مرحبا
يتجدد اللقاء بنا مرة أخرى في قصة قصيرة إجتماعية مستوحاة من الواقع المعاش و قد تجد نفسك عزيزي القارئ خلال أطوار و أحداث هذه القصة و تعيش في طياتها ، أتمنى أن تعجبكم القصة و أشكركم على تفاعلكم الكبير مع أعمالي السابقة فهذا لا يزيدنا إلا رغبة في الإبداع أكثر و نشر قصص أخرى مستقبلا
على بركة الله نبدأ في سرد القصة و التي تدور أطوارها حول ماريا ، وهي شابة في أواخر العشرينيات و تشتغل كطبيبة بيطرية في عيادتها الخاصة ، عاشت ماريا طفولة إستثنائية فقد كانت ولا زالت مدللة أمها و أبيها الذين يملكون شركة كبيرة مختصة في مجال إستيراد و تسويق السيارات.
فقد كانت و هي طفلة تحضى بعناية كل من يحيط بها كونها إبنة شخصية مهمة في البلد و له نفوذ ، كما لو أنها إزدادت بملعقة من ذهب في فمها و رضعت العسل مكان الحليب.
ماريا كانت دائما في مرتبة خاصة فلا هي ترضى بمعاملتها كباقي زميلاتها في المدرسة ولا أحد يجرؤ على ردعها فهي قادرة على تحريك والديها و تغيير كل من لم يصطف في صفها ، ماريا تعمل المشاكل و والداها يحلان المشكل مهما كان نوعه و رد الأعتبار لإبنتهم كما لو أنها الطرف المظلوم.
تولدت عند ماريا الرغبة في الإستقواء منذ نعومة أظافرها فلما حازت على الباكالوريا قررت الدخول إلى معهد الزراعة و البيطرة فمدير المعهد شخصيا قام بتسجيلها و نصح أساتذتها بترتيب أوراقهم جيدا أمام السيدة ماريا فكانت جميع علاماتها ممتازة رغم أن هناك طلبة يجتهدون و يعملون ليل نهار و يتساءلون كيف لا نحصل على نقط ماريا وهي لا تشارك بالقسم مثلنا ولا تشارك بالأنشطة التطبيقية ؟
فعلا من يجرؤ على كسر مزاج ماريا؟ فها هي اليوم خريجة المعهد في الصف الأول مع أنها لا تكتسب لا مقومات ولا كفاءة.
وعد الوالد إبنته المدللة أن يهديها عيادة خاصة في موقع فاخر من المدينة عربونا على إجتهادها في التحصيل الممتاز و رفع إسم العائلة في العلالي ، و مرت الأيام لتصير المدللة ماريا طبيبة بيطرية بعدما أوفى الوالد بوعده و تكلف بمصاريف إنشاء العيادة و من أول يوم أصبح الناس يتهافتون على العيادة خصوصا أنها تتواجد في حي مميز و أصحابه يميلون لتربية الحيوانات الأليفة ، لكن أيضا أثارهم الفضول لإكتشاف البيطرية نجلة أكبر مستورد للسيارات بالبلد ، فتفاجأ الناس كون ماريا لا تقوى على فحص و تشخيص حيوانات زبنائها فسرعان ما ترتبك و تحاول قدر الإمكان الخروج عن الموضوع و تغطية فشلها أمام مرتادي العيادة بكون والدها هو البورجوازي مستورد السيارات.
يوم على يوم أصبحت ماريا تشعر بالملل فالعيادة فارغة و مشروعها يسير نحو الفشل و الضياع بل فكرت جديا في التخلي عن مهنة البيطرة نهائيا لكن حدث ما لم يكن في الحسبان...
في أحد الأيام تطرق إحدى الزبونات المسماة حياة الباب بشدة و كأنها غاضبة ، السكرتيرة تستقبل الزبونة وسط هلع في العيادة.
السكرتيرة : ما بيك يا سيدتي ؟
حياة : أين هي تلك المسماة بالطبيبة لقد قتلت طفلي
-ماريا تخرج من مكتبها-
حياة : أيتها الكاذبة لقد قتلتي قطي ، لعنة الله عليك !
ماريا : من أنت يا متخلفة و كيف تجرأتي على نعتي هكذا ؟
حياة : لقد جلبت لك قطي الصغير و أغلى ما أملك قبل أسبوع و قلتي لي أنه يحتاج حقنة لكنه توفي بعد ذلك و لما سألت ذهبت به عند البطري المجاور قال أن هذه الحقنة هي للكلاب وليس القطط (لعنة الله عليك يا قاتلة سأتابعك قضائيا)
ماريا : أغربي عن وجهي و إلا أبرحتك ضربا أنت لا تعرفي من أكون
أمسكت الطبيبة ماريا بالسيدة حياة من شعرها و رمت بها خارج العيادة أبدت السيدة مقاومة شديدة لم تتمكن السكرتيرة و ماريا من إغلاق الباب كون حياة تمنعهم من ذلك و تدفع للداخل بكل ما آتاها من قوة ، تتغلب عليهم و تسقطهم أرضا داخل العيادة ثم تلعنهم في وجههم و تغادر نحو الدرج ، ماريا و على غفلة تمسك بآلة حادة و تسرع نحو حياة فإذا بها تطعنها في اتجاه القلب و ترديها جثة هامدة.
حياة في دمة الله و ماريا تعود للعيادة و كأن شيئا لم يكن تتصل بأبيها ليأتي و يخفي آثار الجريمة فتخبره أنها تعرضت لمحاولة سرقة.
بعد ساعات يحضر الأب لكنه تأخر لم يجد سوى الشرطة و هي تقتاد مدللته الصغيرة إلى مركز التحقيق ، يصرخ إبنتي مظلومة و قد تعرضت لمحاولة سرقة إنها كانت في حالة دفاع عن النفس و سأوكل 20 محاميا لإخراجها ستندمون جميعا... فجأة يداهمه عميد شرطة و برفقته طبيب العظام و المفاصل المتواجد في نفس الطابق و يصرح له أنه شاهد الحادث بواسطة كاميرات المراقبة و أن ماريا إعتدت على السيدة و قتلتها عمدا وليس كما تدعي هي.
أدرك الأب أن ماريا في ورطة و سمعته ستصبح في الحضيض فمن سيثق بالتعامل مع شخص لم يربي إبنته على الإحترام و النزاهة ، دخلت ماريا السجن و تعلمت درسا قاسيا تحت عنوان " كن إبن من شئت و اكتسب أدبا "