تراءى له شبح السيارة الأجنبية قادما من بعيد هناك خلف التل، يقطع هدير محركها صمت هذا الحي المتواري عن ضجيج المدينة، وشيئا فشيئا بدت الوجوه تتضح خلف زجاج نافذة السيارة...
حين اقترب الوفد من باب المنزل، كان "هو" لازال متسمرا بالسطح، كعادته كل صباح مشمس يصعد إلى هناك ليجدد خلايا جسمه، ويسمح في الآن ذاته لذرات النسيم أن تنفذ إلى دواخله، فترمرم ما تصدع منها بفعل ذلك الفراق المفاجئ، الذي ألزمه الفراش شهورا في محاولات يائسة للتمسك بالنسيان، لكن تبوء كل محاولاته بالفشل الذريع حين يرن هاتفه بذلك الرقم القادم من وراء الضفة المتوسطية ليطمئن عليه، دون أن يدري أنه الجلاد المسبب لكل تلك المآسي...
- ألازلت تتسكع هنا ؟.. ألا تخشى أن تضاعف شمس الصيف من مرضك ؟...
تقطع تأملاته نداءات قريبته وهي تحته على النزول إلى وسط الدار فقد قدم الضيوف...من وراء الضفة..كعادتهم كل عطلة صيف...
،،، " ولا أتعس من عاشق يهبط الدرج" ،،،
وعدها أنه آت بعد لحظات ليشاركهم حفاوة الإستقبال واللقاء... لتلتقي عيناهما..وجهان..أحدهما قد زادته الرطوبة نضارة وآخر قد بدت عليه تقاسيم من جاوز عقده الرابع ببضع سنوات ونيف، والكبرياء كالخجل، يمنع كلاهما من البوح...
،،، " تقول ماعرفتك ماعرفتيني.. زوج خطوات بينك وبيني"...،،،
أياما مرت وتلتها أسابيع انصرمت في لمح البصر.. ليعود هو لعاداته..متأملا شبح السيارة الأجنبية تمضي بعيدا خلف التلال...
،،
29-08-2022
،