بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم و رحمة الله و بركاته تحياتي لجميع الإخوة و الأخوات الأعزاء من أعضاء المنتدى الكرام
لطالما سبب لي مصطلح الثقة بالنفس الكثير من الحيرة و الإرباك فلا أدري ما معنى ثقة في النفس أو شخص واثق في نفسه بالضبط و أشعر أنه مصطلح لا معنى له،لو نظرنا له بمعنى أنه الشخص الذي لديه إيمان بنفسه مثلا و قدرته على تحقيق أهدافه،هنا يبرز سؤال كبير من قال أن شعور شخص ما بأنه قادر على النجاح و تحقيق أهدافه أنه سيحققها على الواقع،سنفرض أن شخصا ما لديه ثقة تامة بأنه سيصبح ملياردير و آمن ذلك إيمانا تاما،هل هذا يعني أنه سيصبح كذلك على أرض الواقع،بالطبع لا و إلا لكانت الوصفة المثالية ليصبح أي إنسان ملياردير أن يثق من قلبه تمام الثقة أنه قادر على ذلك،فعندها هذه ليس اسمها ثقة في النفس بقدر ما تسمى ضحك على النفس و الإيمان بذلك من كل القلب من دون أية أدلة و ليس قائما على أي أساس و هذا يمكن أن نطلق عليه هبل و بلاهة و ليس ثقة في النفس،مثل هؤلاء المعاتيه الحمقى الذين يظنون أنفسهم أنهم أنبياء أو آلهة أو روح الله حلت فيهم و يصدقون ذلك من كل عقولهم و هم بالفعل يصدقون ذلك يقول لك أنا نبي أو أنا الإله و يصدق و يؤمن بذلك من كل عقله
هل الثقة في النفس هي الشعور بأن شخص ما لديه القدرة على إنجاز ما يمكنه إنجازه،مثلا طالب عبقري و مجتهد لديه الثقة في نفسه على تحقيق الدرجة الكاملة،طيب أين الغريب في ذلك و أين الثقة في النفس طبيعي أن أي إنسان يشعر بقدرته على إنجاز مهمة معينة أنه سيقوم بإنجازها ما هي قيمة و أهمية الثقة في النفس هنا و ما الشيء الذي يستحق أن نمدح هذا الشخص عليه،ربما أمدحه على ذكائه و عبقريته و قوة ذاكرته في هذه الحالة لكن ليس ثقته في نفسه لأن ثقته في نفسه في هذه الحالة هي تحصيل حاصل و ليس صفة قائمة بذاتها يستحق المدح عليها،فمثل هذا الطالب المجتهد قد يكون ضعيف البنية مثلا و ليس قادر على الفوز بأي عراك يدخل فيه بسبب ضعف بنيته فبالتأكيد لن تكون لديه ثقة في النفس في هذه الناحية و لا عجب لأن ذلك خارج حدود قدراته
كثيرا ما يتهم شخص ما أنه ليس واثقا بنفسه و يستقل بها و بقدراته و يعتبرون ذلك عيبا فيه مع أن هذا اتهام غريب،فلو قام هذا الشخص بالحسابات العقلانية لأثبت لهم أن الهدف الذي يسعى إليه ليس في المتناول و أن هذا تصور عقلاني ناجم عن معطيات واقعية و ليس عن اجترار عاطفي فهو حتى لو امتلك الإيمان و الثقة التي يتحدثون عنها فهو لن يحقق هدفه،فالمشكلة في معطيات تحيط به و في الظروف و ليست المشكلة مشكلة شخصية و قدرات،فهذا ليس اسمه ثقة في النفس بل تعاطي عقلاني واقعي مع الأمور،و لو حاول هؤلاء الذين يتهمونه هذا الاتهام تحقيق هذا الهدف لما استطاعوا،هم فقط شاطرين بتوزيع الوعظيات و النصائح و الغرق في عالم الخيال مع أنهم هم أنفسهم عاجزون تماما مثلما هو عاجز عن بلوغ الهدف
كانت لدي زميلة في العمل شايفة نفسها شيء كبير و مصدقة نفسها من كل عقلها و معيشة نفسها في عالم الثقة في النفس الوهمي الخرافي المزعوم،هي تفتخر بأن لديها أربع شهادات مع أنها شهادات عادية و أقل من عادية و أي شخص عادي يمكنه الحصول عليها،و هي ربما لم تقرأ كتابا واحدا في حياتها حياتها في المكياج و المسلسلات و قصص البنات،ذات يوم من حوار لحوار قالت لي يا أخي تخيل حتى النفط أول دولة في العالم اكتشفوه فيها هي سوريا!!أدرت رأسي يسرة و يمنة لأنني أول مرة في حياتي أسمع بهذه المعلومة،قلت لها مستحيل أول حقل نفط تم اكتشافه في العالم إما في العراق أو إيران حتما واحدة من هاتين الدولتين لكن لا أذكر بالضبط،مستحيل أن تكون سوريا،فقالت لي اسمع أنا أقول لك أنا واثقة في نفسي سوريا و ليست العراق و لا إيران،قلت لها طيب سأراجع معلوماتي و أخبرك في الغد،تأكدت من المعلومة و بالفعل أخبرتها في اليوم التالي أن حقل كركوك في العراق هو أول حقل نفط مكتشف في العالم،نظرت لي و بحلقت بي و هي غير مصدقة و انعقد لسانها و لم تدر ماذا تقول!!!و قالت لي حقا اممممم حسنا،يعني حتى اعتذار لم تعتذر عن أنها اخترعت معلومة لا وجود لها من رأسها و صدقتها فوق ذلك،فهل هذه ثقة في النفس أم استهبال و تمظهر و ادعاء لا أساس له
فما رأيك عزيزي القارئ كيف تعرف الثقة بالنفس و هل هي ذات معنى بالنسبة لك؟