مرحبا
قصتنا اليوم هي قصة إجتماعية من وحي الخيال سأحاول من خلالها أن أقربكم من بعض الأمور الحساسة و التي يغفل عنها الإنسان في قالب الإبداع و التأمل.
و تدور أطوار القصة حول الشخصية الرئيسية "أمير"
رجل عازب يبلغ من العمر 35 سنة و يعمل مدير الموارد البشرية في شركة خاصة بالأشغال العمومية ، كان أمير قاطنا بمدينة مغربية ساحلية معروفة بالهدوء و السكينة فلا أحد يتذكر هذه المدينة إلا صيفا لنقاوة شاطئها و حفاوة استقبال أهلها للسياح الذين يأتون من مختلف ربوع البلد لكن سرعان ما تعود المدينة لطي النسيان في فصل الخريف حين تصبح الشواطئ خالية من المصطافين فترجع الحياة لطبيعتها هناك.
كان أمير وحيدا طيلة حياته فإخوانه هاجروا قبل سنوات إلى أوروبا و استقروا هناك أما والديه فقد عادوا للعيش في مسقط الرأس بأحد البوادي بعد التقاعد ، فكان أمير دون أصدقاء ولا أحباب وحيدا كاليتيم فليس له إلا كلبه الوفي "نينا" الذي ينسيه قساوة العيش بعيدا عن أهله.
كانت نينا قرة عينه فلا يتركها تغفل عنه و ترافقه أينما حل و ارتحل لدرجة أنها تظل في سيارته الخاصة أثناء مواعيد عمله.
كان أمير إنسانا بشوشا و محترما لدى الجيران كونه يقطن في حي راقي و يمد يد المساعدة لجميع المحتاجين فسخاوته و حلاوة لسانه كانت تضعه في مرتبة مميزة لدى كل من واجهه ، لكن رغم ذلك لم تكن هذه هي الحقيقة الكاملة فأمير ليس هو هذا فحسب لقد كان شخصا فاسدا في حياته العملية يطلب الرشوة من زملائه في الشركة من أجل منحهم ترقيات أو مكافئات إضافة إلى أنه كان إنسانا متحررا و بعيدا كل البعد عن الإلتزامات الدينية فلما يرى شخصا ملتزما يصفه بالمتشدد و المتخلف في حين أنه كان مدمنا على شرب الخمور و الليالي الحمراء مع بائعات الهوى لكن لا أحد كان يعلم بذلك و كل الناس تقول أنه إنسان تقي و محترم.
فقط الكلب "نينا" الوحيد من يعلم الحقيقة و تفاصيلها.
فذات يوم و هو يصطحب إحدى فتيات الليل لشقته المحادية للبحر و بعد قضاء ساعات من الفجور و المحرمات حتى الرابعة فجرا غادرت المدعوة الشقة بعد نهاية المهمة لكن أمير أحس بشيء غير عادي تلك الليلة و انتابه القلق و لم يستطع النوم في جلس في البهو يفكر ما الذي أصابه ؟
و فجأة أحس بصوت ما في المنزل .. ما الخطب يا ترى؟
الفتاة غادرت قبل قليل و أنا وحدي في البيت
صرخ وفاااء هل أنت هنا ؟
لم يجب أحد
عاد أمير إلى مكانه و هناك وجد المفاجئة
يا إلهي ما هذا ؟ نينا تتكلم ؟
نينا : نعم يا أمير لقد حدث الأمر بالفعل
أمير : لا أكاد أصدق هل أنا أحلم ؟
نينا : أنت لا تحلم يا أمير لكن جاء وقت كشف حقيقتك
أمير : أي حقيقة يا نينا هل قصرت في حقك ؟
نينا : لا بل قصرت في حق نفسك
أمير : لم أفهم قصدك جيدا فأنا شخص محترم و جميع الناس يقدرونني
نينا : هذا ما يعلمه الناس لكن ما أعلمه أنا و ما رأيته و ما سمعت من زلات و سيئات هو الحقيقة
أمير : صحيح لقد كنتي يا نينا أغلى ما أملك و شاهدة على كل أفعالي
نينا : راجع نفسك و اتق الله بالعودة للطريق المستقيم
أمير : ونعم بالله لقد كان قل ما قلته صوابا فلقد فقدت طريق الله و صرت ضالا في طريق الشهوات و النزوات
نينا : أنا فخورة بك لقد كنت إنسانا مثاليا طيلة 12 سنة عشت معك لحظات رائعة و ما كان ينقصك سوى التقرب من خالقك و تهديب نفسك قبل فوات الأوان و تسليم الروح لبارئها
أمير : صحيح لقد فكرت لدنياي و نسيت آخرتي
نينا : أما أنا يا أمير فحان وقت وداعي و الحمد لله أنني نبهتك قبل ذلك ، مع السلامة يا أفضل رفيق.
بكي أمير كثيرا بعد وفاة نينا و تذكر كلامها معه في آخر لحظاتها ليفتقد روحها النقية و يغير حياته كما أوصته بعيدا عن المعاصي و لهوه في الماضي.