحقيقي في هذه المأساة،خمنت أن السبب فيما حصل معها هو عدم رضا والدها عليها بسبب ما تنشره عن نفسها من صورها الشخصية و الدليل على أن هذا هو سبب كلام أبوها القاسي عنها أنه علق على واحدة من هذه الصور تحديدا و ليس على منشورات أخرى،و الأمر الآخر هي لم تقل ما هو سبب تقليل أبوها منها على حد تعبيرها و لم تصرح به و هذا مؤشر على أنها ترتكب خطأ تستحق التأنيب عليه لكنها خجلانة من أن تقول عن نفسها أنها مخطئة و تصرح بخطئها و إنما تريد تحويل اللوم لأبيها و لذلك تتحدث بشكل غامض،الأمر الآخر أن آخر صورة تركتها على صفحتها و هي بلا حجاب و كأنه نوع من التحدي و المجاكرة لشخص ما و واضح أنه أبوها،لكن كل هذا يبقى تخمين رغم أن السبب واضح بالنسبة لي وضوح الشمس،لكن مؤخرا عندما فتحت التعليقات على صورتها الأخيرة المليئة بالشتائم و الدعاء على أبيها بأنه حمار و لا يفهم و ليس أب إلخ أحد التعليقات لام أبوها و في نفس الوقت برر لها بأنها في هذا العمر تريد أن تظهر و هي جميلة و تري الناس جمالها و هذا شيء طبيعي و كان على أبوها أن يرفق بها مما أكد لي صحة ما أظنه فتشجعت لطرح الموضوع

طيب دعونا نحلل الوضع و هل الأب مجرم و قاسي أم لا،أولا الإنترنت الذي تستخدمه هذه الفتاة و المكياج و الجوال الذي تستخدمه كله من جيب أبيها،يا رجل الجوال الذي تصور فيه بثلاث كاميرات و أنا عمري بضعف عمرها و ليس لدي مثله،هذا دليل أن الأب كريم و معيش بنته ملكة و مدللها و مو مقصر عليها بشيء،الأمر الآخر الأب شخص بغاية الديمقراطية فرغم أن بنته تخالف أمره مخالفة صريحة و مع ذلك تنشر على صفحتها ما تشاء و لم يمنع عنها النت أو يطردها من المنزل أقصى ما فعله أنه انتقدها و كان صابر على ما تفعله لفترة طويلة حتى طفح به الكيل فعلق على فعلها في العلن،غيره من الآباء في عامة العائلات المتدينة التي لا تقبل نشر بناتها لصورها الشخصية كان قطع عنها النت و صادر الجوال على الأقل هذا إن لم يطردها من المنزل،من يقبل منا أن تنشر بنته صور شخصية لها بدون مكياج فما بالك لو كان بالمكياج الكامل فهذا غير أنه عيب و حرام الأمر الآخر سيشوه سمعتها هي و سمعة العائلة و أخواتها و بنات عمتها و أعمامها و خالاتها و أخوالها،هل هناك شاب متدين و خلوق سيقبل بها أو بواحدة من محيطها،أقلها سيأخذ فكرة سيئة عن كامل عائلتها أنهم متسيبين و لا أخلاق لهم يعني هي ستضر نفسها و ستضر غيرها،و هذا سيحز في نفس أبيها أنها تدمر نفسها بهذه التصرفات و تبعد عن نفسها الشباب المتدينين بل حتى غير المتدينين أيضا،أضف إلى ذلك أنه حكما من دون أدنى شك هناك شباب صيع و ضيع يراسلونها على الخاص بسبب صورها و يقولون لها كلام لا يليق و بالتأكيد أبوها يدرك ذلك و لا يقبله يعني هي بهذا الفعل تجعل الذباب يتكاثرون و يجتمعون عليها فهم يتجمعون حتى على المحترمة التي لا تنشر صورها فما بالك بفتاة تنشر صورها بالمكياج ما هو نوع الناس و ما نوع الرسائل التي ستصلها ماذا سيكون شعور الأب حيال كل ذلك

يعني كل هؤلاء الناس الذين سبوا و لعنوا و شتموا الأب و لا واحد منهم صاير عليه شيء و لا مشكلة كل واحد منهم المهم عنده أن يتسلى و يتفرج فقط على البنت و منشورات البنت فهم لا يشعرون بما يشعر به هذا الأب الذي تعب و أفنى عمره و انحنى ظهره من أجل بنته و من أجل أن تحصل على أفضل حياة و أفضل سمعة و صورة بين الناس و لا يضرها شيء،و لا يشعرون بشعوره عندما يرى كل هذا التعب و العذاب يصبح هباء منثورا لأنهم ناس فاضية لم يتعبوا بأي شيء،فبدلا من أن ينصحوا الفتاة و يلومونها على فعلها إذ بهم يزمرون و يطبلون لها و يضعون لها القلوب و يغازلونها و هذا هو كل ما يهمهم و لا يريدون أبا محبا حريصا يمنعهم من ذلك و لذلك فهم يصبون جام غضبهم عليه و يا للعجب،و لو أن بنت الواحدة منهم نشرت صورها الشخصية لأقاموا الدنيا و ما أقعدوها عليها و لما رضوا بما تفعله

فهذه الفتاة غفر الله لها هي الملومة بفعلها فكان ينبغي عليها طاعة أبيها و الالتزام بأمره و أمر ربها لكنها لم تفعل ذلك،و لو وضع أحدنا نفسه مكان أبيها لجن جنونه لو نشرت بنته صورها الشخصية و بالمكياج أيضا و لم تستجب لأمره،فبالتأكيد أبوها نصحها و صبر عليها لفترة طويلة بالرفق و اللين غالبا قبل أن يقسو عليها،لذلك أتعاطف مع أبيها و ليس معها رغم وقوف كل الناس ضده،و أبوها لم يقتلها أو يذبحها بل هي التي ذهبت و انتحرت بنفسها

فهل تتفق معي في الطرح،و هل ترى الملوم أبوها أم هي،و ماذا تفعل لو أن بنتك كانت تنشر صورها الشخصية بالمكياج على صفحتها؟

شكرا لكم جزيلا و أتمنى أن يحوز الموضوع على إعجابكم و السلام عليكم