قصة: ألا ليت الشباب يعود يوماً
ذلك البيت ما يزال يردد إلى يومنا هذا ولكن تعود قصته إلى الشاعر العباسي أبو العتاهية الذي كان يردده كثيراً كلما تقدم في العمر وكان شريط حياته يمر أمام عينيه ظل يفكر كان هذا كل ما يمكنه فعله حيث كان يعبر عن حزنه في ذلك البيت من القصيدة لم يستطع حساب بعض سنوات حياته وأين ذهبت تلك السنوات؟
كانت تلك اللحظة التي أدرك فيها أنه سمح للحياة أن تمر به دون أن يعرف أشياء كثيرة قام بها ومنذ بضع سنوات ما زالت تطارده هناك الكثير من الأشياء كان يجب أن يفعلها لكنه لم يفعلها كان يطارده بنفس القدر.

من قائل هذا البيت ألا ياليت الشباب يعود يوماً
هي قصيدة للشاعر أبو العتاهية واسمه كاملاً ( أبو إسحاق إسماعيل بن قاسم العنزي إسماعيل بن القاسم ) ولد عام 748 كان شاعراً عربياً ولد في منطقة عين التمر في البادية العراقية قرب محافظة الأنبار وأجداده من قبيلة عنزة حيث قضى شبابه في الكوفة حيث كان يعمل ببيع الفخار لبعض الوقت وخلال الفترة التي تولى فيها مهنة بيع الفخار رأى مجلس الشعراء في مسابقة وشارك فيها وقام بتأليف التأبين لحاكم طبرستان الأمير عمرو بن العلاء.
ومع تزايد شهرته انتقل إلى بغداد مقر البلاط العباسي وواصل عمله هناك لكنه اشتهر بأبيات شعره الغزلية ولا سيما تلك الموجهة إلى خليلة الخليفة العباسي المهدي وكان حبه بلا مقابل رغم أن المهدي توسط له ومن بعده الخليفة الراشد ولكن بعد أن أساء إلى الخليفة تم سجنه لفترة قصيرة وتوفي عام 828 في عهد الخليفة المأمون.
اشتهر شعر أبو العتاهية بتجنبه للتصنع الذي كان يكاد يكون كونياً في أيامه حيث كان الشعر الأقدم للصحراء يتم تقليده باستمرار حتى هذا الوقت وعلى الرغم من أنه لم يكن يحب حياة المدينة كان أبو العتاهية من أوائل من أسقطوا شكل القصيدة القديم وكان طليقاً جداً كما يعتبر من أوائل الشعراء الفلسفيين العرب ويهتم الكثير من شعره بالتأمل في الحياة وفي بعض الأحيان يكون متشائماً.
قصيدة بكيت على الشباب بدمع عيني
تلك أبيات قصيدة ألا ليت الشباب يعود يوماً وأنها معروفة أيضاً باسم "قصيدة بكيت على الشباب بدمع عيني”:
بَكيتُ عَلى الشَبابِ بِدَمعِ عَيني ... فلَم يُغنِ البُكاءُ وَلا النَحيبُ
فَيا أَسَفا أَسِفتُ عَلى شَبابِ ... نَعاهُ الشَيبُ وَالرَأسُ الخَضيبُ
عَريتُ مِنَ الشَبابِ وَكانَ غَضّاً ... كَما يَعرى مِنَ الوَرَقِ القَضيبُ
فَيا لَيتَ الشَبابَ يَعودُ يَوماً ... فَأُخبِرُهُ بِما صَنَعَ المَشيبُ.
(( المَصدر - المرسال ))