السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المسؤولية الطبية موضع بحث وتمحيص منذ قرون ولقد عرفت جميع الحضارات الإنسانية القديمة
موضوع المسؤولية الطبية اسمحوا لي استعراض لمحة موجزة تاريخية عن ذلك
ففي الديانة الفرعونية : كانت تصل عقوبة الطبيب إذا أخطأ درجة الإعدام
ولدى البابليين كانت شريعة حمورابي: تقضي بقطع يد الطبيب الذي تسبب بموت مريضه
وعند الإغريق: كانوا يألهون أطبائهن وكان إله الطب عندهم أسكلابيوس وهوصاحب شارة
العصا والثعبان التي تستخدم الآن للدلالة على مهنة الطب والصيدلة وكان من أشهر أطبائهم
أبقراط كان المريض عندهم لا يسأل إذا توفي المريض رغماً عنه ويسأل جزائيا إذا كانت الوفاة
بسبب تقصير الطبيب أو خطئه
وعند الرومان: كان أشهر أطبائهم جاليانوس كان يصل عقاب الطبيب الذي يخطئ عن سوء نية
وتعمد إلى درجة الإعدام ومطالبة أهل المريض بثروة الطبيب
في العصور الوسطى: كانت عقوبة الطبيب في حال وفاة المريض الناجمة عن إهماله تصل إلى الإعدام
أما عند العرب والمسلمين: برع ابن سينا والرازي وابن النفيس كان يمكن الحجر على الطبيب الجاهل
وجاء بالحديث النبوي الشريف أن " من تطبب ولم يكن بالطب معروفاً فأصاب نفساً فما دونها فهو ضامن "
ومرت طبيعة المسؤولية التقصيرية للطبيب بتطور إلى أن وصلت لعصرنا هذا وكانت محل خلاف
وأغلبها حددت أركان هذه المسؤولية بالخطأ والضرر والعلاقة السببية ووجود الالتزام العقدي
بين الطبيب والمريض ونشأ ما يسمى أزمة المسؤولية الطبية التي اقتصرت على التعويض
وكما يقول المثل راح الغالي لا أسفاه على الرخيص وبماذا سينفع التعويض عندما تفقد الروح
وتزعزعت العلاقة بين الأطباء والمرضى وبات من الصعب إثبات الخطأ الطبي التقني
ورغم كل المحاولات والتشريعات التي نظمت ذلك فقد استطاع بعض الأطباء التملص من
المسؤولية وتراهم قبل دخول المريض لإجراء عملية جراحية قد نظموا ورقة وضعوا فيها كل ما يلزم للتملص من المسؤولية والمريض أو أهله مجبرون
على التوقيع في ذيلها حتى دون أن يعرفوا ما هو مضمونها ويقولون لك إجراء روتيني
بالنهاية بقيت هذه المسؤولية غير مفعلة لأنها قوبلت بصعوبة على أرض الواقع بالتنفيذ
الموضوع للمناقشة
بقلمي