منظره الرائع وألوانه الجذابة وشكله الهندسي المميز ليست وحدها ما لفت النظر إليه وجعله إحدى عجائب خلق الله.
فبساطة تكوين حيوان "نجم البحر" وجماله ووداعته الظاهرة لا تدل أبدا على أنه مخلوق معقد وغريب ومفترس في الوقت نفسه، فهو من أشرس المخلوقات المفترسة في البحار والمحيطات بامتلاكه معدتين تمنحانه قدرة عالية على اصطياد فريسته والتهامها دون رحمة، فبعد انقضاضه على فريسته يقوم بإخراج إحدى معدتيه خارج جسمه وهضم فريسته في مكانها وتحويلها إلى سائل، تقوم المعدة الأخرى بشفط هذا السائل إلى داخل جسم نجم البحر، لتبدأ عملية الهضم الداخلية!
ولكن كيف سيتوزع هذا الغذاء على سائر جسم نجم البحر، وعروقه لا تسري فيها نقطة دم؟ هنا تكمن معجزة أخرى، حيث يقوم ماء البحر المالح بدور الدم، بعد أن يمتص نجم البحر كمية من المياه المالحة يضخها في سائر جسده، لتتمكن أجزاؤه من الحصول على الغذاء والأوكسجين اللازم لتحيا!
كل هذا التحايل وهو لا يمتلك دماغا ولا جهازا عصبيا ولا حتى وجها! إنما يمتلك جهازا حسيا بسيطا يستخدمه في عمليات اللمس والشم والتذوق والاستجابة إلى الضوء، وعيونا على رؤوس أطرافه يحصل منها على معلومات بصرية تحدد له اتجاه حركته وتوجهه الوجهة الصحيحة، من خلال معلومات تجمعها عيونه من مسافة مترين، حسبما توصل إليه عالم من "جامعة كوبنهاجن" بعد أن حير نجم البحر العلماء بتصرفاته رغم عدم وجود دماغ له!
والأدهى من ذلك أن هذا الحيوان يستطيع تغيير جنسه من ذكر إلى أنثى والعكس، حسب الحاجة، فقد يحتاج إلى التزاوج فلا يجد حوله إلا الذكور، فيتحول إلى أنثى! وبعد فترة يمكن أن يعود إلى جنسه الأصلي مرة أخرى، ويرجع السبب في هذا التحول إلى عدم وجود الشريك المناسب بسبب حرارة المحيطات وقلة الطعام! وهناك نوع ثالث منه يحمل أعضاء ذكرية وأنثوية في الوقت نفسه، ما يمكنه من إيجاد شريك دون أن يضطر إلى التحول.
كما يمتلك معظم أنواع نجم البحر قدرة عجيبة على تعويض أطرافه المقطوعة، فإذا انقطعت منه ذراع أو اثنتان يستطيع تعويضهما، وذلك بسبب احتفاظه بمعظم أو كل أجزائه الحيوية في أطرافه، وبعضه يستطيع استحداث نفسه بالكامل مرة أخرى من مجرد جزء صغير منه!
ورغم شراسته وفتكه حتى ببني جنسه إذا اضطر إلى ذلك ووجود أنواع منه تحمل أشواكا على جسدها وتنبعث منها مواد سامة تقضي على فريستها إلا أنها مخلوقات ضعيفة في مواجهة الأمراض، ما تسبب في نفوق أعداد كبيرة منها نتيجة ضعف مناعته، ففي العام الماضي 2014 وجدت أعداد هائلة منه ملقاة على سواحل المحيط الهادي الشمالية والجنوبية من المكسيك وألاسكا ــ فسبحان الخالق الذي خلق فأبدع.
