حب الأسد
بجوار قريتنا في أعالي جبال الأطلس الكبير
كان يقيم أسد هصور
انتشر الذعر منه لدى الصغير والكبير
وبات مصدر تخويف في سائر الدور
تفيَّأْ ظلالَ الأشجار
واملأ رئتيك برائق العبير
لكن حذار ثم حذار
لا تطرقنَّ منك القَدَمُ
سبيل العرين
في لحظةِ جنونِ القنوط
انتظمتْ لُحْمَتَه وسَداه ظروفُ الحياة
هرعتُ في غفلة من الأهل والأقارب
ووقفتُ عاريَ الصدر
ببوابة مغارة ينبوع الهلع والرعب
ضقتُ ذرعاً بحياة
اندثر فيها أي وميضٍ للأمل
نما في أغوار خيالي
حل تقديم شخصي الواهن الواهي
قرباناً لسيد تلك الآجام
في لحظة أطل وجه مهيب
كالشمس تسطع على الكون في عز الصباح
راح يرشقني بنظرة تَسْتَكْنِهُ حالي
لم أَهَبْهُ
لم ترهبني نظراته الشزراء
طال التحديق
ثم بعد لأي تلاه
إغماض العينين معاً
نصف إغماض
اقتربت منه لأسهل له المنال
لكن ملك الملوك أناخ رأسه
بين القائمتين المبسوطتين بمدخل العرين
ويا لهول شجاعة القانط من الحياة!
اقتربتُ من سيد الوحوش
ورحت أجري بيديَّ على سائر تضاريس الهَامِ
ولعجبي الشديد المباغت
راح يدير رأسه ذات اليمين وذات الشمال
فلم أتهيب
وأقدمتُ وعانقته
فصار بين راحتيَّ
كدمية في حضن صبية
حينها غطتْ قُبَلِي سائرَ محيّاه
واعترى أحشائي شعورٌ غريب
ثمرةُ حبِّ الأسد
قطرة شهد برّي بالغ الصفاء!!
من يومها
عاد لي الأمل المفقود
وصار الأسد ذاك
أسمى العزاء وآمن الملاذ
*