الحَمَلُ يطير في السماء أو زمان كَأَنَّ ................. بقلمي
آخر
الصفحة
سوسن2022
  • المشاركات: 43
    نقاط التميز: 105
عضوة مبتدئة
سوسن2022
عضوة مبتدئة
المشاركات: 43
نقاط التميز: 105
معدل المشاركات يوميا: 0
الأيام منذ الإنضمام: 904
  • 15:50 - 2023/02/08

 

[بمناسبة زلزال سوريا / تركيا الاثنين 06 02 2023]

 (رحم الله الضحايا، وأنعم بالصحة والسلامة على من نجا)


الحَمَل يطير في السماء


أو

 

"زمان كأنَّ"


 

مَرْجٌ ممتد أمام النظر، وصولا إلى سفح الجبل،

ثم إن جانباً منه تسلق الطود، كأنما هو يروم الوصول إلى القُنّة،

ولكنه، لعوامل، يتوقف فجأة عن الارتقاء.

وها السفح الممتد، قد أخرج ما كمُن تحت الثرى،

ثروات طبيعية غنّاء، وكل قطعة أرضية تزهو بما تبديه من أنواع النبات.

 


ففي ذلك المرج، كان يسوق الراعي "حليم" أمامه غنمه،

وفيها حَمَلُه المُدلل "جوهر".

فهذا قد بالغ "حليم" في العناية به إلى أن حلّى عنقه بقلادة

كادت أن تكون من ذهب. لم يشترها، وإنما أهدتها له، لاستلطافها إياه،

سائحة رافقها وسيط وحازت جزءاً من القطيع.

ذهبت هي لتحتفل بما اقتنته من أغنام،

هاته  الأغنام التي ظهر لها مصدر تغييب آخر تمثل في الإنسان،

وعمد حليم إلى أقرب المقربين إلى قلبه، في قطيعه، حَمَلِه جوهر،

فأخذه بين يديه، في حنو الأم الرؤوم على حبيب من أحباء فلذات كبدها،

وحلّى به عنقه.

كانت القلادة مقلَّدة لقلائد الملوك والرؤساء والحكام.

إنها كقلائد الأوسمة التي يحيط بها هؤلاء أجياد الموَسَّمين.

وكان الحمل ينط بخفة ونشاط،

 وكأنما أوصاله قد اتخذت منها السعادة لها موطناً.

في المرج المخضر،

فالفصل ربيع،

والسماء بدت راضية عما تُكبّ عليه من أطراف البطحاء.


لاعب الراعي جوهراً،

ثم عاد إلى عادة بعض الرعاة، فارتكن جانباً ظليلا، وأخرج نايه،

وراح يطلق في الفضاء النغم تلو النغم،

ويتنبه إلى تأثير ألحانه على الحيوان والأزاهير من حوله،

فينتشي منه الكيان، كظمآن تناول من البنّ فنجاناً،  

قدح قهوة بالغة صفاء السواد.

وفي لحظة، أغمض عينيه، واستمر في النفخ.

وتتالت السمفونيات الممهورة باسم الراعي حليم،

إلى أن تناهى إلى سمعه حركة غريبة في القطيع،

كأنما هي تعدو في كل مكان،

ففتح عينيه،

ويا لهول ما رآه!

 

رأى باشقاً غرس مخالبه في ظهر الحمل جوهر

وراح يرتفع به إلى أعلى، فأعلى

ميمماً شطر قمم الجبال وما انبتَّ فيها من ثقوب ومغاور.

 والحمل معلق في عنان السماء،

وكأنما هو قد أحس بلذة مّا وهو يتأرجح في الفضاء،

رغم الوخزات التي كانت تؤلم ظهره.

 

هو نوع آخر من التغييب.

 

ووجَّه الراعي نايه، بيده اليمنى، وقبضة يده اليسرى،

متهدداً، صارخاً، في اتجاه الباشق الغازي،

 ولكن، متى كان الناي وقبضة يد بدون سلاح

وسيلة تهديد حقيقي لهذا النوع من الطيور

المنقضة على المخلوقات

انقضاضها المحموم الناسف لسائر التوقعات والتقديرات؟!


سقط حليم كالمغشي عليه، وغاب الباشق بما حمل.

وفجأة شعر بحركة غريبة تنبعث من تحت الأرض.

وقف وفتح كلتا ذراعيه، وصرخ فوق رؤوس أغنام القطيع:

إنه الزلزال، الزلزال،

فما العمل،

ما العمل يا رب الأرباب،

ويا محرر الرقاب؟!!  

 


 وفاجأه صوت من الغيب، لا يَرَى له طيفاً، يقول:

فإنكم إنما أنتم تعيشون في "زمان كأن"؛

 

كأنما أنتم في سلام،

وفجأة حروب وقد انطوى للسلام كل لواء،

 

تآلفٌ مع الطبيعة،

وعلى حين غرة، يغدر الإنسان بالبيئة،

أو ينتفض جزء في الطبيعة،

فيتوارى كل أثر للسلام..

 

هو ذاك زمانك يا حليم..

"زمان كأنَّ"


وما كان قد كان!!


 الحَمَلُ يطير في السماء أو زمان كَأَنَّ ................. بقلمي
بداية
الصفحة